شكلت الندوة الفكرية التي نظمها منتدى الافاق للثقافة والتنمية بخريبكة مؤخرا، في إطار فعاليات المهرجان الثقافي الجهوي الأول، حول الهجرة والثقافة، محطة إبداعية واكاديمية للتداول حول قضايا الهجرة من وجهات نظر مختلفة، في علاقتها بالخطاب الثقافي، والاكراهات التي يواجها كل طرف، في ظل التحولات والتطورات المتسارعة الانية.
وما أعطى لهذه الندوة القيمة، ثراء في المعطيات والأفكار، هو انها جمعت نخبة من المحللين والمتدخلين، كل واحد ادلى بدلوه في الموضوع، فكان لهذا المنتدى حصة معرفية خصبة، من وجهة نظر السيميائي والجامعي، بالكلية المتعددة التخصصات، بخريبكة، الدكتور الشرقي نصراوي، الذي سير الندوة تسييرها احترافيا، وكذا من وجهة نظر الناشط الجمعوي والباحث ميلود الخرمودي، والذي لامس بكل جدية، وبحث دقيق، محور الندوة من جانب تأثيرات الازمة الاقتصادية على المدن المصدرة للهجرة، مشتغلا على مدينة خريكبة كنموذج، والتي تشتهر بجاليتها الكبيرة في الخارج خاصة بإيطاليا.
كما شهدت الندوة التي قدمت فيها كل من رئيسة المنتدى ياسمين الحاج، وعميد كلية خريبكة، كلمتين قيمتين، فضلا عن تقرير شامل، انجزه الكاتب والأستاذ، عبد الكريم معاش، أطروحة مهمة، فصل فيها، الأستاذ عبد الهادي مخبان، الكثير من القيم الثقافية بين البلد الاصلي وبلدان الاستقبال.
وكان للرواية في هذه الندوة التي نظمت بالتنسيق من الكلية المتعددة التخصصات بخريبكة، حضورا وازنا، من خلال مداخلة قوية، للأستاذ والكاتب والروائي عبد الرحمان مسحت رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بخريبكة، سلط فيها الضوء بحكمته المعهودة، على انساق الهجرة في الرواية من خلال الكثير من الكتابات، وهي المداخلة التي تفاعل معها الملتقي بشكل واع.
وعلى مستوى الكتابة الإبداعية أيضا، عرف الإعلامي والكاتب والسينمائي الوثائقي الشرقي بكرين، كيف يعالج الموضوع، من وجهة نظر، إبداعية جميلة تتفاعل وتتعايش مع مجموعة من الاحداث والوقائع، حيث تناول الموضوع من وجهة نظر، مؤلفه القيم المعنون ب "الحلم الإيطالي" الذي أصدره مؤخرا، وتم توقيعه خلال المعرض الدولي للكتاب الأخير بالبيضاء، وذلك بطريقة ذكية استحضر فيها، الكثير من العينات والمحطات لأحلام مهاجرين مغاربة الى إيطاليا.
وامام هذا الزخم من المعطيات، والأفكار للأساتذة والباحثين والمبدعين الكرام، والنقاش الواعي، الذي اثمرته الندوة، من قبل الحاضرين، حول الموضوع، اعتبر الكثير من المتتبعين اللقاء ناجحا ومهما، وفرصة للوقوف على الكثير من المعيقات والاختلالات، والقضايا التي قد تطرحها محور الندوة، كرهان، على جعل الثقافي، مهمازا حقيقيا لتكسير الجمود الثقافي، واشراك الجمهور والمهتمين في التفاعل مع هذا الحدث الثقافي.
كما رؤوا ان هذه الندوة، فرصة حقيقية للتفاعل مع مثل هذه المنتديات الثقافية الساعية في العمق الى غرس قيم حس المبادرة، وتجاوز الفراغ السلبي، والتعريف بالطاقات الفكرية الكبيرة والمتميزة التي تتوفر عليها المنطقة، إضافة الى المشاركة الفاعلة في خلق نموذج جمعوي وثقافي مساهم في التنمية، ويرسخ للمقاربة التشاركة الهادفة والعيش المشترك السليم، على الصعيد الإقليمي والجهوي والوطني.
يشار الى ان فعاليات هذا المهرجان، الذي نظم بدعم من وزارة الثقافة والشباب ـ قطاع الثقافة، بكل من بئر مزوي وخريبكة أوزود واولاد عياد، اختتم الاحد الأخير، وعرف فقرات متنوعة، من أماسي شعرية وفنية، وتكريمات وازنة، مع تنظيم معارض، ورحلة سياحية، في افق، خلق مزيد من الاشعاع الثقافي، والتواصل بين المثقفين والجمهور.