في ظل الحراك السياسي الذي يشهده السودان، تتواصل فعاليات الحراك الثقافي والفني بالبلد، وهنا تقرير عن ندوة وطنية احتضنها فضاء بيت الشعر بالخرطوم، واستقصت الخطاب الشعري السوداني وأهم اسئلته، واختير الاكاديمي المصري عبدالمجيد عابدين، اسما مكرما احتفاء بتجربته الرائدة التي قادته للتدريس الاكاديمي في جامعات السودان. وقد تنوعت الجلسات النقدية والمداخلات الفكرية، وصبت جميعها في محاولة تقديم صورة عن المشهد الشعري السوداني وأجياله وتجاربه.

ملتقى الخرطوم لنقد الشعر السوداني

 

يحتضن بيت الشعر بالخرطوم الدورة الثانية لملتقى الخرطوم لنقد الشعر السوداني الذي يقيمه بيت الشعر التابع لدائرة الثقافة بحكومة الشارقة، وذلك يومي 25 و26 أغسطس/آب الجاري ويشارك فيه مجموعة من النقاد والشعراء السودانيين والعرب.

وقد اختير اسم الأكاديمي المصري الدكتور عبدالمجيد عابدين - الذي قام بالتدريس في عدة جامعات سودانية منها جامعة الخرطوم، وجامعة أم درمان الإسلامية والجامعة الأهلية، عددا من السنوات قبل عودته إلى كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وتوفي بعدها - ليكون شخصية الملتقى في دورته الثانية، وسوف يلقي د. أبوعاقلة إدريس إضاءات حول الراحل الدكتور عابدين في جلسة يديرها محجوب دياب.

في افتتاحية الملتقى يلقي مدير بيت الشعر الدكتور الصديق عمر الصديق كلمة البيت، وتلقي الدكتورة هالة أبا يزيد. كلمة اللجنة العلمية.

ثم تعقد الجلسة العلمية الأولى بإدارة د. مصطفى الصاوي، وفيها يتحدث عادل سعد يوسف حول الحداثة والتراث في الشعر السوداني: صحو الكلمات المنسية، ويتحدث الواثق يونس عن شعرية المرايا وحداثة الخطاب.
وفي الجلسة العلمية الثانية التي ستعقد صباح اليوم الثاني وتديرها د. هالة أبا يزيد، يقدم الشاعر المصري أحمد فضل شبلول قراءة في قصائد الشعراء السودانيين المشاركين في مسابقة "أمير الشعراء" بأبوظبي. ويقدم أسامة تاج السر قراءة في موسوعة الشعر السوداني التي أعدتها الباحثة والشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة.

وفي الجلسة العلمية الثالثة التي يديرها د. محمد الفاتح أبوعاقلة يتحدث بروفيسور محمد المهدي بشرى عن القصيدة العامية النضالية وعبقرية التناول الشعبي الخلاق، ويتحدث د. سعد عبدالقادر العاقب عن رمزية الرياح في شعر عبدالله شابو. ويتناول الناقد المغربي د. أنوار بنيعيش شعرية التخييل وألق المجاز في الشعر السوداني، وتعرض مداخلته الشاعرة عفراء فتح الرحمن.

وفي جلسة الشهادات الأدبية التي يديرها عالم عباس محمد نور يتحدث كل من: بشير عبدالله الماجد، وفاطمة بوهراكة، وإيمان آدم خالد.

ويختتم ملتقى الخرطوم لنقد الشعر السوداني بأمسية شعرية يقدمها محمد الخير إكليل، ويشارك فيها الشعراء: أزهري محمد علي، ومتوكل رزوق، وعبدالقادر المكي، وهيام الأسد، ومحمد المؤيد المجذوب، وأحمد اليمني.

الصديق عمر الصديق: الداعي لهذا الملتقى فرضته وضعية أن النقد ميزان الشعر فالنقد عافية الشعر، ولكن النقد يتقاصر عن الشعر ويتأخر كثيرًا بسبب قلة المنتوج النقدي.

جرت وقائع الجلسة الافتتاحية لملتقى الخرطوم لنقد الشعر السوداني بقاعة اتحاد المصارف بالخرطوم بتشريف خالد أبوسلب مدير إدارة الثقافة ممثلًا لوزارة الثقافة، وضيفي البلاد الذين تمت دعوتهما على شرف الملتقى: أحمد فضل شبلول من مصر، وفاطمة بوهراكة من المغرب، وبحضور كثيف من قبل الأدباء والشعراء والمهتمين بِشأن الشعر السوداني، بالإضافة إلى أجهزة الإعلام المختلفة من صحف وإذاعات وقنوات تلفزة محلية وعربية.
وقد استهل الافتتاح عزف مقطوعات موسيقية بالعود من قبل العواد عوض أحمودي، والذي عزف مقطوعتين بدأ بمقطوعة "النيل سليل الفراديس" وختم بمقطوعة "أرض الخير" المعروفة أيضًا بـ:"أنا إفريقي...أنا سوداني" ومقطوعات للعملاق الراحل محمد وردي خاصة في وطنياته "يا شعبًا لهبك ثوريتك" و"أصبح الصبح".

وفي مستهل كلمته ترحم الدكتور الصديق عمر الصديق مدير بيت الشعر بالخرطوم، على شهداء ثورة ديسمبر المجيدة، وعبر عن استبشاره بعهد الحرية والتحول الديمقراطي، واصفًا ثورة ديسمبر المجيدة بأنها قدمت درسًا للأجيال بالسودان، وقال: إنها أنجزت مبتغاها بسلمية المنحى متسامية فوق الجراح والمواجد.

الملتقى جاء بطعم مختلف، خاصة والآداب تزدهر في عهود الحرية متمنيًا النماء والتميز لكافة المبدعين السودانيين.
وأكد الصديق أن الداعي لهذا الملتقى فرضته وضعية أن النقد ميزان الشعر فالنقد عافية الشعر، ولكن النقد يتقاصر عن الشعر ويتأخر كثيرًا بسبب قلة المنتوج النقدي، ولذلك جاء الملتقى الأول، وهذا هو الملتقى الثاني والذي سوف تتواصل فيه الدراسات حتى تصبح تراكمًا يجد فيه الباحثون والدارسون ما هو مفيد لهم في الدرس النقدي للشعر.
ومن ثم تحدث الصديق عن شخصية الملتقى لهذا العام هي الأكاديمي والشاعر الكبير عبد المجيد عابدين من مصر، والذي قدم كثيرًا للثقافة السودانية، وللشعر في السودان، خاصة في مجال النقد والدراسات، حيث لا يوجد باحث كتب شيئا عن الثقافة السودانية إلا بالرجوع إلى كتابه "تاريخ الثقافة العربية في السودان"، وقال: إن عابدين يحتفي به أهل الشعر وأهل الفلكلور لأنه اهتم بالتراث الشعبي المنطوق بالسودان.

وقال الصديق: إن الملتقى هذا العام أيضًا يحتفي بالشاعر أحمد فضل شبلول من مصر أيضًا وهو الباحث في الشعر السوداني ومن المهتمين به أيضًا، ولا أذيع سرًّا إذا ما قلت إن جذوره تنحدر من أصول سودانية فأبوه من دنقلا.
ويحتفي بالدكتورة فاطمة بوهراكة من المغرب، والتي أنجزت عملًا للسودان غير مسبوق هو: "موسوعة الشعر السوداني الفصيح" لتشريفهما بالحضور، وحضورهما هذا يزين هذا المحفل ويغنيه.

وختم الصديق كلمته بتجديد الدعوة لكل النقاد في السودان للكتابة في نقد الشعر السوداني داعيًا إلى تجسير الهوة في هذا الباب من الدراسات الثقافية والنقدية.

كما شكر اللجنة العلمية واصفًا إياها باللجنة المدققة والصارمة علميًّا فقد أحسنوا الصنيع بالعمل الدؤوب، وجعلوا من هذا اللقاء ممكنًا

وقدم الشاعر أبوعاقلة إدريس نبذة عن ملامح سيرة الدكتور عبدالمجيد عابدين وأهم منجزاته فى السودان ومؤلفاته، وأيضًا ما قاله عن الأدباء والكتاب والمثقفين السودانيين، بالإضافة للأجيال الذين تتلمذوا على يديه.
وفي ختام حفل الافتتاح تم تكريم المحتفى به اسم الراحل الدكتور عبدالمجيد عابدين، وناب عن أسرته الشاعر المصري أحمد فضل شبلول الذي تم تكريمه أيضا مع الشاعرة والباحثة المغربية فاطمة بوهراكة.