أنا قارئ الروايات
أسترسل في مصير غيرى
كل مرة
ولى أكثر من نهاية
أختار منها ما يناسب سحنتى
أو حالة الطقس
أحيانا ًأقعد فى انتظار مؤلف
وأحيانا ًأجتر نفسى
لست أكثر من ريشة
أو فاصل بين صفحتين
ومن حسن حظى أن الرواية تسع الجميع
الرجل وظله
القضاء والقدر
لكنّ أحدا ًلا يشاركنى الحزن
كلما انتهيت من القراءة
سألقى نظرة أخيرة على صياد "هيمنجواى" العجوز
الذى اصطاد البحر
على "ساحر الصحراء" ..
لا بأس بالأرواح المفبركة الخفيفة
سأترك "جرنوى" يقطر أرواح الجميلات
فى زجاجة
ما من شىء قد صار حقيقة كالزجاج
كم من مرة قلت :
لو كانت لى يدان قادرتان على إطلاق منديل
لكن يدى كانت عادية
فأنا محض قارىء
تسلمه الروايات واحدة إلى الأخرى
ومع الوقت اكتشفت أننى بلا شخصية
لست منديلا ً، فأطير
لا أحرف الموت
لست إلا قارئا ً
لم تحك لى أمى شيئا ً
كنا مشغولين بالبيع
لكننى عرفت كيف أذهب إلى حيث تقودنى أمى
الروائيون محظوظون
فالحياة بها الكثير من الثغرات
فى الحبكة
مع كل رواية أؤلف نسخة من نفسى
ثم أفقدها
متعللاً بالبحث عن زجاجة
أحفظ فيها رماد أبطالى
لا بد أن أحدهم كان يتقمصنى
حين ذهبت لخطبة شاهيناز
فى السابعة صباحا ً
لا بد أن إحداهن استعارت شخصية أمها
حين ظنت أننى الزبال
لا بد أن أحدهم أجبرنى على أن أردم المستقبل
هل تفهموننى
أو لعلها أمى، روايتي المفضلة
التى خرجت منها للتو
فى الفصل الرابع
دون أن أكمل القصة
صرت كهلا ً
فجأة ، دون أن آتى لها بالمستقبل
من ذيله
مجرد كهل يستقبل يومه من غير ود
يخاف أن يتسرب الشيب إلى منطقة حساسة فى جسمه
لا يصدق أن قبرا ًواحدا ً
سيتسع له
ولهذا يفكر فى بناء قبر لأبطاله
لا أريد سوى قبرين
لأكتشف نفسى
من كل صوب
أنا فى قبرين يا أمى ، كى لا أختلط عليك
أحكى لزملائى من الموتى
عن جلبابك الأسود
أحكى لهم ببطء
كى لا تنتهى الرواية .
_________
- "ساحر الصحراء" ، رواية لـباولو كويلهو
- "جان باتيست جرنوى" بطل رواية "العطر"