في مقالها المهم تتبع الباحثة الجزائرية مسيرة هذا العلم من بدايته كبيان لأصول الدين والدفاع عنه إزاء تحديات الملل المخالفة، وحتى تحوله إلى الانتصار لصيغة واحدة واستبعاد ما خالفها عن طريق التبديع والتضليل. وتخلص لضرورة البحث عن غاية جديدة له كصيغة لقبول التعددية الفكرية داخل الحيز الكلامي.

نحو غاية جديدة لعلم الكلام

زبـيـدة الطـيب

 

مفتتح المقال:
يشكل التجديد في العلوم والمعارف الإسلامية أحد أبرز اهتمامات الفكر الإسلامي المعاصر. ويعد علم الكلام، فيما أرى، أهمها نظرا للمكانة التي يحتلها هذا العلم بوصفه العلم الذي يستبطن التصور الإسلامي، ويحدد نظرة المسلمين إلى الله والكون والحياة والإنسان. وهو ما دعا المهتمين والباحثين إلى محاولة تجديده بالتركيز على ما يعرف بالأضلاع الستة لهذا العلم. والمراد بها: تعريفه، موضوعه، مسائله، لغته، منهجه، وغايته.

وقد استحوذ البحث في تجديد غاية علم الكلام نصيبا كبيرا من ذلك الاهتمام؛ ولذلك يتساءل الباحث في هذا المقام عن أية غاية نرومها ونريد لعلم الكلام أن يحققها اليوم؟ هل تشكل الخلافات في الموضوعات العقدية بين الفرق والمذاهب الكلامية والمفضية إلى التشرذم، وحتى الاقتتال، أحد اهتمامات المفكرين والباحثين والمهتمين بتجديد علم الكلام؟ أقصد هل عني هؤلاء بتجديد غاية علم الكلام في اتجاه المساهمة في الحفاظ على وحدة المسلمين وتجاوز داء الخلاف الذي يحصد أرواحهم ويذهب ريحهم بين الأمم اليوم؟ ومن ثمة الذهاب إلى تطوير الدرس الكلامي بما يؤهله لاستيعاب الخلافات وإحداث الانسجام الفكري بين المكونات الجامعية (أساتذة وباحثين وطلبة) داخل الجامعات المتخصصة وفي قاعات ومدرجات الدرس أوَّلاً وبين مكونات المجتمع والأمة تالياً؟ وجواب تلك الإشكالية يتطلب معالجة العناصر التالية:

أولا: معاني التجديد في علم الكلام.
ثانيا: غاية علم الكلام القديم.

ثالثا: غاية علم الكلام في فكر النهضة وما تلاها.
رابعا: غاية علم الكلام الجديد... أية صورة؟

أولا معاني التجديد في علم الكلام:
أبرز معاني التجديد التي تتبدى للباحث في مسألة تجديد علم الكلام يمكن إجمالها في النقاط الآتية:

1/ قَصَر البعض تجديد علم الكلام على الجانب المؤسساتي؛ فرأى أن تجديده يكون "بتحويل الجهد الكلامي إلى مؤسّسة أو مأسسة علم الكلام، وذلك من خلال الاهتمام بمجموعة أمورٍ من قبيل تشكيل مؤسّسات ولجان لتصحيح التراث الكلامي وإخراجه من المكتبات القديمة ومن عالم المخطوطات وتحقيق هذه الكتب وطباعتها طباعةً عصرية، وكذلك إقامة المؤتمرات الدورية والملتقيات والمنتديات التي تُعنى بالفكر الكلامي، وتأسيس مكتباتٍ كلاميّة متخصّصة تتوفر فيها جميع المصادر والمراجع الكلامية القديمة والحديثة، وكذلك تأسيس بنوكِ معلوماتيةٍ كلاميّة تسهّل على الباحثين المادة الكلامية، وتحويل علم الكلام إلى عالم الانترنت والكمبيوتر ونحوها، وبالإضافة إلى ذلك كلّه الاهتمام بالإصدارات الكلامية المتخصّصة من مجلاّتٍ ونشريّات ودوريّات، وكذلك تهيئة معاجم مفهرسة ومعاجم مصطلحات ودائرة معارف وموسوعة."[i] وهذا ضرب من الاهتمام له قيمته الفكرية والثقافية التي تعنى بنفض الغبار عن التراث الكلامي، وإخراجه في حلة عصرية وتقديمه إلى الباحثين والمهتمين عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة.

لكن هل تقديم علم الكلام، أو أي علم آخر، بصورته القديمة عبر وسائل جديدة يعد تجديدا؟ وهل إقامة ندوة هنا ومؤتمر هناك لمناقشة مسائل كلامية قديمة لا يستفيد منها غير الباحث المتخصص استفادة معرفية بحتة هو المراد بالتجديد؟

2/ وذهب البعض إلى أن المراد بتجديد علم الكلام هو "القطع مطلقًا مع الكلام القديم بكلّ خلفياته الحجاجية والجدلية والتناظرية، وإعادة تنظيم الخطاب الإسلامي ومراتب "الحوارية" فيه بحثًا عن عقلانيته المفقودة."[ii]ومعنى التجديد هنا، كما هو واضح، يقصد مجاوزة منهج علم الكلام القديم القائم على الجدل والمناظرة والانتقال به إلى المنهج العقلاني بغرض خلق خطاب إسلامي جديد تراعى فيه المراتب الحوارية.

3/ ومال آخرون إلى أن التجديد هو محاولة مجاوزة الركود الذي أتى على أصول علم الكلام ومبادئه الكبرى في القرون الأخيرة خاصة، وذلك بالاستفادة من تطور العلوم الإنسانية الغربية كعلم المعرفة والنفس والهرمنوطيقا والألسنية والاجتماع وتاريخ العلوم والأسطورة؛ أي "إزالة طوارئ الانحرافات والبدع الفكرية عن هذه الأصول؛ لتعود لها حقائقها وفعاليتها... ومعناه في أحيان أخرى: الاستفادة من منجزات العقل الإنساني في العلم وفي الفلسفة لإقامة البراهين العقلية الجديدة على صدق هذه الأصول"[iii]. وهنا أيضا يبدو معنى التجديد مقصورا على منهج علم الكلام مع الإبقاء على الأصول والمبادئ والمسائل؛ حيث يعنى المجدد بالاستفادة من العلوم الإنسانية التي رشحت في الغرب؛ والتي كان لها دور في تطوير اللاهوت المسيحي وسحبه على علم الكلام الإسلامي.

وتلك المعاني وغيرها تشكل، برأيي، أحد أوجه المراجعة النقدية التي يتوق إليها العقل المسلم اليوم ويبحث عنها؛ فالممارسة النقدية تعد من أهم مؤشرات الوعي بالذات الذي نفتقده اليوم ونروم تحصيله. غير أن أهم معاني التجديد عندنا؛ هي تلك التي تعنى بتطوير النظام الكلامي القديم ككل؛ حتّى يستجيب لحاجيات الفكر الإسلاميّ المعاصر المعني بتشخيص أدواء المجتمعات الإسلامية الآنية. والتي يمكن أن يكون علم الكلام، في صورته القديمة، قد نقل إلينا الكثير منها أو أنه يكون أحد مصادرها، ومن ثمة البحث عن دواء لها.

ثانيا غاية علم الكلام القديم:
تفصح التعريفات التي أعطيت لعلم الكلام، قديما، والتي دونها كتاب المقالات والفرق على غاية هذا العلم وهدفه. وإذا بدأنا بأول تعريف أعطي لعلم الكلام وهو تعريف الإمام أبو حنيفة (تـ 150هـ) في القرن الثاني الذي يقول فيه: "إعلم أن الفقه في أصول الدين أفضل من الفقه في فروع الأحكام والفقه هو معرفة النفس ما يجوز لها من الاعتقادية والعمليات وما يجب عليها منهما وما يتعلق منها بالاعتقاديات هو الفقه الأكبر وما يتعلق بالعمليات فهو الفقه."[iv] وتسمية "الفقه الأكبر" هي ما يقابل "الفقه الأصغر" الذي يعنى ببحث فروع العبادات والمعاملات. وفيه (أي في التعريف) تظهر غاية هذا العلم وهي بيان أصول الدين ومسائله تماما مثلما هي غاية "الفقه الأصغر" بيان وإيضاح فروعه.

وفي النصف الثاني من القرن الثاني الهجري برز "الفقه الأكبر" بوجه جديد وتسمية جديدة بدخول الآلة العقلية التأويلية على يد المعتزلة؛ فصار يسمى "علم الكلام". وهذه التسمية تعود، على أرجح الأقوال، إلى حادثة القول بـ"خلق القرآن" التي بحث فيها المعتزلة كلام الله تعالى وخرجوا بكون القرآن كلام الله تعالى، مخلوق مثلما يصرح به القاضي عبد الجبار المعتزلي: "وأما مذهبنا في ذلك فهو أن القرآن كلام تعالى ووحيه، وهو مخلوق محدث."[v]

وقد شكل البحث في مسألة كلام الله تعالى أحد أكبر التحديات التي تعرضت لها العقيدة الإسلامية في ذلك الوقت من قبل المسيحيين. وهو الأمر الذي جعل المعتزلة يمتشقون سيف العقل من أجل الرد على شبهة الطعن في التوحيد الإسلامي، بالقول بقدم كلام الله تعالى المتمثل في القرآن الكريم حتى يكون القدم صفة خاصة بالله تعالى ولا يشاركه فيها أحد؛ ذلك أن الإقرار بصفة الكلام كان يشعرهم، كما يقول المستشرق جولد تسيهر "بتصدع في وحدة الله الخالق إذ يروا في صفة الكلام شيئا أقل من حذف أو إلغاء وحدة الذات الإلهية."[vi] وهو ما رأوا أنه حماية لعقيدة التوحيد التي هي أخص ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء.[vii] وهذا ما يُظهر أن غاية علم الكلام في بدايته كانت هي الدفاع عن العقيدة الإسلامية ضد الشبهات التي أثارها المسيحيون، على وجه الخصوص، بغرض التشويش على عقيدة المسلمين.

إن ظهور علم الكلام على يد المعتزلة، بتلك الصورة التي حددت غايته وهي الدفاع عن عقيدة التوحيد، هي ما دعا الفارابي ( تـ339هـ) في القرن الرابع أن يعطيه تعريفا يتلاءم وتلك الغاية؛ حيث يقول:" علم الكلام صناعة يقتدر بها الإنسان على نصرة الآراء والأفعال المحدودة التي صرّح بها واضع الملّة وتزييف كلّ ما خالفها بالأقاويل." [viii] والمراد بالإنسان هو المسلم الذي ينتصر لما جاء في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم (واضع الملة) من خلال كشف زيف العقائد المناوئة ومن ثمة إبطالها بالاستعانة بالجدل العقلي.

وفي القرن السادس ألفينا غاية علم الكلام بدأت في الانحراف نحو الدفاع عن المذهب أو الفرقة بدل الدفاع عن العقيدة التي بدا بها في أول ظهوره. ويعكس تعريف أبو حامد الغزالي هذا التوجه؛ إذ يقول عن غاية علم الكلام: "إنما مطلوبه حفظ عقيدة أهل السنة وحراستها عن تشويش أهل البدعة."[ix] حيث نلحظ أن الغاية في تلك اللحظة أضحت تتمثل في الحفاظ على عقيدة أهل السنة وتقتصر على الدفاع عنها ضد أهل البدعة الذين يرومون التشويش عليها، مثلما يقول الغزالي.

والمراد بأهل السنة الذين يتحدث عنهم الغزالي هم الأشاعرة الذين جاؤوا لينصروا عقيدة "أهل السنة" بعد الذي لحق أهلها وأتباعها في حادثة "خلق القرآن" أو ما يعرف بـ" نكبة ابن حنبل" وليتوسطوا بين ما اعتبروه حرفية الفقهاء والمحدثين وإيغال المعتزلة في العقل؛ خاصة في مسألة صفات الله تعالى، ومنها صفة الكلام مثلما يصرح ابن خلدون بالقول: "وكان ذلك سببا في انتهاض أهل السنة بالأدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع[x]. وقام بذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق ونفى التشبيه وأثبت الصفات المعنوية".[xi] وعقيدة أهل السنة المقصودة، بناءا على ذلك، هي فهوم الأشاعرة لمسائل العقيدة الإسلامية. وفي الوقت نفسه يظهر أن المبتدعة المشوشون على العقيدة الأشعرية (السنية) ليسوا إلا خصومهم التقليديون المتمثلون في المعتزلة أوَّلا. وهم برأيهم "أهل الأهواء الذين اعتنقوا البدعة وصاروا ينافحون عنها بما زعموه أدلة عقلية."[xii] وابن تيمية وأتباعه تاليا؛ وهو عندهم ذلك الرجل الذي "تمكن [...] من اجتلاب ثقة بعض شيوخ العلم إلى نفسه وثنائهم عليه، وكان طلق اللسان، فإذا هو يجري على خطة مدبرة في إحلال المذهب الحشوي تحت ستار مذهب السلف." [xiii]

ومن ثمة صار علم الكلام عند الأشاعرة هو ذلك العلم المعني بكشف "تلبيسات أهل البدعة المحدثة على خلاف السنة المأثورة." [xiv] الذين باتوا هم حملتها والمدافعين عنها بعد أن أعلن مؤسس المذهب – الإمام أبي الحسن الأشعري – عقب تحوله عن الاعتزال أنه متابع للإمام أحمد بن حنبل في نصرة أهل السنة؛ حيث يقول: "ديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث. ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل نضّر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولمن خالف قوله مجانبون."[xv] وهكذا نجد أن الغزالي ، كغيره من الكثير من الأشاعرة، "لم يقدّم تحديداً دقيقاً لتعريف هذا العلم وهدفه."[xvi] أو قل إنه قدم له تعريفا ضيقا ومحدودا بقصر غايته على الرد على المخالفين.

وإلى مثل ذلك يذهب ابن خلدون في القرن السابع؛ حيث يقول: "هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة."[xvii] وفي هذا التعريف يظهر أن غاية علم الكلام هي، أيضا، الدفاع عن العقيدة الأشعرية، التي ينسبها صاحب التعريف إلى السلف، ضد المبتدعة المنحرفين الذين يخالفون الأشاعرة في بعض الفهوم المتعلقة بمسائل العقيدة الإسلامية.

إن التعريف الخلدوني لعلم الكلام يُظهر تحيزًا واضحا لعلم الكلام الذي تبلور على يد أساطين الأشاعرة كالباقلاني والجويني والغزالي في مقابل علم الكلام الذي تأسس على يدي المعتزلة "... فالحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقليّة" ينطبق فعلًا على المرحلة الأولى من تطور علم الكلام الذي بلوره المعتزلة. أما الرد على المبتدعة المنحرفين عن "مذاهب السلف وأهل السنة" فهو تعريف ينطبق على علم الكلام الأشعري ويكشف عن قصور وتعصب واضح ضد المعتزلة."[xviii] ومن ثمة فهو "يتضمن عدم الاعتراف بغير الكلام الأشعري وما شاكله كممثل وحيد لعلم الكلام. وبالتالي فهو يتجاهل سائر الممارسات الكلامية بما فيها تلك التي سبقت الأشاعرة بمدة طويلة، كالمعتزلة وغيرها. وواضح أيضاً أن هذا التعريف الممذهب لا يتقبل الاعتراف بحقيقة ما ينطوي عليه علم الكلام من خصوصية (الاجتهاد) الذي يعمل على تبرير اختلاف الرأي في مختلف العلوم الانسانية. فضلاً عن أنه لا يسمح لهذا العلم من أن يمارس وظيفته في التحقيق والإبداع العلمي المستقل."[xix] أي أن هذا التعريف لا يعترف إلا بشكل أو بصيغة وحيدة للممارسة الكلامية، ويرفض تبرير الاختلاف داخل الملة الواحدة ويذهب بدلا عنه إلى تبديع أصحابه وتضليلهم.

وهكذا وجدنا أنفسنا "ننتقل بهذا المفهوم من حيّز الآخر الأقصى الذي يخالفنا المعتقد إلى الآخر الأدنى الذي يشاركنا الملّة ويخالفنا المذهب والرأي."[xx] أي أننا انتقلنا من الدفاع عن العقيدة الإسلامية إلى الدفاع عن المذهب والطائفة والرأي؛ فاكتسب علم الكلام، بذلك، غاية جديدة وصارت وظيفته بموجب ذلك هي الرد على من يسميهم المنحرفين والمبتدعة. وهذا يعني أن "العمل المعرفي [أصبح] مساقاً بأيديولوجيا المذهب عوض أن يساق بابستمولوجيا الحقيقة، ومن ثم أُغلق باب البحث والتفكير وعلا مكانه باب التضليل والتكفير."[xxi]

يظهر من خلال هذه التعاريف أمورا نجملها في النقاط التالية:

1/ إن علم الكلام بدأ في أول أمره بيانا لأصول الدين وإيضاحا لها مثلما كان الفقه بيانا لفروعه.

2/ إن التحديات العقدية التي حملها النصارى، ومنها قولهم بإلهية كلمة الله عيسى عليه السلام وإرادة سحب ذلك للقول في إلهية القرآن الكريم كلام الله، هو ما حوّل "الفقه الأكبر" إلى "علم الكلام" الذي جعل الدفاع عن عقيدة التوحيد الإسلامية وتخصيص صفة القدم لله تعالى وحده غايته الأساسية.

3/ لقد استمر هذا العلم ردحا من الزمن يُعنى بإثبات أصول الدين بالعقل ومنهج التأويل العقلي ضد الملل الكفرية من النصارى أهل التثليث والثنوية والمشركين.

4/ لقد تغير وضع علم الكلام بعد "حادثة خلق القرآن" وتصفية المعتزلة؛ حيث صار، بأعين الكثير من الفقهاء والمحدثين ومن شايعهم، بدعة وضلال. وصار المتكلمون خصوما غايتهم إفساد عقيدة المؤمنين عن طريق نشر البدع والتأويل وتحريف الكلم عن مواضعه.

6/ لقد مثلت تلك الحادثة لحظة تحول غاية علم الكلام من الدفاع عن العقيدة إلى الدفاع عن الفرقة والمذهب، ومن الدفاع عنها ضد الملل الكفرية من المسيحيين والمشركين والثنوية إلى الدفاع عن الآراء والفهوم المخالفة.

7/ إن معظم تعريفات علم الكلام التي تلت تلك اللحظة ركزت على إبراز غاية واحدة لعلم الكلام وهي الانتصار لصيغة واحدة للممارسة الكلامية، واستبعاد ما خالفها عن طريق التبديع والتضليل.

8/ إن علم الكلام، بهذه الصورة التي انتقل فيها من الدفاع عن العقيدة إلى الدفاع عن المذهب، صار مسؤولا عن الكثير من الانحيازات والتمذهبات التي آلت، فيما بعد، إلى تكوين عقائد مذهبية مغلقة. وهو تحول خطير جنى عليه، وجعل منه أداة للتفريق بين المؤمنين داخل الملة الواحدة. وهنا يصير تجاوز الغاية التقليدية القائمة على الرد والتبديع والتضليل، إلى غاية تضع قبول الرأي الآخر، وتنفتح على مختلف الفرق والآراء والمذاهب والفهوم هدفا رئيسيا. فهل عني علماء النهضة ومفكروها بتجديد علم الكلام في هذا الاتجاه؟

ثالثا غاية علم الكلام في فكر النهضة وما تلاها:
بدت جهود علماء النهضة بخصوص تجديد العلوم والمعارف الإسلامية عموما وعلم الكلام، خاصة، متأثرة بلحظة الصدمة التي أعقبت حملة نابليون على مصر، وكشفت درجة التخلف التي كانت تعيشها المجتمعات العربية والإسلامية من جهة. ومشدوهة بمعطيات الحضارة الأوروبية المتقدمة في جميع ميادين الحياة السياسية والعلمية والفكرية والصناعية وغيرها من جهة أخرى؛ حيث يظهر تراجع الغاية الموروثة والمتمثلة في الرد على المبتدعة والمنحرفين وبروز، بدلا عن ذلك، غايات أخرى فرضتها طبيعة التحديات والمشاكل التي بات المسلمون يواجهونها منذ ذلك العصر.

لقد اعتبرت رسالة "الرد على الدهريين" لجمال الدين الأفغاني و"رسالة التوحيد" للشيخ محمد عبده " و"تجديد الفكر الديني" لمحمد إقبال و"الإسلام يتحدى" و" الإسلام في عصر العلم" لوحيد الدين خان "والأسس المنطقية للاستقراء" لمحمد باقر الصدر و "الظاهرة القرآنية" لمالك بن نبي وغير ذلك ... صياغات جديدة لعلم كلام يروم معايشة عصره، ويهدف إلى المساهمة في حل مشاكل الإنسان ومسائل الدين؛ فوجدنا غاية علم الكلام الظاهرة في تلك القضايا وقد أضحت غايات كثيرة يمكن حصرها في النقاط التالية:

1ـ ترسيخ العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين، وقد كان ذلك بطريقين اثنين نجدهما في العديد من المحاولات وهما:

أوّلاً: الرد على الشبهات الفلسفية والعلمية الحديثة التي كانت تثار ضد الدين، ومواجهة موجة الإلحاد وإنكار الغيب التي وجدت لها سبيلا إلى المجتمعات الإسلامية مع بلوغ الفكر الوضعي الذي قادته النهضة الأوروبية ذروته؛ حيث أدى ذلك إلى انتشار الظاهرة في أوساط النخب والمثقفين على وجه الخصوص.

ويعد المفكر محمد باقر الصدر ممن أسهموا في رد تلك الشبهات؛ "إذ قام بتأسيس أصول الدين طبقاً لمنهجية الاستقراء وحسابات الاحتمال، فقد وضع لهذا الغرض كتابين؛ أحدهما يعد تبسيطاً وتوضيحاً للآخر، حيث عمد في كتاب (الأسس المنطقية للاستقراء) إلى تأسيس عملية الاستقراء تأسيساً جديداً يهدف من ورائه إلى البرهنة على وجود القاسم المشترك الذي يثبت كلاً من العلوم الطبيعية والإيمان بالله، ثم أردفه بكتاب (المرسل والرسول والرسالة) ليوسع من دائرة إثبات قضايا العقيدة عبر النظر إلى الواقع من منطق الاستقراء.[xxii] يقول في ذلك: "إن قضايا أصول الدين والعقيدة ثبوتها لدينا كثبوت القضايا العرفية والتجريبية في الوضوح والحقانية، لأنها تملك رصيداً من الدليل الحسي والاستقرائي على حد سائر القضايا الاستقرائية التجريبية."[xxiii]

ثانيا: الرد على شبهات المستشرقين التي تطعن في الإسلام، وترسم له ولأهله وأتباعه صورة نمطية تتنكر للعلم وتحارب العلماء من خلال محاولته التوفيق بين الدين والعلم وإظهار انفتاح الإسلام على العلم واحترامه العقل وتوقيره العلماء.

وقد كان الشيخ محمد عبده رائدا في هذا المجال، ويبدو ذلك من خلال استعانته في تفسير القرآن الكريم بالمعطيات العلمية التي رشحت في عصره، والتي رام من ورائها إثبات عدم التناقض بين الإسلام والعلم، ومن ثمة قبول الإسلام لمنجزات الحضارة الأوروبية. كما يبدو من خلال كتاباته حول نظرة الإسلام إلى العلم والعقل؛ وإقامة مقارنات بينه وبين النصرانية في الموقف من العقل والعلم، وكذا انفتاحه على الحوار والمناظرة مع المستشرقين كما كان مع المستشرق الفرنسي رينان.[xxiv]

2ـ العناية بالجانب الروحي للإنسان المسلم، وبعث التعلق بالله تعالى في عصر المادية والتعلق بالمادة وطغيانها على نفوس المؤمنين. وتعتبر "رسائل النور" لبديع الزمان النورسي أبرز دليل على ذلك. كما يمكن أن نعتبر كتب محمد الغزالي حول "عقيدة المسلم" و"خلق المسلم" وكتاب "العقائد" و"إسلامنا" للشيخ سيد سابق وغير ذلك مثالا على ذلك. وتلك القضايا كانت في السابق من مسائل التصوف والعرفان العملي والأخلاق.

3/ بيان حقوق الإنسان في الإسلام مستمدة من القرآن الكريم، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرته العطرة وسيرة الصحابة والصالحين الذين مثلوا نموذجا في الحفاظ على حقوق الإنسان في السياق الإسلامي. "وهي التي أخذت النصيب الأعظم من الاهتمام الكلامي بما تتضمن من بحث المفاهيم العامة التي أراد بها المثقف الديني تغطية حاجات المسلم المعاصر، كالبحوث المتعلقة بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة والقومية والخصوصية والديمقراطية والاشتراكية وغيرها. وقد خضعت مثل هذه القضايا ضمن إطار مشروع النهضة منذ رفاعة الطهطاوي خلال القرن التاسع عشر."[xxv]

4/ إبراز البعد الاجتماعي والسياسي للعقيدة الإسلامية ومحاولة توظيفها لخدمة أغراض سياسية واجتماعية ومثلها ما فعله المفكر محمد إقبال في محاضراته التي جمعت في مؤلف حمل تسمية: "تجديد التفكير الديني في الإسلام"؛ "إذ جعل من التوحيد الميتافيزيقي توحيداً قابلاً للتنـزيل، بوصفه فكرة يمكن تنفيذها على مستوى المساواة والاتحاد والحرية."[xxvi] وكذلك ما فعله المفكر الصدر في بعض دراساته التي اعتبر فيها أن مطلب إقامة العدل في المجتمع ووحدة الأمة هما مطلبان مستمدان من وحدة الله وعدالته.[xxvii] وهو التوجه نفسه الذي نجده عند الكثير من مفكري الحركة الإسلامية المحدثين مثل سيد قطب في "العدالة الاجتماعية في الإسلام" وهي الفكرة التي نجدها تتكرر في تفسيره الموسوم بـ"في ظلال القرآن".

إن ما يميز تلك المحاولات، في مجملها، هو تركيزها على غاية تتمثل؛ في نصرة الإسلام وإعادة ثقة المسلمين بدينهم وربطهم بعقيدتهم، وقد أتت أكلها في المساهمة في تطوير جزء من الوعي الفردي والاجتماعي في المجتمعات العربية والإسلامية إزاء قضايا التخلف والاستعمار والوحدة والقضية الفلسطينية وغير ذلك ... غير أن ما غفلت عنه تلك المحاولات في تلك اللحظة هو ذهولها عن تحديات أظهرت الوقائع والأحداث أنها أشد خطرا على الأمة. ونقصد بها مسألة التفرقة الطائفية والمذهبية التي وجدت في المسائل الخلافية بين الفرق الكلامية ميدانا للشحن الطائفي والمذهبي، وتلك الخلافات تتوزع في الغالب ما بين:

الخلاف حول طبيعة المكلِّف: وهو ما يعرف بمسألة الذات والصفات؛ بين من يقول إن صفات الله تعالى هي عين ذاته هروبا مما يعتبرها تعددا وشركا به تعالى، وبين من يقول بل صفات الله تعالى هي غير ذاته؛ وهي التي وصف الله تعالى نفسه بها ولا يكون ربا إلا إذا وصف بها سبحانه وتعالى. وبين متوقف عند ظواهر النصوص التي وصف الله تعالى فيها نفسه بألفاظ تفيد ظواهرها التشبيه مبديا تمسكا بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح من الأمة إزاءها وبين متجوز في ذلك ومتأول هربا مما يعتبره تشبيها وتجسيما، لا يجوز في حق الله تعالى الموصوف بكونه "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".(الشورى/11)

الخلاف حول طبيعة المكلَّف: والمراد بها مسألة القدرة والحرية الإنسانية؛ بين قائل بالجبر المطلق، وقائل بحرية الإنسان وإرادته الكاملة في الفعل والترك، وبين متوسط في القول قائل بالكسب.

الخلاف حول طبيعة التكليف: هل يستند التكليف إلى الشرع فقط أم أن للعقل حق في ذلك؟ بمعنى هل التكليف شرعي أم عقلي أيضا؟ وهي مسألة التحسين والتقبيح.

الخلاف حول منهج فهم رسالة التكليف ذاتها: بين من يجعل للعقل دورا في فهم النص وتفسيره، بل ويقدمه في ذلك ومن يجعل فهم النص مقصورا على النص ذاته مبعدا العقل تماما أو مؤخرا له عن النص في أحسن الأحوال؛ وهي المسألة المعروفة بالعلاقة بين النص والعقل أو النقل والعقل.

الخلاف حول ثمرة التكليف: والمراد بها مسائل الوعد والوعيد والإرجاء والإحباط والوفاء.

لقد وُرِّثت تلك الخلافات، التي يفترض أنها تشكل مجالا خصبا للتنوع والتلاقح بين الأفكار والآراء والفهوم، لأجيال كثيرة. وعملت على استعادتها بحمولتها الطائفية والمذهبية الكثير من المجموعات والهيئات والشخصيات والدول، اليوم، لتُحوِّلها إلى مواد لإشعال الفتن والحروب بخطابات مؤدلجة؛ تشيع الكراهية وتنشر الأحقاد وتدعو إلى الاقتتال بين أبناء الملة الواحدة بدواعي الكفر والانحراف عن العقيدة الصحيحة، وإحداث البدع في الدين.

رابعا: غاية علم الكلام اليوم ... أية صورة؟
لقد بات جزء كبير من الخلافات في المسائل العقدية والكلامية التي أشرنا إليها، يتحكم في العلاقات بين المكونات الاجتماعية والفكرية والثقافية والسياسية للمجتمعات العربية والإسلامية فيما بينها، وبين الأفراد داخل المجتمع الواحد ويحدد لها وجهتها. بل ويفجر اضطرابات ونزاعات بينها وينذر بتدمير مقدراتها البشرية والمادية لمصلحة أعدائها.

ولذلك فإن البحث عن غاية جديدة لعلم الكلام بات ضروريا، وهو يتطلب في تقديري أمرين هامين وهما:

أ/ ضرورة استحضار خطورة غاية علم الكلام القديم، كما تقدمها مدونات وكتب الفرق والكلام. وتصر على الإبقاء عليها الكثير من الهيئات والشخصيات العلمية في المحافل العلمية وداخل مراكز التعليم الجامعية والمتخصصة، ومن ثمة ضرورة مراجعتها والنظر فيها تحليلا ونقدا تمهيدا لفرزها وتنقيتها.

ب/ ضرورة التركيز على فهم طبيعة تلك الخلافات الكلامية والعقدية الموروثة، وهو ما من شأنه أن يضيق على أسباب ودواعي الاقتتال والتكفير والتضليل والتبديع. وفي الوقت نفسه يحيل الصراعات الموروثة بين الفرق تنوعا فكريا وفهوما تتفاوت في الصواب والخطأ وتؤصل لحرية التفكير وقبول الرأي الآخر. وهو ما يمهد لصياغة غاية جديدة تحدث الانسجام بين المكونات العقدية والفكرية للمجتمعات العربية والإسلامية، وتستجيب لطموحات المجتمعات والأفراد في العالم الإسلامي وآمالها في الأخوة والتسامح والتعايش بين الفهوم والأفكار. إن هكذا غاية ستعين، لا محالة، في محاصرة خطاب الكراهية والاقتتال الذي يتوكأ في غالبيته على الغاية المسطورة في مدونات الفرق والكلام في صورته القديمة. وهنا نسجل نقاطا ينبغي على المفكرين والباحثين والمهتمين مراعاتها حين مباشرة عملية البحث وهي:

1/ ينبغي على المفكر والباحث المهتم ببحث وتجديد غاية علم الكلام اليوم استبعاد الروح التي حوَّلت علم الكلام وقضاياه ومسائله إلى ميدان للخصومة، بل والعداء وأن يحاول أن يصنع روحا تعيش الراهن الإسلامي الباحث عن لحظة الأمن الفكري والنفسي والاجتماعي والتواق إلى الأخوة والتعاون على البر والتقوى. وتلك الروح لا يتم صناعتها ما لم يعش هذا المفكر أو ذلك الباحث ألم الحاضر وأمل المستقبل.

2/ ينبغي أن يستبعد الباحث أو المفكر المعالجات السياسية وأن يعي محدوديتها، بل وخطورتها نظرا لارتباطها بمصالح ظرفية وشخصية، وأن يعي، أيضا، أن كثيرا من القضايا والمسائل الكلامية القديمة حسمت سياسيا لمصلحة هذا الطرف أو ذاك وأنها لم تعالج فكريا. وآية ذلك أن الخلاف حولها بقي قائما؛ وأنها تُستدعى كلما دعت الحاجة إليها. وهي اليوم تبدو حاضرة، بقوة، لأن أطرافا كثيرة تقودها وتدفعها مصالح فردية وإقليمية ودولية تحتاج إليها من أجل تمرير مشاريعها ومصالحها على حساب مصلحة الأمة الإسلامية وشعوبها ومجتمعاتها.

3/ ينبغي على الباحث أو المفكر أن ينفتح على غاية تُعدِّل الصور المشوهة الكامنة في الذاكرات المذهبية والعصبية وتعمل على التقريب بين الفرق والمجموعات الكلامية. وتسهم، من ثمة، في إحداث الانسجام الفكري والاجتماعي بين المسلمين وتجنبهم عملية الانتحار الجماعي الذي يمارسه بعضهم في حق شعوبهم ومجتمعاتهم.

إن صياغة غاية بهذا الحجم والأهمية دونها عوائق وعقبات أيديولوجية وأخرى معرفية من المهم إيضاحها وبيانها:

1/ العائق الأيديولوجي:
والمقصود به ما يراه البعض تمسكا بمنهج السلف الصالح في فهم وتفسير وتخريج مسائل العقيدة الإسلامية وأركانها وضوابطها وكلياتها وجزئياتها من منطلق أنه أصح المناهج. وبناءً عليه:

- إن أي منهج يخالفه، من منظور هؤلاء، هو بالضرورة مجاوزة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وتابعيهم، وخروجا عن منهج يمثل بالنسبة لعموم المسلمين تمام العلم والتقوى والصلاح الذي وُصف به أهل القرون الثلاثة الأولى من قبل النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.)[xxviii] ومن ثمة صار التمسك به (أي بالمنهج) عقيدة تدل على صلاح الدين وتمام العلم والتقوى.

- رفض أي محاولة للفهم خارج الإطار الذي يمثله أهل القرون الثلاثة الأولى لأنه، بنظرهم، أمر محدث وبدعة لم يكن عليها السلف، و(كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة صاحبها في النار.)[xxix] ومن ثمة استحق مَن تجاوز منهج السلف في الفهم والتفسير تلقيب البدعي والضال.

وهكذا استحال منهجُ الفهم عقيدةً أضحت معها الفهوم المبتكرة والمختلفة عنه بدعا وانحرافات وخروجا عن العقيدة ذاتها؛ أي أننا صرنا إلى المطابقة التامة بين العقيدة ومنهج فهمها، والإيمان بالعقيدة صار هو نفسه الإيمان بمنهج فهمها، ومجاوزة المنهج هو مجاوزة للعقيدة نفسها.

غير أن كون منهج السلف الصالح هو أصح المناهج؛ التي تفهم في ضوئها مسائل العقيدة الإسلامية لا يعني أنه المنهج الوحيد. إنه الأصح وليس الوحيد؛ أي أن هناك مناهج أخرى تتفاوت في الاجتهاد ومن ثمة تتفاوت في الصواب والخطأ، وقد أفضت إلى فهوم أخرى لمسائل العقيدة. وحينئذ لا يكون الأمر متعلقا بإيمان وكفر أو بدعة وضلالة بقدر؛ ما هو متعلق بصواب وخطأ يكون فيه الأكثر حظا في الصواب هو الأقرب إلى منهج النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح.

ثم إن اجتراح مناهج لتفسير مسائل العقيدة الإسلامية في عصور تالية وظروف مختلفة، وبالتالي ابتكار فهوم تخالف ما كان عليه السلف الصالح في الكثير أو اليسير لا يعني الابتداع؛ بقدر ما يعني الإبداع وحضور العقل المسلم ووعيه اللحظة التي يعيشها. وهو، أيضا، تعبير جدي عن طبيعة القرآن الكريم وتطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة؛ ذلك أن طبيعة المنهج تتحكم فيها، حتما، طبيعة المسائل والتحديات؛ فليست كل المسائل المعرفية سواء تعلقت بفهم الدين أو غيره من المعارف تُواجَه وتُفسَّر بمنهج واحد أو تُفهم في ضوء منهج واحد في كل الأحوال والظروف.

وهذا ما حدث في فهم مسائل العقيدة الإسلامية خاصة منها ما تعلق بفهم آيات صفات الله تعالى، ودخول الآلة العقلية التأويلية في فهمها وتفسيرها في وقت تلا زمن السلف؛ حيث خلا عصرهم من التأويل العقلي وحضر فقط التفسير المرتبط بظاهر اللفظ؛ فواقع السلف اتسم بمزيتين ذكرهما محمد سعيد رمضان البوطي وهما: بقاء السليقة العربية صافية خالصة من شوائب العجمة وكذا الفطرة الدينية النقية الداعية إلى التسليم وقال فيهما: "مزيتان اتصف بهما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اختفتا تدريجيا من العصور التالية، فلم يتصف بواحدة منها أي فئة من المسلمين من بعد. هما اللتان أغنتا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سيما في الصدر الأول عن الاحتكام إلى أي منهج علمي في معرفة أصول المعتقدات وجزئيات الأحكام المأخوذة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم."[xxx] فـ"هاتين المزيتين أضفتا على ذلك الزمن جوا استغنى الناس في ظله عن الاستعانة بأي منهج علمي؛ فكان الأخذ والاحتجاج المباشر بالكتاب والسنة في جميع أمور الدين أصولا وفروعا، وكان استغناؤهم عن الرأي وإكبار القول به دليل على قناعتهم بأن الكتاب والسنة فيهما غنية عن كل المناهج والمصادر."[xxxi]

ومعنى ذلك أن العودة والاحتكام إلى منهج السلف في الفهم والتفسير "لا يكون بالانحباس في حرفية الكلمات التي نطقوا بها أو المواقف الجزئية التي اتخذوها [...] وإنما يكون بالرجوع إلى ما احتكموا إليه من قواعد تفسير النصوص وتأويلها وأصول الاجتهاد والنظر في المبادئ والأحكام." [xxxii] وهذا الفهم الدقيق لطبيعة الأمور هو الذي سيجعل "مسألة الاختلاف في العقائد داخل حدود الإسلام مسألة حرة ولو اعتقدوا فيها أنهم على صواب وغيرهم على خطأ.[xxxiii] وسيجنب الأمة الكثير من المشاكل الفكرية بل والأمنية التي يعيشها المسلمون اليوم. وهو، أيضا، الفهم الذي يقع عليه الرهان؛ من أجل التضييق على عوامل الفرقة والاقتتال التي تتم باسم "نصرة الإسلام"؛ فالمخالفة في منهج فهم الدين لا تعني المخالفة في الدين.

2/ العائق المعرفي:
وهذا العائق لا يتم إزاحته أو التغلب عليه إلا بخطوات نذكرها وهي:

أولا: ضرورة الكشف عن مقصود اللفظة أو المصطلح ، ليس في وضعه المجرد، وإنما في سياق الجملة أو التعبير الذي يوجد فيه. ونريد هنا لفظة أو مصطلح العقيدة مرتبط بعبارة أو وصف أهل السنة التي تتكرر في تعريف متكلمي الأشاعرة لعلم الكلام مثلما جاء في تعريف ابن خلدون مثلا؛ إذ من الواضح هنا أن العقيدة التي ينسبها ابن خلدون وغيره إلى أهل السنة ويروم الدفاع عنها، ليست إلا جملة الفهوم التي تخالف فهوم المعتزلة والتي خرج بها الأشاعرة بعد الإطاحة بالمعتزلة والقضاء عليهم على يد المتوكل.

كما أن لفظة العقيدة المرتبطة بعبارة أهل السنة في أدبيات السلف من أتباع الإمام أحمد بن حنبل والإمام ابن تيمية؛ ليست إلا فهم هؤلاء لكليات وجزئيات العقيدة الإسلامية، والقائم على الالتزام بفهم السلف لها. ومن ثمة فإن نسبة الفهم السلفي إلى أهل السنة هو تلقيب لا علاقة له بدرجة في التدين أو العلم يتميز به هؤلاء (أتباع الإمام ابن حنبل وابن تيمية) عن غيرهم؛ بقدر ما هو اختيارات منهجية علمية قامت الأدلة على صحتها وقوتها عندهم.

ثانيا: ضرورة الكشف عن السياقات التاريخية والفكرية للمصطلحات المستعملة؛ فالمبتدعة والمنحرفون والضالون ليسوا، في الواقع، إلا خصوما فكريين أو سياسيين لهذه الفرقة أو ذلك المذهب أو ذلك النظام ممن كانت لهم فهوم أو آراء أو مواقف تخالف الفرقة أو النظام[xxxiv]، ولا يوجد ما يثبت أنهم بتلك الفهوم والآراء والمواقف قد خالفوا كليات الدين وأركانه ومبادئه. ومن ثمة فإنه "لايسوغ لواحد أن يدعي حق السيطرة على إيمان أحد أو عبادته لربه، أو ينازعه طريق نظره."[xxxv] كما لا يسوغ له أن يبدّعه أو يضلله أو يخرجه من الملة، أو أن يطعن في دينه بأي شكل من الأشكال إذا خالفه الفهم، أو أن يعطيه من الأسماء والألقاب ما يطعن به في عقيدته وأن يذهب، بدلا من ذلك، إلى تسمية الأمور بمسمياتها؛ فمن يخالفك الرأي أو الموقف والفهم هو، في النهاية، خصم فكري أو معارض سياسي، وليس مبتدعا أو ضالا أو كافرا.

ثالثا: ضرورة الكشف عن خطر التعبيرات المستعملة التي يتم بها نقل المناقشات والفهوم والتفسيرات؛ إذ غالبا ما تنقل تلك المناقشات في صورة صراع طرفاه مهاجم للعقيدة وآخر مدافع عنها وأهلها في مشهد مرعب يتم نقله من المدونات الكلامية، ويكثر في كتب "الدفاع عن عقيدة السلف" و"أهل السنة"، ويُلقى على أسماع الطلبة في مدرجات وقاعات الدرس في محاضرات وبحوث؛ يستبسل فيها هذا الطرف وذاك في الاستعانة بألفاظ ومصطلحات الدفاع والهجوم من أجل الانتصار لهذا الفهم والإطاحة بالآخر.

فتعبير الدفاع يحمل معاني استهداف الذات الدينية؛ وهو ما يستدعي امتشاق كل أنواع الأسلحة من أجل أن يتحقق الدفاع. كما يحمل وصف "أهل السنة" الذي يصف به هذا التيار أو ذاك نفسه معاني الإجلال والتوقير والتميز؛ فهذا الوصف يعطي انطباعا أن أتباعه هم الأكثر تدينا وورعا وعلما. وبالتالي هم من يستحق التوقير والتعظيم أكثر من غيرهم.

ولننظر إلى مثل هذه التعبيرات وغيرها؛ وهي تلقي بحمولتها المثقلة بالكراهية وتحقير الآخر وازدرائه وفهمه عقيدته ودينه على عقول المتلقين والقارئين في كل لحظة، وتسهم بذلك في صناعة الأحقاد وإشعال الحروب بين أبناء الملة الواحدة، حيث يتولى الجميع "الدفاع عن الإسلام" في مشهد انتحاري جماعي مرعب. وهو ما يعني، ضرورة، الذهاب إلى تنقية القواميس الكلامية والعقدية من تلك الاصطلاحات والتعبيرات بقراءة علمية رزينة يقوم عليها المختصون من المفكرين والباحثين.

إن تجاوز تلك العقبات ربما يمهد لصياغة غاية جديدة لعلم الكلام تفرضها عدة أسباب لعل أبرزها:

1/ الوضع الفكري الذي تعيشه الأمة، اليوم، وهو وضع يميزه الاقتتال والتناحر تحت عناوين الطوائف والمذاهب والمقولات المستلة في غالبيتها من كتب الفرق وعلم الكلام في صورته القديمة، والتي تعمل على إحيائه بعض الأقلام والأصوات التي تمارس أبشع صور التهييج والشحن المذهبي والطائفي باسم الانتصار للعقيدة الإسلامية بمباركة ... "علماء" يعملون بالتعصب المذهبي على تمزيق وحدة الأمة."[xxxvi]

2/ وعي قوى وإرادات الهيمنة في الداخل والخارج بدور الشحن الطائفي والمذهبي؛ من أجل تكريس التخلف والتراجع. ومن ثمة ضرورة البحث عن مخارج تسهم في تفويت الفرصة على تلك القوى وتعطل خططها.

3/ الغاية الحضارية للأمة الإسلامية؛ والمتعلقة بدورها في حمل الدعوة وتبليغها ونشرها وتمثيلها في عالم تقتل فيه القيم وتغتال فيه الإنسانية ويتم فيه تدمير البشر والحجر والشجر والطبيعة. وهو الدور الذي يمثل جزء من العقيدة الإسلامية؛ ذلك أن مسؤولية المسلم تجاه الكون والطبيعة والإنسان هي متعلقة بمفهوم خلافة الإنسان التي جرى السطو عليها وتشويهها منذ أن تولاها الإنسان المادي العاري عن القيم الإنسانية. ودوره في استعادة ذلك المفهوم الإنساني الواسع لا يكون في ظل التراجع الحضاري الذي تشكل الحروب والاقتتال الطائفي والمذهبي عنوانه الأبرز.

الخاتمة:
نخلص مما سبق إلى جملة من النتائج هي:
- إن التجديد في علم الكلام هو أحد أشكال الوعي الذاتي.

- يظهر أن غاية علم الكلام في أول ظهوره ونشأته تتمثل في بيان أصول الدين وإيضاحها، والدفاع عنها بعد أن ظهرت تحديات الملل والديانات المخالفة في الساحة الإسلامية.

- إن معظم التعريفات التي أعطيت لعلم الكلام في أزمنة وعصور متتالية كشفت أن تلك الغاية قد حيدت وصارت غاية علم الكلام هي الانتصار لصيغة واحدة للممارسة الكلامية واستبعاد ما خالفها عن طريق التبديع والتضليل.

- إن تلك الغاية أسست لتمذهبات وانغلاقات خطيرة على صعد كثيرة في السياق الإسلامي.

- إن محاولات تجديد علم الكلام عند علماء ومفكري النهضة قد تغيت أمورا مساوقة لطبيعة تحديات المرحلة ومسائلها.

- إن البحث عن غاية جديدة لعلم الكلام تعني البحث في صيغة لقبول التعددية الفكرية داخل الحيز الكلامي.

 

جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية –قسنطينة-الجزائر

 

قائمة المصادر والمراجع:
/ أمين أحمد، ضحى الإسلام، ط7، القاهرة، مكتبة النهضة الإسلامية، 1972، ج3

/ البخاري محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، دط، بيروت، دار الفكر، 1401هـ/ 1981، باب: فضائل الصحابة، ج4.

/ البوطي محمد سعيد رمضان ، السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، ط1، دمشق، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، 1408هـ/ 1988.

/ البياضي كمال الدين أحمد، إشارات المرام من عبارات الإمام، حقق نصوصه وعلق عليه وضبطه: يوسف عبد الرزاق،ط1، زمزم ببليشر، كراتشي، باكستان، 2004.

/ تسيهر جولد، العقيدة والشريعة في الإسلام، ترجمة: محمد يوسف موسى، دط، بيروت، دار الرائد العربي،101.

/ ابن خلدون عبد الرحمن ، المقدمة، ضبط المتن ووضع الحواشي الأستاذ: خليل شحادة، مراجعة: الدكتور: سهيل زكار، دط، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، 2001.

/ الأشعري علي بن إسماعيل ، الإبانة في أصول الديانة، تحقيق: بشير عيون، ط3،دمشق،دار البيان، 1996.

/ صقر جمال ، التبيان في الرد على من ذم علم الكلام، ط2، دار المشاريع للطباعة والتوزيع ، 2005.

/ طه عبد الرحمان، "الحوار وتجديد علم الكلام"، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2000.

/ الطيب زبيدة ، التأويل في الفكر الإسلامي، رسالة ماجستير(غير مطبوعة) إشراف: د/ اسعيد عليوان، تاريخ المناقشة: 23 جوان 2003، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية- قسنطينة، الجزائر.

/ عبده محمد ، الأعمال الكاملة، دراسة وتحقيق: محمد عمارة، دط، بيروت، 1972، ج3

/ عمارة محمد ، صيحة نذير من فتنة التكفير، ط1، القاهرة، مكتبة الإمام البخاري للنشر والتوزيع، 2007.

/ الغزالي أبو حامد، المنقذ من الضلال، وضع حواشيه وخرج أحاديثه وقدم له: أحمد شمس الدين، ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1988.

/ الفارابي أبو نصر محمد ، إحصاء العلوم، تحقيق: عثمان محمد علي، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1931.

/ القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، تحقيق: عبد الكريم عثمان، ط2، القاهرة، مكتبة وهبة، 1988.

/ النسائي، سنن النسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبوغدة، ط2، حلب، مكتبة المطبوعات الإسلامية، 1406هـ/ 1986م، كتاب: الخطبة، ج3.

المواقع الإلكترونية:

http://www.fahmaldin.com/index.php?id=68

http://www.kalema.net/v1/?rpt=942&art

حيدر حب الله، التجديد المنهجي في علم الكلام، http://hobbollah.com/articles

هوامش:

 

[i] / حيدر حب الله، التجديد المنهجي في علم الكلام، http://hobbollah.com/articles

[ii] / أنظر: طه عبد الرحمان، "الحوار وتجديد علم الكلام"، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2000، الفصل الأوّل (الخطاب ومراتب "الحوارية": الحوار، المحاورة، التحاور) .

[iii] / عمارة محمَّد، الاجتهاد الكلامي، ضمن: الاجتهاد الكلامي مناهج ورؤى متنوعة في الكلام الجديد، كتاب جماعي، سلسلة دورية تصدرها مجلة قضايا إسلامية معاصرة، ط1، دار الهادي، بيروت 2002، ص125.

1 / البياضي كمال الدين أحمد، إشارات المرام من عبارات الإمام، حقق نصوصه وعلق عليه وضبطه: يوسف عبد الرزاق،ط1، زمزم ببليشر، كراتشي، باكستان، 2004، ص29.

/ القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، تحقيق: عبد الكريم عثمان، ط2، القاهرة، مكتبة وهبة، 1988، ص 528[v]

/ جولد تسيهر، العقيدة والشريعة في الإسلام، ترجمة: محمد يوسف موسى، دط، بيروت، دار الرائد العربي، 1964، ص 101[vi]

4/ يرى المفكر المغربي محمد عابد الجابري أن حادثة خلق القرآن لم يكن الأمر فيها متعلقا بالرد على المسيحيين وإنما كان موضوعا أثير من أجل القضاء على أصوات معارضة للمأمون واستعمل فيها المعتزلة. فالموضوع سياسي تم استدعاء الديني من أجل أداء دوره في التجييش.( أنظر: محمد عابد الجابري، المثقفون في الحضارة العربية:محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد، ط3، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، أفريل 2008.)

/ أبو نصر محمد الفارابي، ، إحصاء العلوم، تحقيق: عثمان محمد علي، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1931، ص 71.[viii]

6/ الغزالي أبو حامد، المنقذ من الضلال، وضع حواشيه وخرج أحاديثه وقدم له: أحمد شمس الدين، ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1988، ص32.

/ يقصد قول المعتزلة في كلام الله تعالى.[x]

/ عبد الرحمن ابن خلدون، المقدمة، ضبط المتن ووضع الحواشي الأستاذ: خليل شحادة، مراجعة: الدكتور: سهيل زكار، دط، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، 2001ص 588.[xi]

/ جمال صقر، التبيان في الرد على من ذم علم الكلام، ط2، دار المشاريع للطباعة والتوزيع ، 2005، ص 4. [xii]

/ المرجع نفسه، ص4.[xiii]

/ الغزالي أبو حامد، المنقذ من الضلال، مصدر سابق، ص 32.[xiv]

/ علي بن إسماعيل الأشعري، الإبانة في أصول الديانة، تحقيق: بشير عيون، ط3،دمشق،دار البيان، 1996، ص43. [xv]

[xvi] / http://www.fahmaldin.com/index.php?id=68 يحي محمد، موقع: فهم الدين، علم الكلام والكلام الجديد: الهوية والوظيفة.

14/ عبد الرحمن ابن خلدون، المقدمة،مرجع سابق، ص580

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-114680.html/ محمد زاهد كامل جول، علم الكلام الخلدوني [xviii]

http://www.fahmaldin.com/index.php?id=68/ يحي محمد، موقع: فهم الدين، علم الكلام والكلام الجديد:مرجع سابق [xix]

[xx]/ علي بن مبارك، دور تجديد علم الكلام في التقريب بين المذاهب الإسلامية من خلال مجلّتيْ: "رسالة الإسلام" و"رسالة التقريب"
http://www.kalema.net/v1/?rpt=942&art

http://www.fahmaldin.com/index.php?id=68/ يحي محمد، موقع: فهم الدين، علم الكلام والكلام الجديد:مرجع سابق [xxi]

http://www.fahmaldin.com/index.php?id=68/ يحي محمد، موقع: فهم الدين، علم الكلام والكلام الجديد:مرجع سابق [xxii]

22/ محمد باقر الصدر، بحوث في علم الأصول، ج4، ص 126، نقلا عن المرجع نفسه

23/ هذا الموضوع اليوم يعد "... من أبرز الاهتمامات [...] التي تقدمها مؤسسة المعهد العالمي للفكر الإسلامي من نهج يخص الجمع بين 24/ كتابي الوحي والكون أو النص والواقع." [ يحي محمد، علم الكلام والكلام الجديد، مرجع سابق، http://www.fahmaldin.com/index.php?id=68

http://www.fahmaldin.com/index.php?id=68/ يحي محمد، موقع: فهم الدين، علم الكلام والكلام الجديد:مرجع سابق [xxv]

/ المرجع نفسه[xxvi]

/ المرجع نفسه.[xxvii]

/البخاري محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، دط، بيروت، دار الفكر، 1401هـ/ 1981، باب: فضائل الصحابة، ج4، ص189. [xxviii]

/ سنن النسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبوغدة، ط2، حلب، مكتبة المطبوعات الإسلامية، 1406هـ/ 1986م، كتاب: الخطبة، ج3، ص182.[xxix]

[xxx]/ محمد سعيد رمضان البوطي، السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، ط1، دمشق، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، 1408هـ/ 1988م، ص09.

/ زبيدة الطيب، التأويل في الفكر الإسلامي، رسالة ماجستير(غير مطبوعة) إشراف: د/ اسعيد عليوان، تاريخ المناقشة: 23 جوان 2003، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية- قسنطينة، الجزائر.[xxxi]

/ محمد سعيد رمضان البوطي، السلفية مرحلة زمنية... مرجع سابق، ص 12[xxxii]

/ أحمد أمين، ضحى الإسلام، ط7، القاهرة، مكتبة النهضة الإسلامية، 1972، ج3،ص74[xxxiii]

/ ونظير ذلك ما يطلقه هذا النظام أو الحزب عن المخالف له في الرأي أو المعارض له في السياسة من ألقاب التخوين.[xxxiv]

/ محمد عبده، الأعمال الكاملة، دراسة وتحقيق: محمد عمارة، دط، بيروت، 1972، ج3، ص283-289[xxxv]

/ محمد عمارة، صيحة نذير من فتنة التكفير، ط1، القاهرة، مكتبة الإمام البخاري للنشر والتوزيع، 2007، ص16[xxxvi]