افتتحت أخيرا فعاليات الأسبوع الختامي للدورة الأولى للمهرجان الوطني للمسرح التونسي بتونس العاصمة، وهي دورة تحمل اسم الفنان الراحل المنصف السويسي. واحتضن مسرح الجهات بمدينة الثقافة عرضا موسيقيا بعنوان «الولادة» للثنائي لبنى نعمان ومهدي شقرون، وهو عرض حاز خلال شهر أكتوبر الماضي على الجائزة الخاصة بالمواهب في بلدان المغرب العربي ضمن الدورة السادسة لأيام قرطاج الموسيقية. وقدم الفنان لطفي بوسدرة عرضا كوريغرافيا على إيقاعات الأغنية العالمية «أنا أغني تحت المطر»، ثم اعتلى المسرحيان منير العرقي والهاشمي العاتي ركح المسرح لتقديم مشهد مسرحي مقتضب يعود إلى سنة 1986.
وعبر مدير الدورة التأسيسية للمهرجان محمد مسعود إدريس عن سعادته باختتام هذه التظاهرة التي تضافرت فيها الجهود والعمل التشاركي بين إدارة الفنون الركحية والمجتمع المدني ومراكز الفنون الدرامية، التي أشرفت على البرمجة لمراعاة خصوصيات كل جهة واحتياجاتها. وألقى رئيس الديوان بوزارة الشؤون الثقافية علي مصابحية كلمة بالمناسبة، أكد من خلالها أن هذا المهرجان يعيد الاعتبار للمبدعين والمسرحيين ويُتيح لهم الفرصة لتقديم أعمالهم أمام جمهورهم في تونس وفي الجهات في إطار دعم اللامركزية الثقافية، مشيرا إلى تطور عدد مراكز الفنون الدرامية والركحية لتشمل جميع الجهات.
وتابع الحاضرون عرضا لمسرحية «المهفات» إخراج الهاشمي العاتي وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس بدعم من وزارة الشؤون الثقافية. مسرحية “المهفات” تبدأ من مشهد بسيط يصطاد فيه رفيقان السمك على ضفة نهر، لكن المسرحية سرعان ما أخذت المتفرج إلى أطر مكانية أخرى وهي القصر الرئاسي ومجلس النواب، حيث تحاك الدسائس والمكائد ويعم الفساد المالي والأخلاقي؛ انتقال من الجزئي البسيط إلى الكل، لمعالجة قاضايا هامة. ويطرح المخرج من خلال مسرحية «المهفات» الواقع السياسي التونسي والأحداث السياسية الأخيرة على غرار الانتخابات الرئاسية 2019 مستخدما تقنية الكوميديا السوداء.
جدير بالذكر أن فعاليات اختتام المهرجان الوطني للمسرح التونسي بالعاصمة تتواصل إلى يوم 16 نوفمبر الجاري بعرض مجموعة من المسرحيات وتقديم ندوات فكرية وحصص تكوينية في فن التمثيل والمسرح. وكانت فعاليات الدورة الأولى من المهرجان الوطني للمسرح التونسي قد انطلقت منذ شهر سبتمبر 2019 من مدينة الكاف (شمال غرب تونس)، لتمر إثر ذلك ببقية محافظات الجمهورية، حيث زار المهرجان كل المحافظات الـ24 لتونس من شمال البلاد إلى وسطها إلى جنوبها.
وقدمت هذه الدورة التأسيسية من المهرجان أكثر من مئتي عرض مسرحي، منها عروض احتراف وأخرى من مسرح الهواة، كما نظم المهرجان عددا من الندوات الفكرية التي تتناول أهم القضايا المسرحية الراهنة، إضافة إلى تقديمه ورشات تقنية تفاعلية وعروضا تنشيطية ومعارض توثيقية توزعت على مراكز الفنون الدرامية والركحية ودور الثقافة ومؤسسات سجنية وفضاءات أخرى، كما كانت هذه الدورة فرصة لتكريم العديد من الأسماء الفاعلة في مجال الفن الرابع منها من رحل تاركا بصمة واضحة وتاريخا إبداعيا حافلا ومنها من يواصل مسيرته ليثري المشهد المسرحي بأعمال طرحت شواغل الإنسان وقضاياه الجوهرية، اعترافا لما بذلته هذه الأسماء من عطاء للنهوض بالمسرح التونسي الذي أصبح حضوره فاعلا في المهرجانات العربية والدولية.