وُلِدَ تيرانس هايز في كولومبيا، جنوب كارولينا، وحصل على البكالريوس من كلية كوكر والماجستير من جامعة بيتسبرج.
يرى هايز المواضيع التي يتناولها في قاعدة من الثقافة العامة، العنصر، الموسيقى، والذكورة، تلك المواضيع التي يبتكرها من حين إلى حين قيودا شكلية. ويوظف هايز في كتابه الرابع لعباً بالألفاظ لا ينتهي على حساب المشاعر القوية: تكدر الأبناء، وعشق الزوج، واكفهرار المواطن، وغيرة الصديق.
إنها أبيات تثير الحيرة، كما رأت ذلك ستيفاني بيرت في نقدها عام 2010 بجريدة نيويورك تايمز. وفي عام 2013 في نقد للورين راسل، أقرت بأن أبياته "تسير وراء لغة من نوع خاص متحررة وفوق توقعات الناس". وترى لورين كذلك "أن الموسيقى في قصائده هي نموذج جوهري، إذ كيف يمكن أن تدنو من لغة كهذه اللغة وأن تدعها تدغدغ مشاعرك كقاعدة أساسية كما لو كانت قطعة موسيقية بلا كلمات تربط المعنى؟ ربما يكون ذلك غير سهل المنال. إن اللغة دائما تحمل الفكرة. وإنني أحاول على الدوام أن أصل إليها؛ يمكن أن تكون مثل الإحساس".
في تلك الأبيات الأربعة عشر، من الشعر الحر، والتي تحمل جميعها نفس العنوان، يلقي هايز، الحائز على الجائزة الوطنية للكتاب، نظرة ثاقبة على ماهية أن تكون أمريكياً، أن تنتمي وأن تُنتهك وتُنتهك بالعنصرية الشديدة.
انتحى هايز عدة مناحي ليركز على خطايا الأمة ويوظفها من خلال الإيقاع في قصائده. وتوقع أن ينتاب القارئ حالة من التحدي تقريبا في كل صفحة من صفحات دواوينه، من يعرف "ليس كافيا/ أن أحبك. ليس كافيا أن أشتهي دمارك"، ويضع تحذيراً من خلال قصائده:
"لن تستطيع أبدا أن تسفك دماء طيف خيالي
أحبسك في سونيتة أمريكية، هي جزء لا يتجزأ من سجن،
جزء من مرحاض يُنفرك، من حجرة صغيرة الحجم في بيت ٍيشتعلُ لهيبا.
أحبسك في صندوق الموسيقى، بعيدا عن اللحم.
مسحوقا فأفصل غنى الطائر عن عظامه.
أحبس ذاتك في حلم نائم يتعاطى المنوم قبل أن يخلد لفراشه
في حين ترقب أحلى حالات ذاتك عبر مبيضات الملابس.
سوف أجعلك صالة تدريبات رياضية، وغرابا هنا
لتُكَابد متنفسا حلوا حُبس بين أحشائك ذات ليلة
في ظلل من غرفة التدريبات الرياضية، في وقت لا يتساوى فيه براز الغراب الذي يتبرز في قعر بيتك بغرفة التدريبات
يتساقط من يافطات السباق على حوائطك.
صنعت لك صندوقا من ظلام يتوسطه قلب طائر.
فولتات، غريزة، واستعارة
لم يعد يكفي
أن أحبك، لم يعد يكفي أن أشتهي دمك."
من قال بأن السونت هي نموذج من نماذج الأدب جفت ينابيعه؟
إنه شكل من أشكال الأدب مازال يعيش بيننا، ويتنفس نارا وثلجا على يدي الكتاب الناشئين المفعمين روحاً مثل تيرانس هايز، الذي يقصف باروداً من التحدي في تلك الأربعة عشر بيتا.
يقبع هايز بين ثنايا التقليد للدرجة التي تمنح قصيدته وزناً: "بينما أفضل حالات ذاتك تُراقب من خلال المُبيضات التي تُستخدم في ملابسك".
جعلني هذا أفكر في قصيدة يتس:
"التالي آت مع المدى؛ غاية الافتقار إلى أية قناعة، في حين أن الأسوأ مُفعم بحدة الشهوة".
ما الذي كان على جلبرت وساليفان أن يفعلاه مع أي شيء؟
رسالة سخيفة للتذكرة، قراصنة مزيفون من الملوك، أن تحاول أن تحافظ على حس الدعابة، ولا سيما أن قطيع من البهائم الهائجة تتراخى نحو بيت لحم لتولَد من جديد."
يدع هايز القارئ في هذه القصيدة يُقرر الإجابات على التساؤلات التي طرحها في القصيدة، وفي نهاية الأمر هي تساؤلات شيقة تطرأ على ذهن القارئ. ما الذي يهواه هايز؟ ما الذي يريد أن يُدَمَره؟ التقاليد؟
"متع نفسك بحشو اللغة الفجة" للشاعر تيرانس هايز.
أعطى جيمس بولدوين المأزق على هذا النحو: "إن التاريخ قد حبس الناس وأن التاريخ محبوس فيهم".
في أحدث مجموعات تيرانس الشعرية سونتات أمريكية لماضي أيامي ومستقبلها الدامي، يبين الخطوط الواضحة كيف حبس التاريخ الناس بدفعهم ضد قيود الشكل للسونت في تلك الأربعة عشر بيتا. نجم عن هذا كتابا يتكلم بإلحاح وعنفوان، حاملين بين يديهم أدلة سخافات وقسوة اللحظة الحالية.
بدأ هايز كتابة مجلده السابع، كرد فعل على الانتخابات الأمريكية لدونالد ترامب، فجاءت العديد من قصائد هذا المجلد وكأنها تبعث رسالة غير مباشرة حول السياسي ترامب.
السياسي ترامب الذي صار فيما بعد "السيد طبلة"؛ كما جاء على لسان أحد المتحدثين بالسونت متسائلا، "ألست متحيزا لما يتهدد الوطن حاليا
ألست أحد استشارييه؟"
لكن هايز عندما رفض تسمية ترامب واعتبره واحدا من الأشباح بالديوان، فإنه ينبذ فكرة التقليل من ضخامة الأزمات السياسية التي نواجهها بأن دبسهم ونسبهم إلى أي شكل من الأشكال.
تتعاظم مشاكل أمريكا:
"شيء ما يحدث في كل مكان من أنحاء هذا الوطن
كل يوم. شخص ما يصلي لأجله، شخص ما فريسة في هذا الوطن".
"فلا السيئون من الناس هم الشجعان،"، ولا الطيب من الناس هم الجبناء"، لكنه يغير من صفو هذا التمييز بينهما. من "الطيب" ومن "الرضي" حينما قال:
"حتى تلك المرأة البيضاء طيبة السريرة،
تجرُ أذيالها وسط زحام العربات وأظافرها
على عجلات العربة، ورأسها حجرة من السواد
ربما موسيقى أمريكا العصرية في عزفها، تقريبا
بلا اكتراث تستنشق كلماتها الجديدة. ويبدو هايز في ديوانه مثل كلوديا رانكن في ديوانها "مواطن"، حيث يشكل الكتاب فكرة مؤكدة عن كيفية أن تكون أسودا تعيش في أمريكا. يُفعم الكتاب بالطموح، وينجح كذلك في ذلك الطموح؛ ومرجعيته في ذلك كلا من علم الآثار وعلم دراسة الأجناس والسلالات البشرية في الولايات المتحدة.
في نقد تارا ميكفوي لديوان هايز سونتات أمريكية لماضي أيامي ومستقبلها الدموي، الحائزة على المركز الثالث لجائزة بورجيز لفنون الصحافة لعام 2019، ترى الناقدة أن كل قصيدة من قصائد الديوان تحمل نفس العنوان، سونت أمريكية لماضي أيامي ومستقبلها الدموي في حنين إلى مدينة واندا. إن سونت هايز تستكمل ما شرع فيه كولمان في عام 1990. إلا أن في سونت هايز تجديد في الشكل. من خلال ديوان يحضر فيه الموت في كل آن وحين، "تحيا فيه الأسماء كالأسماء التي على القبور". فالسونت مثلها مثل "سجن/ كمرحاض يُثير الهلع، وغرفة ضئيلة الحجم في بيت يستشيط لهيبا". إنها صومعة ومأوى، وأن هذ الانقسام يشمل كل جزء من الكتاب: جزء منه معاهدة سياسية، وجزء هو رسالة حب لأصدقاء هايز وعائلته، والأهم من ذلك من سبقوه.
يسعى هايز في أولى قصائده إلى تقديم محاولة ليبتكر من خلالها تشريعا من عدة أنواع: أن الشاعر الأسود اللون يود أن يقول أنّه بداية فعلية لقرن جديد بالنسبة له. تشمل تلك "القلاقل والمتاعب "بولدوين، روح ترأست الديوان" سبعة من عشرة أشياء أحب أن أواجهها/ اهتمام جيمس بولدوين الروحاني/ سلاسة تعبيراته، ويذكر هايز منهم، إيملي ديكنسون، نينا سيمون، مايلز ديفز، وجون كولترين. ففي أنشودات ديفيز وكولترين ارتجالية منعطف جميل في القصائد الغنائية بالكتاب -إلى التحرك ما بين الدلال ولكز الرضيع– لتتجلى حرفية هايز. وهذه الأبيات تعطي دليلا لابتهاجه بالحشو اللغوي الفج، من قصيدة يستمر نبعها اللغوي في لغة من المرح.
لا يشمل الكتاب الأسلوب والجوهر فقط؛ فالأسلوب يصير جوهرا. يتطور تأثير الأسلوب التعزيمي، يُنقِح الصور الخيالية ويمنحها بعدا جديدا في قصيدة من أوائل قصائده يقدم مرجعا من هنا وهناك لفصيلة من الفصائل الأدب القصصي الخيالي مستوحاة من المسلسل التليفزيوني دكتور من (أنا ولي الوقت. درعي الشهوة/ والروح. يلازمني راية/ ودولة أخرى في كل جانب)، وعندما نقترب من نهاية الكتاب، تكتسب الشخصية معنى جديدا عميقا:
"على الأخ أن يعرف كيف يروض زمن الترحال، والطبيب
ونفسه حينما تتطاول ركبته أو حذاءه على رقبته".
وماذا عن الرمز في سفك الدماء؟ إنها أيضا، زمن المسافر، وتغيير للشكل، وهي عنوان ليس غالبا على تلك القصائد؛ يقفز فجأة في كل من الماضي والمستقبل، وقفة تتوغل في التهديد الذي يسيطر على أجساد السود. إلا ان تلك السونتات –بقوة إحيائها للذكرى وبالاحتفالات– تمنح قراءها قوة. في واحدة من القصائد ينتهي الشاعر قائلا:
"إنك تغتال قدمي المحببتين إلي، إنني مازلت أوجه كلامي إلى الموتى. إنك لن تغتال أبدا أطياف خيالي".
تذكرني تلك القصائد بما يستطيع أن يقدمه الشعر.