احتضنت العاصمة الاسماعيلية لقاء علميا حول المنجز الروائي لمثقف عبر الى الرواية من بوابة التفكير المعرفي، وراكم منجزا لافتا يوازي هذا الحراك الذي تعرفه الرواية المغربية السنوات الأخيرة، هنا ملخص تقرير عن الأوراق والمداخلات التي قدمت ضمن فريق البحث الخاص بالدراسات الثقافية بالمغرب بتنسيق مع مختبر اللسانيات والأدب وتحليل الخطاب.

الرواية والمعرفة والمجتمع

روايات سعيد بنسعيد العلوي تتحدث عن نفسها بمكناس

 

اعتبر د.محمد الأندلسي أن اللقاء مع روايات سعيد بنسعيد العلوي، يعتبر لقاء مع أسئلة الفكر والتخييل في تفاعل منتج، وذلك خلال رئاسته للجلسة العلمية التي عقدها فريق البحث في الدراسات الثقافية بالمغرب، ومختبر البحث في اللسانيات والأدب وتحليل الخطاب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، صبيحة يوم الخميس 14 مارس 2019، حول روايات سعيد بنسعيد العلوي.

تدخّل، في البداية، د.شعيب حليفي حول رواية " ثورة المريدين" التي تترك بعد قراءتها الأولى، انطباعا من ثلاثة عناصر: أولا، تلك المتعة الروائية التي تتحقق بفعل قدرة التصور التخيلي على التحول من المادة التاريخية إلى الروائية؛ ثانيا، النص مليء بالفخاخ واللعب والإخفاء، وهي مشاكسة تدعو قارئ الرواية إلى التساؤل عن كيفية قراءة النصوص، هل يحاورها من الخارج، من مسافة معلومة تسمى، عُرفا، بالموضوعية؟. أم عليه أن يدلف داخل النص ليصبح واحدا من عناصره المكونة لدلالته المتحولة؟؛ ثالثا؛ تنوع المعارف في النص الروائي بين معرفة تخييلية منفتحة على نسق ثقافي متنوع وبين معرفة تاريخية وفكرية تتأطر بالتخييل.

وبعد تحليله لبنائها الفني، خلص إلى أن كل التنوع في الشخصيات والجغرافيات، منح السارد فرصة لبناء سرود متوازية توحي بأنها تسير في سياق حكاية واحدة، ولكن الأمر يخفي عالما متواصلا عبر التاريخ من البحث عن لحظة سامية تجسد الفضيلة بكل أسمائها المتغيرة، تلك التي دافع عنها الأنبياء والفلاسفة والعلماء والزعماء من أمثال المهدي وابن قسي وغيرهما.

وفي مداخلة د.عبد الرحمان غانمي التي قارب فيها " شعرية المتخلل في رواية الخديعة، تناول طبيعة النص الذي يتشيد من خلال التخلل الايديولوجي واللغوي والتخيل السردي، حيث تتسرب التمثلات والمرجعيات المتباينة وفق آليات متحولة، ومن هنا، يغدو هذا التخلل مفتاحا لنسيج النص الروائي، وآلياته وتحولاته. وفي ضوء ذلك تتكون السردية الفنية والسردية الايديولوجية عبر مستويات الخطابات الشعرية والصوفية والسياسية التي تعكس الصراعات الاجتماعية والأوعاء، معجميا وخطابيا، مركزا على الدلالات الانتروبولوجية، ومبرزا بناء السارد الايديولوجي في تصاد مع الخديعة الايديولوجية التي يعكسها النص تخييليا.

وحول رواية " سبع ليال وثمانية أيام"، تدخل د.حسن مُخافي منطلقا من تأكيد إبداعية الرواية وتعدد مداخلها، من بينها مدخل التصوف ومدخل التاريخ، باعتبارهما مساحة من التراث، من ثمة لا يمكن اعتبارها رواية تاريخية، ولكنها نص سردي يصعب الفصل فيه بين الأزمنة، وإن كانت تختار شكل الحكي من خلال رؤى مختلفة، وترسم خطها الحكائي انطلاقا من شخصية ابن بطوطة ورحلته المكتوبة. وواصل د/ مخافي تحليله لمفاصل الرواية من خلال عتباتها ومستوياتها الصريحة والضمنية، وكذا تقنية الهامش والدمج النصي للرحلة والأزجال. وخلص في النهاية إلى وجود قضايا، منها أزمة المثقف العربي، ونقد الفكر الديني.

المتدخل الأخير في هذا اللقاء د.محمد أمنصور بخصوص رواية " مسك الليل" التي تقوم على التقاطب بين عالمين، من المعمرين ومن السكان الأصليين، وتتخذ من زمن الحماية إطارا للحكي وتصحيح السردية الكولونيالية، عبر صوت محمود وصوت الباحث الأجنبي رغم ما يبدو، في الظاهر، من تناقض بينهما لكن البنية العامة للسرد تكشف عن تكامل وتفاعل.

ومن الخلاصات التي توقف عندها د. أمنصور أن الرواية تنحو في بعض اللحظات منحى البحث الاتنولوجي لمغرب ما قبل الاستقلال وما عرفه من صدمة للحداثة رسمت في زمنه سؤال الهوية المنفتح على أكثر من جرح وقضية.

اختتم هذا اللقاء بحوار مفتوح بين الحضور والمتدخلين والكاتب سعيد بنسعيد العلوي الذي أخذ الكلمة في النهاية ليتحدث عن قضايا تتعلق بالفكر والرواية في تجربة تسندها أربع روايات.