يكتب الشاعر المغربي المغترب عن شجرة سحقتها خيبات الحياة في مفارقة صارخة، وهي التي ظلت رمزا للعطاء، وفي ذروة الزمن وتوالي الفصول تتحول الى استعارة تؤشر على كل الأشياء الجميلة التي تعبر حياتنا دون أن ننتبه لمدى الألم والتيئيس الذي يمارس عنوة في ضرب لكل القيم الإنسانية.

الشجرة

بن يونس ماجن

 

نفضت الشجرة أوراقها اليتيمة

إعلانا بموسم الحداد

ثم نظرت الى الأسفل

لتودع فلذات كبدها

 

تأوهت بشدة

ندمت عن فعلتها

واتهمت الرياح

بالتواطؤ مع الخريف

 

السنجاب يعبث بها

والمشاة يسحقونها

وفي غفلة الوريقات الصفراء

تتشابك خيوط العناكب

 

شجرة بلا أوراق

كعروس بلا حلي

 

عندما يأفل الظل ويحل المغيب

تستحم الشجرة في ذوبان الضوء

 

الرياح المدللة

لا تعبأ بصمود الشجرة

فهي تمرغها وتروضها كما يحلو لها

 

الشجرة تتألم من تحرشات نقار الخشب

وجحافل النمل التائه

 

الشجرة لا تبوح بأسراها للصيادين

فهي مسؤولة عن أعشاش ساكنيها

 

الصيادون والهاربون من العدالة

ورواد الفاحشة وراء ظهرها

لا يحترمون حرمتها

 

وتمقت الكلاب

حين يبولون على جذعها

وتوفر ظلالها الوارفة

مجانا لعشاق القيلولة

 

جذور الشجرة المغموسة في التراب

تتفاقم تجاعيدها وتشيخ وتعمر

في وحل القرون المضمحلة..