بين الحلم والوهم: قراءات في روايات مغربية

وليد المسعودي

شهدت خيمة الندوات بالمعرض يوم الثلاثاء 31 مارس 2009 ابتداء من الساعة الخامسة مساء، بفضاء ساحة السراغنة، لقاء حول الرواية تحت عنوان التخييل الروائي المغربي الآن.  في إطار الأنشطة الثقافية الموازية للدورة الثانية من المعرض المحلي للكتاب المستعمل، الذي تنظمه الجمعية البيضاوية للكتبيين، وقد ترأس هذا اللقاء الكاتب عبد الحميد الغرباوي. وتمحور حول ثلاث روايات صادرة سنة 2008 وهي قصة حديقة الحيوان ليوسف فاضل وحلم بين جبلين لمحمد غرناط وغابت سعاد لبوشعيب الساوري.

وكان أول متدخل هو إدريس الخضراوي (القنيطرة) بورقة تحت عنوان قصة حديقة الحيوان: التركيب السردي والدلالات. استهلها بتقديم عن خصوصيات الكتابة الروائية لدى يوسف فاضل على امتداد تراكم نصوصه الروائية. وبعد ذلك انتقل إلى إبراز خصوصيات الصوغ الروائي في رواية قصة حديقة الحيوان مستحضرا حكايتها الرئيسية، ليؤكد أن الرواية تشتغل على اللغة وتفكيك وحدتها في ارتباط بهويات الذوات الروائية ورؤاها للعالم الذي تعيش فيه، عبر خلق مسافة بين السارد والشخصيات..

ثم انتقل بعد ذلك إلى مستوى التأويل مؤكدا أن الرواية تتضمن إشارات قوية تحيل على الواقع الاجتماعي المغربي خلال السبعينيات من خلال ممارسة فنية وهي المسرح ومحاولة ترسيخها والإكراهات التي واجهتها.

الورقة الثانية قدمها ياسين بهوش (الدار البيضاء) حول رواية حلم بين جبلين لمحمد غرناط، استهلها بالتأكيد على حضور لاوعي الكاتب في هذه الرواية من خلال رهان كتابة الرواية. ومن ثم تميزت الرواية بحضور لمنطق الثنائيات (الممكن/ المستحيل، الماضي/ الحاضر، الغرب/ الشرق،)، انطلاقا من إمكانية كتابة رواية عن امرأة منفلتة واستحالتها، لتصير كتابة الرواية مشروعا للشخصية له عقباتها أهمها الشخصية في حد ذاتها. كما يتخذ البطل نماذج له من التراث الغربي والتراث العربي حول علاقات الحب الاستثنائية، الشاعر أراغون وعلاقته بليزا، وقيس بن الملوح وعلاقته بليلى. كما أشار إلى أن الرواية على مستوى البناء تقوم على التلاعب بالأزمنة الثلاث(منشورات) وتداخلها.

وكان آخر متدخل هو الحبيب الدايم ربي (سيدي بنور) بورقة عن رواية غابت سعاد لبوشعيب الساوري وسمها ب أوهام الحكاية وسراب الكتابة أكد في بدايتها أنه سيقدم إضاءات سريعة عن محفل الحكاية وأيضا عن محفل الكتابة (الصوغ الأدبي). وأشار إلى الإحالات التناصية للعنوان غابت سعاد في القصيدة الجاهلية وفي قصيدة كعب المشهورة، لكن قراءة الرواية تكسر أفق انتظار القارئ فلا وجود لسعاد الشعراء ولا حتى لسعاد العشيقة أو المعشوقة ولا حتى السعادة.

كما أشار على أن غابت سعاد هي الرواية الأولى التي عالجت موضوعا يندرج ضمن المسكوت عنه وهو هجرة العمالة الناعمة إلى بلدان الخليج، وهي بذلك تمثل خرقا على مستوى الموضوع وأيضا على مستوى المتخيل.

وفي حديثه عن محفل الحكاية أكد أن الحكاية سراب غير مقبوض عليه وتبقى في نهاية القراءة مجرد تخمينات، ويتقوى ذلك في نهاية الرواية بإرجاء عودة سعاد. ويتقوى هذا الملمح السرابي في الحكاية بحضور التسويف، بتسويف ملف الأب المتقاعد المدمن على رهان الخيول وهو بدوره سراب.

أما عن محفل الكتابة فقد بين الحبيب الدايم ربي أن الرواية اعتمدت بناء سرديا قائما على ثنائية المتن والهامش، وفق ثنائية صراع الحقيقة والإشاعة، وأيضا ثنائية الشفهي والمكتوب. مؤكدا أن هذا الصوغ الروائي ساهم في تقديم الحكاية السرابية.