في إطار الاحتفال باليوم العالمي للشعر، تم مساء اليوم الجمعة بالرباط، إحياء أمسية شعرية وغنائية فضلا عن تنظيم معرض للصور الفوتوغرافية. وشارك في هذه الأمسية، التي نظمها فرع الرباط لاتحاد كتاب المغرب بتعاون مع المكتبة الوطنية بالرباط، مجموعة من الشعراء والزجالين والموسيقيين حيث امتزجت الكلمة الشعرية العذبة باللحن الراقي والأغنية الملتزمة. وأنشد الشاعر عبد الهادي السعيد، الذي صدر له ديوان (تفاصيل السراب) سنة 1996 (نال عنه جائزة اتحاد كتاب المغرب للشعر 1996)، و (لا وأخواتها) (2003)، و (روتين الدهشة) (2004) فضلا عن رواية باللغة الفرنسية، خمس قصائد من بينها (تفكيك قصيدة)، و (زواج الشاعر)، و (عبث). ولفت الشاعر محمد أنور محمد انتباه الحضور، بصوته الجهوري وطريقته في إنشاد قصائده، التي تذكر بالأسلوب المتميز للشاعر العربي الراحل محمود درويش التي خيمت ذكراه العطرة على القاعة التي احتضنت هذا الحفل بالمكتبة الوطنية. يقول محمد أنور محمد في مطلع إحدى قصائده من ديوان (أحتمل الوجود) الصادر في 2008، (تستاء من وجهي السماء.. كأن راية شاعر.. رفعت على أنفي.. كأن حروب أفكار.. تحاك على الجبين.. كأن شيطانا رفيع المستوى.. وسط العيون.. كأن أسئلة بزي عسكري.. في دمي تغلي). وألقت الشاعرة وداد بنموسى قصيدتي (زوبعة في جسد)، و (بين غيمتين) فيما ألقى الشاعر حسن مرصو مختارات من ديوان (يا حرقا في يدي) الذي سيصدر قريبا فضلا عن إلقاء الشاعر أحمد المسيح قصيدة زجلية بعنوان (ريحة الكلام). وتخلل هذه الأمسية، التي استهلت بتقديم مقطوعات موسيقية غربية أدتها فتاتان في ربيعهما السابع عشر (رانية الشاوي وفاتن بركاش)، أداء الفنان رشيد الشناني الذي صدر له مؤخرا ألبوم موسوم بـ (في حضرة محمود درويش)، لأغنيتين مختارتين لحنهما للشاعر الفلسطيني الراحل هما (لا تتركوني) و (على هذه الأرض ما يستحق الحياة) كما أدى الفنان رشيد برومي أغنية (أحبك أكثر).
وفي كلمة افتتاحية، اعتبرت الكاتبة العامة لفرع الرباط لاتحاد كتاب المغرب ليلى الشافعي أن الشعر والموسيقى صنوان وأن الموسيقى هي لغة العالم تماما كما الشعر مضيفة أن (الشعراء يرتقون الكلمات ويخيطونها ليصنعوا منها شبكات تنفتح على العالم، والموسيقيون يجعلون من تلك الكلمات ألحانا يغردون بها مثل عصافير الربيع).
واستحضرت ليلى الشافعي أرواح الشعراء الذين غادروا هذه الحياة وعلى رأسهم الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، الذي (توقف قلبه عند مشرط الجراح، ذلك أن حزنه على شعبه كان أكبر من أن يسمح لجراح مبتذل أن يكشفه).
وفي ما يتعلق بالاحتفال باليوم العالمي للشعر، وصف عبد الهادي السعيد، هذا الاحتفال بـ (المفارقة اللذيذة)، معتبرا أن (الشعر اليوم أبعد ما يكون عن هوس الاحتفاء، سواء بنفسه أو بالحياة بشتى تمظهراتها).
وأوضح السعيد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الشعر (إذا احتفى اليوم بشيء، فإنما يحتفي بأزمته، بغيابه، بفراغه)، مضيفا (هنا تمكن استمراريته، فهو حاضر في غيابه).
من جهته، اعتبر محمد أنور محمد، في تصريح مماثل، الاحتفال بالشعر احتفالا بالحياة وبالخيال واللغة، مضيفا أنه (طقس للتذكير بالأهمية التي يحتلها الشعر في ذاكرة البشرية باعتباره ضرورة وليس مجرد خيار أو ترف فكري) ونظم على هامش الأمسية معرض للصور الفوتوغرافية للفنان نور الدين مي والذي ضم 29 صورة من الحجم المتوسط شملت صورا راقصة لإحدى أشهر الفرق الاستعراضية الصينية من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولوحات الفانطازيا للخيالة، تناولت محوري (الإنسان والخيل... التحدي)، و (الإنسان يتحدى الإعاقة). وجاء في ورقة تقديمية للمعرض، الذي حضر حفل افتتاحه سفير جمهورية الصين الشعبية المعتمد بالمغرب، أن (الرابط بين هذين المحورين هو عنصر الفرجة، ففي الفانطازيا نبصر تاريخا، إنه تاريخ الإنسان، خاصة العربي منه، عبر العلاقة التي نسجها مع الفرس، سواء كدابة للنقل أو الحروب، وبقي المغرب محافظا عليها كتراث، يعني أنه تاريخ تحول إلى تراث، وهذا في حد ذاته تحدي). وبالنسبة للفرجة المتعلقة بالمعاقين، تضيف الورقة التقديمية، فإنها (إبداع إنساني محض يظهر التكامل المدهش بين الرجل والمرأة في رسم لوحات تتجاوز الزمان والمكان، لوحات قد لا يستطيع الإنسان المتمتع بجميع حواسه رسمها).
أمسية شعرية بالرباط