ربيع القصيدة المغربية بتطوان

سليمان الحقيوي

شهدت المدرسة العليا للأساتذة يوما شعريا تحت عنوان (ربيع الشعر المغربي)، وذلك يوم الجمعة 20 مارس 2009 ابتداء من الساعة العاشرة صباحا، الجلسة الصباحية افتتحت بكلمة رئاسة الشعبة حيث تم التنويه فيها بالقيمة التي يحظى بها اليوم العالمي للشعر وضرورة الاحتفاء به بطريقة نقدية وجمالية.

وتميزت الجلسة النقدية الصباحية التي قام بتسييرها الباحث عبد السلام دخان بمداخلات وقراءات في دواوين لشعراء مغاربة، حيث اعتبر أن الشعر المغربي المتسم بثراء كبير يستدعي الاقتراب من منجزه والإنصات لأسئلته على نحو نقدي رصين، ومن دون شك فإن هذا الشعر الذي عرف لحظات ابتهاج كبرى يعاني اليوم من غياب المواكبة النقدية نتيجة لغياب المثقف عن الساحة الأدبية ونتيجة للعدة النقدية التي أصابها العطب بعد تبدل المرجعيات النقدية، ومن هذا المنطلق فإن هذه الندوة تأتي استجابة لهذا الطموح، في محاولة لمد جسور الفهم والتأويل بين النص النقدي والنصوص الأدبية.

فكانت البداية بمداخلة الدكتورة فاطمة الميموني الموسومة بـ: (عبور المعنى) في ديوان (وذاتي رأيت) لعبد اللطيف شهبون فقدمت فرشاً نظرياً لإشكالية المعنى انطلاقاً من الثراث النقدي العربي خاصة لدى قدامة بن جعفر، والجرجاني، واعتبرت أن إشكال المعنى في التجربة الصوفية يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى المرجعية الصوفية الغنية. وبعد تقديمها لشواهد شعرية من الديوان ورصدها لأثر توضيف المعنى في (وذاتي رأيت) اعتبرت أن تجربة الشاعر ناضجة لأنها تحتفي بالإشارة وتتجاوز حدود العبارة عبر لغة زاخرة بالمعاني والدلالات. ولعل لحضور المعجم الصوفي أثره في تحول اللغة الشعرية التي اكتسبت إيقاعاً خاصا وبعدا روحيا ينفتح مع كل قراءة عاشقة. ومكونات العمل الشعري لا تنفصل عن الرؤيا الصوفية لدى الشاعر، أنها تتجاوز حدود المحسوس لتصل إلى آفاق تنشد الجمال والصفاء.

وفي المداخلة الثانية المعنونة بـ (اللغة الشعرية في ديوان (أحتمل الوجود) لمحمد أنوار محمد). حاولت الدكتورة سمية المودن أن تبحث فيما تخفيه نصوص الديوان، ويتوارى خلف لغتها، وما تحمله تلك اللغة من إشارة وإيحاء. إن هذا الديوان ـ حسب الباحثة ـ يعد عملا فريدا مفردا، لأن اللغة التي احتمى بها الشاعر غير مرتبطة بالظاهر، بل هي لغة آتية من الأعماق، منبثقة من رؤيا متجذرة، رؤيا ذاتية عميقة، عنوانها الباطن. وبالتالي فإن الشاعر قد وقع في إسار لغة صوفية، لغة موحية، تحمل هواجس الذات، وتنطق بالألفاظ والعبارات معبرة عن المعاني الخفية.

أما الباحث المعتمد الخراز فقد وقد قسم مداخلته: (الحزن والموت في ديوان (مرثية الكتف البليل) لمزوار الإدريسي). إلى قسمين، تحدث في الأول منهما عن هيمنة تيمة الحزن في قصائد الديوان، سواء على مستوى العناوين أم المعجم أم الصور الشعرية، غير أن الحزن لا ينتهي بالشاعر إلى الأفق المسدود والاستسلام للبكاء والشكوى، وإنما يقوده إلى التحدي والبحث عن الحرية واستشراف المستقبل... ولن يتحقق ذلك بالنسبة للشاعر إلا باتخاذ الشعر مملكة وبيتا ومرآة له، أما القسم الثاني فقد خصصه للحديث عن أبعاد الموت في قصائد الديوان، فتحدث عن الموت بالنسبة للإنسان البسيط المهاجر في قصيدة (مرثية الكتف البليل)، والموت ببعده الفلسفي في قصيدة (ما وراء الغياب) والموت ببعده النضالي في قصيدتي (العريسان) و (وتراتيل)
كما شكلت الأمسية المسائية أفقا آخر لمعانقة سماء القصيدة زادتها العبارات الجمالية والشاعرية التي قدم بها الشعراء كل من الباحث سليمان الحقيوي والباحثة زهور فتحي جمالا وبهاءا. حيث كان لقاء الجمهور العاشق مع ثلة من الشعراء الذين وإن اختلفوا في أنماط أدائهم الفني وميولاتهم الجمالية فإنهم جميعا كانوا ممسوسين بنار الشعر. بمشاركة:

عبد اللطيف شهبون ـ مزوار الإدريسي ـ محمد المسعودي ـ فاطمة مرغيش ـ عمر بنلحسن ـ نهاد المودن ـ مخلص الصغير ـ محمد أنوار محمد ـ أسعد البازي ـ محمد العناز ـ أحمد لحريشي ـ لبنى الفقيهي ـ عبد المجيد آيت عبو ـ يوسف العبدلاوي ـ كريم بلاد.