سفر شعري بين مراكش وبروكسل

 

احتضن مسرح لابورس بقلب العاصمة البلجيكية بروكسل أمسية شعرية مشتركة أحياها الشاعران المغربيان طه عدنان وياسين عدنان. الأمسية جاءت في إطار فعاليات مهرجان ربيع (داركم) الذي نظمته مؤخراً دار الثقافات المغربية الفلامانية نسبة إلى المنطقة الفلامانية التي تمثل النصف الناطق بالهولندية شمال بلجيكا. وكانت هذه الأمسية أول مناسبة تتاح للتوأم الشعري للقراءة معاً ومن منصة واحدة منذ أكثر من عقد من الزمن. فرغم مشاركتهما في تظاهرات شعرية متعددة محليا وعربيا ودوليا إلا أن فرصة أن يقرأ طه وياسين مجتمعين في أمسية واحدة لم تتح لهما ومنذ زمن طويل. ولقد جاءت هذه الأمسية التي أدارها الكاتب لوكاس كاترين والصحافية أنّا لويتن لتؤكد الكثير من أوجه التشابه في تجربة الشاعرين من حيث انحيازهما معاً لقصيدة النثر وكتابة اليومي وشعرية التفاصيل واهتمامهما الخاص بالأمكنة. هكذا قرأ الشاعران نصوصا تحتفي بشعرية الأمكنة التي تتوزّعهما وخصوصا مراكش وبروكسل. فإذا كان طه عدنان، المقيم بالعاصمة البلجيكية منذ أزيد من 12 سنة والذي تم تقديمه خلال الأمسية كأحد أنشط شعراء بروكسل، يعتبر هذه الأخيرة مدينته وأفلح فعلا في استثمار معالمها وطقوسها وشخوصها في أكثر من نص، فإن ياسين عدنان سيقرأ نصا تحت عنوان (في الطريق إلى بروكسل) يرسم فيه ملامح العاصمة البلجيكية بمزاج المسافر العابر وليس بروح الساكن المقيم كما نجده في قصائد طه. ياسين اختار من جهته تقديم مدينته مراكش من خلال قراءة مقاطع من كتاب (مراكش: أسرار معلنة) الذي كتبه بالاشتراك مع سعد سرحان وصدر قبل أشهر فقط عن دار مرسم للنشر. مراكش التي حضرت في النصوص التي قرأها طه عدنان خلال الأمسية مضمخة بالحنين.
هكذا تنقل بنا طه عدنان وياسين عدنان خلال الأمسية ما بين مراكش وبروكسل في رحلة طريفة مشوقة، رحلة تؤكد أن السفر الشعري بين المدن هو دائما سفر فردي سعيد زادُه الألفة والوحشة، اللهفة والنفور، الضيق والحنين.