كان الطب معدوماً فأحياه جالينوس، وكان متفرقاً فجمعه الرازي، وكان ناقصاً فأكمله ابن سينا شيخ الفلاسفة العرب ورئيس الأطباء، وأمير الفلاسفة في نظر الغرب..
يعد ابن سينا مفخرة العرب ورئيسها، فهو الطبيب الشاعر الذي أدرك وجود الميكروب قبل باستور بعصور فذكر في تعليله عن بعض الأمراض إمكان وجود أجسام صغيرة حية لا تراها العين هي التي تسبب الداء، المعلم الثالث للإنسانية بعد أرسطو والفارابي، قال عنه «سارتون» المؤرخ العالمي: أشهر مشاهير العلماء والعالميين فلنا الحق أن نلقبه «حجة الحق شرف الملك الشيخ الرئيس الحكيم الوزير الدستور أبو الحسن بن عبد اللـه بن علي بن سينا»، ولد عام 370هـ -427هـ في مدينة تابعة لبخارى، له كتاب «القانون» يتحدث عن المبادئ العامة وعن العقاقير والأمراض والحميات والأورام والقروح والخراجات والأدوية المركبة لدرجة أن الأطباء استغنوا عن كل كتاب سبقه في الطب، وهو من أكبر الموسوعات الطبية التي عرفها التاريخ، وكتبه كانت تدرس في مدارس الطب في أوروبا، أول طبيب قام بحقن الإبر تحت الجلد، وأول طبيب تعمق في أمراض قرحة المعدة وأمراض المعدة وخاصة القولون، وأول من أجاد وصف الجهاز التنفسي والأمراض العصبية، وأول الذين فطنوا إلى التأثيرات النفسية التي تؤثر في الجهاز الهضمي، وأول من وضع أسس علم التخدير، وأول من استخدمه في إجراء العمليات الجراحية، وأول من قال إن الاضطرابات النفسية تصيب المعدة.
أول من قال إن الجنين يأخذ بوساطة المشيمة شريانين اثنين ويرد وريداً واحداً عن طريق حبل السرة، أجرى جراحات لمعالجة الأورام الخبيثة، أول من كشف الطفيلية الموجودة في الإنسان المسماة بالانكلستوما والمرض الناشئ عنها المسمى بالرهقان، وأول من وضع قاعدة توافق الأصوات «الهارموني» وأول من تحدث عن توافق النغم «الهارموني» وقد سجل ذلك في كتابه «جوامع علم الموسيقا» الذي ترجم إلى اللغة اللاتينية وأخذت عنه أوروبا، وهو صاحب الفضل في تدوين «النوتة» الموسيقية، واستطاع العلماء المحدثون بعد الاطلاع على كتاب «ابن سينا» حل رموز النوتة الموسيقية.
أول من لفت الأنظار إلى تبدل شكل الأظافر في مرض داء السل، وأول من وصف الديدان المعوية، وأول من فرق بين حصاة المثانة وحصاة الكلية في الطريقة والمقدار، وأول من فرق بين شلل الوجه الناشئ عن سبب داخلي والشلل الناشئ عن سبب خارجي.
أول عالم عربي قال رأياً جديداً لم يسبقه أحد في الإسلام وهو من الآراء الحديثة في التربية وعلم النفس، وذلك هو مستوى ميول الطفل، ثم توجيه الطفل إلى الصناعة أو المهنة التي تتفق مع ميوله، هذا ما قاله الدكتور «أحمد فؤاد الأهواني» في كتابه «التربية في الإسلام».
أول دائرة معارف للأبحاث الفلسفية، هو كتاب «الشفاء» للشيخ الرئيس «ابن سينا»، وأول من نظم الفلسفة في الإسلام، وقد خالف أرسطو وأفلاطون في كثير من النظريات والآراء، ولم يتقيد بها، بل أخذ منها ما اقتنع به ووافق مزاجه، ومن ذلك قوله «حسبنا ما كتب في شروح لمذاهب القدماء وقد آن الأوان أن نضع فلسفة خاصة بنا».
أول من توصل إلى القانون الأول للحركة بشقيه الخاصين بحالة السكون وحالة الحركة المنتظمة، ومدافعة الجسم وطلبه البقاء على حاله ومقاومته للتغيير، وهي صفة ذاتية خاصة بالجسم حال سكونه وحال حركته، وأول من قال إن الجسم له من طبعه ما يحافظ به ويبقى ويدافع عن استمراره في حالة السكون أو في حالة الحركة، وأن تغيير هذه الحال لا يتأتى إلا بتدخل مؤثر خارجي غريب عن الجسم، فيحسن هذا الدخيل بممانعة الجسم ومدافعته له للإبقاء والحفاظ على حاله التي هو عليها عند بدء التدخل الخارجي.
أول من ذكر الفراسة في رسالة مختصرة عن تصنيف العلوم العقلية كما يقول المستشرق الأجنبي «بروكلمان» والفراسة هو عمل ذهني يتم عن بصيرة نافذة، ونوع من الحدث، ويسمح لمن وهب إياه أن يصدر حكماً سريعاً على شخص ما، أو شيء ما، أو موقف ما، بواسطة علامات خارجية لكنها ليست مرئية إلا للعين المدربة، أو ذهن سريع الاستدلال من دون حد وسط من المعلوم على المجهول.
أول من غلف الحبوب بالذهب والفضة، وأول من أبدع في وصف الأعضاء وأمراضها والأجهزة وآفاتها، والعلل ومعالجتها، وصفاً لا نزال نأخذ بكثير منه حتى اليوم، فقد وصف القرحة الدرنية، والقولنج الكبدي والكلوي والتهاب الرئة، والتهاب الدماغ والسحايا.
كتب عنه المؤرخ الإيطالي «كاستليون»: «يعد ابن سينا معجزة من معجزات العقل الراجح، ونظن أنه لم يسبقه ولم يظهر بعده من العلماء من يدانيه في حدة الذكاء وسرعة نبوغ العقل بالقياس إلى العمر مع عزم ونشاط لا يعرف الملل».