فصل جديد يكتمل من حكاية اللؤلؤ في مدينة المحرّق، حيث أعلنت هيئة البحرين للثقافة والآثار مطلع الشهر الجاري عن الانتهاء من تشييد الساحات العامة الستّ عشرة لمسار موقع "طريق اللؤلؤ: شاهد على اقتصاد جزيرة"، المسجل على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).
وبهذه المناسبة قالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة الهيئة: "مستمرون في تحقيق المنجز الحضاري والثقافي، فبعد أن افتتحنا مركز زوّار موقع طريق اللؤلؤ نهاية عام 2018م حيث كانت المحرّق عاصمة للثقافة الإسلامية، نُكمل اليوم جزءاً أساسياً من الموقع ونقترب أكثر من الانتهاء من تجهيز هذا المَعلم لاستقبال زوّاره من كافة أنحاء العالم". وأردفت: "منجزاتنا الثقافية حققناها بفضل الدعم المستمر من قبل قيادتنا الرشيدة، وقد عكس حضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، بالإنابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، لافتتاح مركز زوار طريق اللؤلؤ ضمن احتفالات ختام برنامج المحرّق عاصمة للثقافة الإسلامية 2018، حرص واهتمام القيادة بالتراث العمراني والثقافي لمملكة البحرين".
وأضافت معاليها: "نقدّم في مدينة المحرّق نموذجاً ناجحاً للتنمية المستدامة وصناعة السياحة الثقافية"، مؤكدة أن الاستثمار في البنية التحتية الثقافية للمدن القديمة في البحرين يساهم في توفير أساسيات الارتقاء بالمجتمعات المحلية على كافة المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وأوضحت أن هيئة البحرين للثقافة والآثار تنفّذ مشاريع الحفاظ على المنجزات الحضارية البحرينية والترويج لها على المستويات الإقليمية والعالمية من أجل تعريف العالم على بما تكتنزه المملكة من مقومات ثقافية وإنسانية.
محطات للزوّار على مسار يمتد ل 3.5 كيلومتر
يمتد موقع طريق اللؤلؤ لمسافة تقارب ال 3.5 كيلومتر في مدينة المحرّق بداية من شاطئ قلعة بوماهر جنوب المحرّق، وصولاً إلى مجلس ومسجد سيادي في قلب المدينة القديم. ويربط هذا المسار العديد من المكونات الحضرية التي تفصّل وتشرح قصة صيد اللؤلؤ.
ومن أجل توفير تجربة متكاملة لزوّار الطريق، عمدت هيئة البحرين للثقافة والآثار على تشييد ساحات عامة ترافقها عناصر إضاءة خاصة، وذلك من أجل توجّه الزوّار على طول المسار وتقديم محطات استراحة ولقاء وتفاعل ما بين السكّان المحليين والزوّار، إضافة إلى توفير أماكن للتجمّع والراحة والتفاعل ما بين مختلف أفراد المجتمع. وتم تنفيذ الساحات العامة لمسار موقع طريق اللؤلؤ من قبل مكتب باس سميتس ومكتب كيرستين جيرس ديفيد فان سيفيرن بالتعاون مع بيت الخليج للهندسة. ومن أجل صناعة أجواء ملائمة لحكاية طريق اللؤلؤ ومناسبة من الناحية البصرية والعمرانية لبقية عناصر الطريق، تم الاعتماد في تشييد الساحات العامة على الأرضيات الخرسانية والآثار الحضري مع توفير غطاء من الأشجار لتوفير الظل وتلطيف المناخ المحلي. كما تم تكييف الساحات العامة وفقاً لمكانها ضمن الطريق ومحيطها العمراني، فتم تزويد بعضها بعناصر مختلفة كالملاعب والمدرّجات والأكشاك وغيرها.
طريق اللؤلؤ، شاهد حضاري على حقبة هامة من تاريخ مملكة البحرين
وما بين الساحات العامة، يمكن للزائر التعرف على طريق اللّؤلؤ الذي يحتوي على سلسلة من المباني التراثية والتاريخية الموزّعة ضمن النسيج العمراني العريق لمدينة المحرّق، لتقف جميعها شاهدة على التراث الثقافي لاقتصاد اللؤلؤ الذي ازدهر في منطقة الخليج العربي منذ فجر التاريخ وحتى أوائل القرن العشرين.
وكانت هيئة البحرين للثقافة والآثار قد افتتحت أواخر عام 2018م مركز زوار طريق اللؤلؤ، حيث يحتضن المركز في تصميمه الداخلي الأجزاء التاريخية والبقايا الأثرية لاثنتين من العمارات التاريخية، عمارات يوسف بن عبد الرحمن فخرو، والتي تم بناؤها في ثلاثينيات القرن العشرين، بالإضافة إلى عدد من الموجودات الأثرية التي عُثر عليها في الموقع. وتم تصميم مركز الزوار من قبل المهندس السويسري العالمي فالريو أولجياتي ومكتبه للهندسة المعمارية. وإضافة إلى مركز زوار طريق اللؤلؤ والساحات العامة، فالموقع يفتح مجال الزيارة لكل من قلعة بو ماهر، بيت الغوص وبيت النوخذة. يذكر أن موقع "طريق اللّؤلؤ: شاهدٌ على اقتصاد الجزيرة" قد إدراجه على قائمة التراث العالمي في العام 2012م كثاني موقع مسجّل على القائمة في مملكة البحرين، وذلك كشاهدٍ تاريخي على تراث اقتصاد اللّؤلؤ الذي يعود إلى آلاف السّنين، ولأهميّته العالميّة كمورد اقتصاديّ ومؤثّر في النّظام الاجتماعي في البحرين.