داخل الكادر.. رؤى سينمائية كتاب ينتصر لنجيب محفوظ السينمائي
يضم كتاب “داخل الكادر.. رؤى سينمائية” لمؤلفه هاشم النحاس مجموعة من المقالات، يقدّم فيها رؤى سينمائية لإشكاليات السينما المصرية كمؤسسة مجتمعية، ورؤى أخرى فنية خاصة بالسينما كفن، ومجموعة مقالات أخرى تتعلّق ببعض الشخصيات الفاعلة المؤثّرة في السينما المصرية.
ويقول المؤلف “ورغم تواضع حجم الكتاب فهو يضم (47 مقالة) ويرجع ذلك إلى أنها مقالات قصيرة، ممّا يسهل على القارئ، الإلمام بها سريعا، وإن جاءت شديدة التركيز نتيجة الارتباط بمساحة العمود الصحافي المحدودة، وقد أعدت ترتيب هذه المقالات دون الارتباط بتواريخ نشرها، وصنّفتها في مجموعات يحمل كل منها عنوانا، والكتاب لكل من يهمّه الإلمام بالثقافة السينمائية، وقضاياها المتشعبة، التي تتعلّق بالسينما المصرية خاصة”.
مؤلف الكتاب يسلط الضوء على القصور الشديد في ما يتوفر من معرفة بتاريخ السينما المصرية
ومن وجهة نظر المؤلف فإنّ تخلّي الدولة عن القطاع العام السينمائي لا يعني أن تتخلّى الدولة عن دورها في السينما، لأنّ معنى ذلك هو الفوضى، حيث تتضارب المصالح وينتهي الفن، أو أي نشاط اقتصادي مماثل، إلى الانهيار، ومن ثمّ كان لا بدّ من تدخّل الدولة للحيلولة دون الوقوع في هذه الفوضى، والحفاظ على التوازن بين المصالح المتضاربة لحماية أصحابها دون السيطرة عليهم، وبما يضمن تدفّق فن الفيلم بحرية، ويسمح له بالتطوّر والمزيد من النضج.
أستوديو مصر، مثل البنية التحتية الأولى لصناعة السينما، وكان مدرسة التقنية في السينما المصرية، والبداية الحقيقية لمسيرتها
ويعتبر المؤلف أنه من التحديات التي تواجه المعرفة السينمائية في ثقافتنا العربية، ويحدّ من قدرتها على التطور، القصور الشديد في ما يتوفر من معرفة بتاريخ السينما المصرية، وذلك رغم امتداد تاريخ هذه السينما على امتداد تاريخ السينما في العالم -تقريبا- الذي تجاوز القرن، ولا يرجع -فقط- هذا القصور إلى قلّة المراجع المكتوبة التي تصل إلى حدّ الندرة في هذا الموضوع، وإنما يرجع أيضا -وأساسيا- إلى الصعوبة التي تصل إلى حدّ الاستحالة أحيانا، في توفير طرق التعرّف المباشر للبحث عن الأفلام القديمة، وإمكانية مشاهدتها بالطريقة المتبعة، التي توفرها أرشيفات الأفلام ولا وجود لها في مصر.
ومن التحديات الأخرى أيضا التي تعوق الثقافة السينمائية، ذلك الحائط العازل بين المثقفين عامة والسينما، فقد ظلت السينما المصرية -وما زالت إلى حد كبير- تعاني من النظرة المتعالية للمثقف المتخصّص في فرع من فروع المعرفة، والمثقف العام أيضا؛ ما جعل السينما والثقافة السينمائية المصرية في شبه عزلة عن بقية البناء الثقافي.
ويرى الكاتب أن أستوديو مصر، يمثّل البنية التحتية الأولى لصناعة السينما، وكان مدرسة التقنية في السينما المصرية، والبداية الحقيقية لمسيرتها. ويعتبر أن نجيب محفوظ هو الذي حدّد لهذه السينما أهم اتجاهاتها الفنية، ووضع بذور المدرسة الواقعية التي منحت السينما المصرية شخصيتها المستقلة.
فقد قدّم نجيب محفوظ أول كتاباته السينمائية “مغامرات عنتر وعبلة” (إنتاج 1945) وامتدت إسهاماته في ما بعد أكثر من نصف قرن، شارك فيها بكتابة القصة السينمائية أو الإعداد السينمائي أو السيناريو، وذلك فضلا عن قصصه ورواياته الأدبية التي نهلت منها السينما المصرية مجموعة من أفضل وأجمل أفلامها، وبلغ مجمل إسهاماته 64 فيلما.
وكان فيلم “بداية ونهاية” (1960)، إخراج صلاح أبوسيف أول الأفلام التي أعدّت عن عمل أدبي من أعمال نجيب محفوظ، ومن بعده توالت الأفلام التي استمدت مادّتها من رواياته وقصصه القصيرة أيضا.
وكان لثراء هذه الأعمال الأدبية من ناحية الشخصيات والأحداث، وعمق دلالاتها ما سمح برفد السينما بعدد كبير من أنضج أفلامها، وأتاح لمخرجيها الكشف عن مهاراتهم ومنها: “اللص والكلاب” 1963، و”ميرامار” 1969 إخراج كمال الشيخ، و”خان الخليلي” 1966 إخراج عاطف سالم، و”القاهرة 30″ 1966 إخراج صلاح أبو سيف، و”ثرثرة فوق النيل” 1971، و”الحب تحت المطر” 1975 إخراج حسين كمال، و”الكرنك” 1975، و”أهل القمة” 1981، و”الجوع” 1986 إخراج علي بدرخان، و”الشيطان ” إخراج أشرف فهمي، و”الحب فوق هضبة الهرم” 1986 و”قلب الليل” 1989 إخراج عاطف الطيب.
ويقول المؤلف “نجيب محفوظ مثل طلعت حرب، كان نشاط كلّ منهما الأساسي خارج حقل السينما، نجيب في الأدب وطلعت في الاقتصاد، ولكن الأثر بالغ الأهمية الذي تركه كلّ منهما في فن الفيلم المصري العربي، حيث سجلا اسميهما بحروف من نور في تاريخ السينما المصرية”.
والجدير بالذكر أن كتاب “داخل الكادر.. رؤى سينمائية” لمؤلفه هاشم النحاس صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة “آفاق السينما”.