شعور المثقف بأنه يقف وحيدا في معظم الأحيان، يزيد من إحساسه بالكآبة!
- بعد ركض طويل في ميادين الأدب والشعر وقضايا المرأة والطفل والإنسان امتدت خمسين عاما أو يزيد لم تضع فيه سعاد الصباح القلم ولم تتوقف عن الكتابة يوما.. هاهي تتوقف قليلا أمام شجرة العمر.. لتقطف منها ماطاب من الذكريات.. وتجمعها في كتاب حمل عنوان "وتبقى شجرة الصداقة مثمرة".. حيث تنحاز هذه المرة للنثر.. فيسيل القلم بالكلام والحنين والمواقف وهي تستعيد وجوه بعض الأصدقاء الذين جمعتها معهم محبة الكلمة وقضايا الإنسان.. والنضال الطويل في سبيل حرية القول واستقلالية العمل..
الكتاب صدر عن دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع كتاب جديد ، تناولت فيه مؤلفته الشاعرة الدكتورة سعاد محمد الصباح مقالات وكتابات ومقدمات كتب ورسائل تبادلتها مع أسرتها وأصدقائها وعدد من الشخصيات السياسية والإعلامية والأدبية والثقافية، كأنما تحيي الكاتبة شجرة التواصل الودّي بينها وبين أصدقاء الزمن الجميل.
وقد أهدت المؤلفة كتابها هذا (إلى أصدقاء الزمن الجميل..) حسب قولها في بداية الكتاب.
وجاء في المقدمة: "على مدى العمر.. نمرُّ بمحطات، ومواقف، وقلوب استوقفناها، واستوقفتنا. ثم حملتنا إلى مناطق بعيدة، وآفاق جديدة.. وربما رحلت بعد أن تركت بصماتها على جدران الذاكرة.. أبعدها الزمان، لكنها بقيت حاضرة.. لم تمر بنا مروراً عابراً، ولم نمر بها مروراً خاطفاً، فقد أخذت معها الكثير من النبض.. والكثير من الفكر".
وأضافت واصفة علاقة الصداقة والوفاء: "نكتشف أن بعض الأصدقاء يشبهون دهن العود.. كلما مر به الزمن ومضت السنوات (تعتق) وأصبح أطيب وأجود"..
وأما عن سبب جمعها لهذه المقالات والنصوص والرسائل فقالت الكاتبة: "وعلى مدى الشعر.. كان لي وقفات مع أسماء تركت أثرها في روح الكلمة، وروح العقل.. فجمعتُ أوراقي لأستحضر شيئاً من عبقها. أسماء جمعتني بها الكلمة، أو القضية، أو الإنسان.. فكتبت عنها".
وفي ختام المقدمة أكدت أن "هناك أسماء كثيرة لم أكتب عنها.. لها الحضور والمودة والمحبة.. لكنها في القلب كبيرة وإن لم يتكرم القلم بأن يخط عنها ما تستحق".
ومن الشخصيات التي كتبت لها أو عنها الدكتورة سعاد الصباح في هذا الكتاب كان زوجها سمو الشيخ عبد الله المبارك الصباح، الذي طالما تغنت باسمه شعراً ونثراً وتناولته في كتاباتها الأدبية والتاريخية والسياسية. وكذلك خصصت جزءاً من كتابها لما كتبته عن أبنائها وعائلاتهم.
ومن الشخصيات السياسية التي كتبت عنهم سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والرمز الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا والزعيمة الهندية أنديرا غاندي.
وكذلك تناولت مجموعة من الشخصيات التي تم تكريمهم في يوم الوفاء الذي أطلقته الدكتورة سعاد الصباح منذ سنين تكريماً لشخصيات عربية حية ومؤثرة، ومنهم عبد العزيز حسين، ونزار قباني، وصالح العجيري، والأمير عبد الله الفيصل، وآخرون.. فضلاً عن الكلمات الاحتفالية أو المقالات أو المقدمة التي كتبتها عن رموز الفكر العربي مثل الأمير الحسن بن طلال، والطيب صالح، ويوسف الخال، وعبدالعزيز حسين وأحمد الدعيج وعبدالله العتيبي ومنصور كيخيا، والطيب صالح وغيرهم.
وفي باب مستقل أفردت الكاتبة حيزاً للرسائل التي تبادلتها مع أصدقائها وأحبائها، وكانت أولها رسالة نادرة تنشر لأول مرة من والدها الراحل الشيخ محمد الصباح تعود لخمسينيات القرن الماضي، ومنها كذلك مراسلات مع مثقفين وأدباء وسياسيين تركوا بصمتهم على صفحات كتاب العروبة في السنوات الماضية، مثل: سعدي يوسف والأمير خالد الفيصل ورياض الريس وسليمان الشاهين وأحلام مستغانمي ويوسف الخطيب وأحمد الربعي وخليفة الوقيان وفاطمة حسين العيسى.. وغيرهم الكثير.
يذكر أن الكتاب جاء في 350 صفحة من القطع المتوسط ، وحمل غلافه بلوحة بريشة الكاتبة نفسها وهي الطريقة التي اعتمدتها في اصداراتها الأخيرة حيث حرصت على أن تكون لوحاتها حاضرة في كتبها، وهي الهواية التي مارستها الدكتورة سعاد الصباح فضلاً عن تخصصها الاقتصادي واحترافها الشعري المعروف.
وكانت الشاعرة قد كتبت في مفتتح أصدارها تحت عنوان "حتى لاتنتحر الكلمات":
لعل شعور المثقف بأنه يقف وحيدا في معظم الأحيان، يزيد من إحساسه بالكآبة وبخاصة مع انعدام الوسائل الفعالة لممارسة الدور الذي يتمناه لنفسه تجاه قضايا مجتمعه