في حضرة القص: جماليات في القصة المغربية

سعيد الراقي

 تنفيذا لبرنامجها الحافل بالأنشطة الثقافية الموازية لدورتها الثانية من المعرض المحلي للكتاب المستعمل، نظمت الجمعية البيضاوية للكتبيين يوم الأحد 29 مارس 2009 على الساعة السادسة مساء، بفضاء ساحة السراغنة، لقاء حول القصة القصيرة تحت عنوان جماليات جديدة في القصة المغربية قراءات وشهادات. وقد ترأس هذا اللقاء الباحث عبد اللطيف حبشي. وقد توزعت مداخلات هذا اللقاء على ثلاثة أقسام.

جماليات القصة القصيرة
خصص الشطر الأول من هذه الجلسة لقراءتين نقديتين حول عملين قصصين جديدين. وكان أول متدخل هو عبد الرحمن التمارة (ناقد من أكادير) قدم قراءة نقدية في مجموعة الإقامة في العلبة للقاص حسن البقالي، وسمها بـ جمالية الأزمة الجارحة ابتدأها مؤكدا أن القص في المجموعة ينبني على مقولة الكشف الفاضح للأزمة بوسائط جمالية،ثم ابرز كيف يتخذ القص بعض العناصر الفنية ليعبر عن أزمة إنسانية مثلا في قصة سينما تبرز لنا الأزمة الإنسانية كما يكشفها الفن السابع، أي أزمة الإنسان من داخل الفن عبر الاشتغال على مجموعة من المؤثرات الصوتية. كما بين أن المجموعة تعبر عن أزمات متعددة يعيشها الإنسان المعاصر تحاول أن تعلمنا الاتساع والتحرر، لتصير الإقامة في العلبة معادلة رمزية للإقامة في الأزمة الجارحة عبر لغة شاعرية ساخرة محملة بالدلالات المتعددة.

المتدخل الثاني كان هو عمر العسري (الدار البيضاء) بورقة عن مجموعة أكواريوم للقاص عبد الحميد الغرباوي بعنوان تنويعات الأداء القصصي في مجموعة أكواريوم ركز فيها على رصد الخصوصيات الجمالية للأنماط السردية في المجموعة ووجد أنها تتمثل في أربعة أنماط:

    * النمط السردي الومضي
    * النمط السردي المضاد
    * النمط السردي المسترسل
    * النمط السردي المتوالي.

هذا الأخير الذي يتأسس على أحداث متقطعة تعتمد تعدد المستويات وتداخلها والانزلاق على سطح الواقع بدل النفاذ إليه.

شهادات من المختبر القصصي
خصص الشطر الثاني من هذا اللقاء لشهادتين لقاصين عن تجربتهما القصصية. الأولى للقاص محمد اكويندي عن مجموعته سرير الدهشة كشف فيها عن الرؤى الجمالية الثاوية وراء كل قصة من قصص المجموعة. وقد مثل على ذلك بمجموعة من القصص.

ففي القصة الأولى مزواة كتبت بوعي هندسي هناك ثلاث شخوص كل واحد يشكل ضلعا ليرسموا لنا زاوية. وفي القصة الثانية المعنونة بالكلب هناك اشتغال على الخارق. وفي قصة سرير الدهشة اشتغال على لعبة المرآة مع حضور لفعل الاسترجاع الذي لا يظهر إلا في نهاية القصة. وفي قصة الغراب اشتغل على الفانطاستيك. أما في قصة قرأت كفها فتصير قراءة الكف قراءة إبداعية بعين المبدع.

وتحدث أنيس الرافعي عن مجموعته الجديدة مؤكدا أنه بإصداره لمجموعة ثقل الفراشة ومجموعته اعتقال الغابة في زجاجة يدخل ذلك في إطار ثلاثية جديدة بعد ثلاثيته علبة الباندورا وهي حديقة المنمنات،كاشفا عن الخلفيات الجمالية الموجهة لمشروعه مبينا أن منطق الكتابة لديه يرتكز على عنصرين وهما:

    * فلسفة الحيز: ترتكز على منطق رؤية العالم في حبة رمل وفق منطق الاختزال الذي يميز القصة القصيرة، بمرجعية يابانية صريحة تضرب بجذورها في ثقافة ترصيص وتوضيب الحدائق ذات النظام المشترك.
    * مسألة الإيقاع: هو الإيقاع الشخصي للكاتب إيقاع الأسلوب وإيقاع السرد الذي يجعلنا ننصت إلى العالم بشكل جيد. مبينا أنه يستمد إيقاعه من فضاء ساحة السراغنة بأصواتها العشوائية التي انعكست على عشوائية القص.