رسالة فلسطين
نحو اعتماد مرجعية ثقافية لعملنا السياسي
«إذا كنت تستطيع أن تخاطب الجماهير وتحافظ على فضيلة الصدق، وأن تسير مع الملوك دون أن تفقد ملامسة الأرض، إذا كان لا الأعداء ولا الأصدقاء المحبون يستطيعون أن يجرجروك، إذا كنت تستطيع ان تملأ كل دقيقة متفلِّتة بستين ثانية من عدو المسافات، فلك الدنيا وما فيها» رديارد كبلينج في طريقي إلى القاهرة، للمشاركة في أعمال لجان (مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني ـ آذار 2009)، كان الشعر رفيقي، الذي لا يملّ، والذي يحقق توازني النفسي، حين تتراكم المشكلات الشخصية، او السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية، وتضيق سبل الحلول الممكنة. ولم أكن أدرك أن كتاب (قصائد)، الذي أصدرته حديثاً، مجلة "دبي الثقافية"، وقصيدة الشاعر الإنجليزي "رديارد كبلينج"، بالذات، سوف تشكِّل دليلي ومرجعيتي، إلى أخلاقيات جلسات الحوار السياسي الفلسطيني. وتساءلت: هل يكون الشعر عين السياسة؟ أم قلبها؟ * * * «إذا كنت تستطيع أن تحتفظ برباطة الجأش بينما الكل حولك يفتقدها .. ويلقي باللوم في ذلك عليك إذا كنت تستطيع أن تثق بنفسك، بينما جميع الناس يتشككون فيك، ولكن في نفس الوقت تعذرهم لهذا التشكّك إذا كنت تستطيع الانتظار دون ان يصيبك السأم وأن يكذب عليك الآخرون دون أن تلجأ إلى الكذب وأن يحقد الآخرون عليك دون أن يجد الحقد إلى قلبك سبيلاً وفي نفس الوقت لا تبدو مسروراً بنفسك أو تتفلسف أكثر من اللازم. إذا كنت تستطيع ان تحلم دون ان تجعل الحلم سيدك إذا كنت تستطيع أن تفكر دون ان تجعل الأفكار هدفك إذا كنت تستطيع أن تقابل النجاح والفشل وتتعامل مع هذين الاثنين بنفس الشكل إذا كنت تستطيع أن تحتمل الاستماع إلى مقالة صادقة نطقت بها وقد حرَّفها الأوغاد ليجعلوا منها شراكاً للحمقى أو تستطيع النظر إلى الأشياء التي صرفت عمرك تبنيها وهي تتحطَّم ثم تنحني لتعيد بناءها من جديد بعدَّتك المهترئة». * * * هي لحظة صعبة شاقة: أن ننحني لنعيد بناء وتطوير وتفعيل "منظمة التحرير الفلسطينية"، التي صرف مؤسسوها العمر، في بنائها، حتى اكتسبت مكانتها الدولية والعربية، كممثلة شرعية ووحيدة، ومرجعية لشعب فلسطين، في الوطن والشتات. وأصبحوا، أنفسهم، شهوداً على تهميشها، وشلِّ مؤسساتها، وخاصة بعد "اتفاق أوسلو"، وتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية. وكان عليهم، أن ينحنوا ليعيدوا بناءها من جديد. أجمع أعضاء "لجنة منظمة التحرير الفلسطينية"، وبعد نقاش طويل، هادئ حيناً، وعاصفٍ أحياناً، على خمس قضايا جوهرية: الأولى، تتعلَّق بانضمام كل القوى والفصائل إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وفق أسس ديمقراطية، ترسخ مكانة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في أماكن تواجده كافة. وتشكيل مجلس وطني جديد، وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وبقانون يتفق عليه، وبالتوافق، في المواقع التي يتعذَّر فيها إجراء الانتخابات، في موعد أقصاه: 25/ 1/ 2010، بالتزامن مع انتخابات المجلس التشريعي. والثانية، تحدِّد ولاية المجلس الوطني بأربع سنوات، بحيث تتزامن مع انتخابات المجلس التشريعي. والثالثة، تتحدَّث عن تشكيل لجنة متخصصة لإعداد قانون الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، تكوِّنها اللجنة المكلفة بتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، حسب إعلان القاهرة 2005. والرابعة، تربط انعقاد اول اجتماع للجنة المكلفة بتطوير وتفعيل المنظمة، مع الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة. والخامسة، تضيف إلى مهام اللجنة تحديد العلاقة بين المؤسسات والهياكل والمهام، لكل من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، خاصة العلاقة بين المجلس الوطني والمجلس التشريعي، بما يحافظ على مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية للسلطة الوطنية الفلسطينية، ويضمن عدم الازدواجية بينهما في الصلاحيات والمسؤوليات. واختلف أعضاء "لجنة منظمة التحرير الفلسطينية" (مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني ـ آذار 2009)، حول طبيعة وتسمية اللجنة، المنصوص عليها، في وثيقة القاهرة 2005، والتي يفترض أن تضع أسس تطوير وتفعيل "منظمة التحرير الفلسطينية"، والتي تنتهي مهمتها بانتخاب مجلس وطني جديد، هل هي المرجعية الوطنية الفلسطينية؟ أم إن مهمتها محدَّدة بوضع أسس تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، كما ورد في اتفاق القاهرة آذار 2005، بما فيها وضع آليات تشكيل مجلس وطني جديد، وتنتهي مهمتها بانتخاب مجلس وطني بسقف زمني : 25/ 1/ 2010، على أن المرجعية هي منظمة التحرير الفلسطينية؟ * * * أعتقد أن الأهم أن تباشر اللجنة التي سوف تشكل، لتفعيل وتطوير المنظمة، بوضع أولى لبنات التفعيل، تمهيداً لانتخاب مجلس وطني جديد. فالمسألة لا تتلخَّص بدخول الفصائل، والقوى المجتمعية المتعددة، والشخصيات المستقلة، والتي لم تكن ضمن أطر منظمة التحرير الفلسطينية، إلى تشكيلاتها، بل تتعدّى ذلك الفهم، إلى الاستجابة الأعمق والأدق لاحتياجات الشعب الفلسطيني، في الاستجابة لتمثيل مصالحه السياسية والمجتمعية معاً، بالإضافة إلى تمثيله المعنوي (بيت الشعب وخيمته وهويته). على اللجنة ان تبحث بشكل جدي، كيف يمكن أن تصل إلى الفلسطينيين، في مواقع تواجدهم كافة، وكيف تستمع لآرائهم، وآمالهم، وآلامهم، وتضعها في اعتبارها، حين تتحدَّث عن تمثيلهم. وسوف يكون الانتخاب وفق مبدأ التمثيل النسبي، أينما أمكن ذلك، أداة ديمقراطية فاعلة، في تحقيق المشاركة الأوسع لأبناء الشعب، الأمر الذي يضمن اصطفافاً طوعياً لأبناء الشعب حول المنظَّمة، وليس مبايعة قبلية عاطفية. * * * هل يمكن مناقشة بنود وثيقة شرف لأخلاقيات الحوار، تساهم في دفع النقاش خطوات باتجاه قواسم عمل مشتركة، تعتبر "مرجعية ثقافية" لعملنا السياسي؟ تنبذ خطاب التفرد والإقصاء والتكفير، وتستبعد خطاب نفخ الأوداج، والتهديد، والوعيد، والمبالغة، والتفاخر بالأمجاد الماضية، وتعمل بروح الديمقراطية عملاً لا قولاً، وتحترم التعددية والاختلاف، لصالح الوطن والإنسان. faihaab@gmail.com
«إذا كنت تستطيع أن تخاطب الجماهير وتحافظ على فضيلة الصدق، وأن تسير مع الملوك دون أن تفقد ملامسة الأرض، إذا كان لا الأعداء ولا الأصدقاء المحبون يستطيعون أن يجرجروك، إذا كنت تستطيع ان تملأ كل دقيقة متفلِّتة بستين ثانية من عدو المسافات، فلك الدنيا وما فيها» رديارد كبلينج
في طريقي إلى القاهرة، للمشاركة في أعمال لجان (مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني ـ آذار 2009)، كان الشعر رفيقي، الذي لا يملّ، والذي يحقق توازني النفسي، حين تتراكم المشكلات الشخصية، او السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية، وتضيق سبل الحلول الممكنة. ولم أكن أدرك أن كتاب (قصائد)، الذي أصدرته حديثاً، مجلة "دبي الثقافية"، وقصيدة الشاعر الإنجليزي "رديارد كبلينج"، بالذات، سوف تشكِّل دليلي ومرجعيتي، إلى أخلاقيات جلسات الحوار السياسي الفلسطيني. وتساءلت: هل يكون الشعر عين السياسة؟ أم قلبها؟
* * *
«إذا كنت تستطيع أن تحتفظ برباطة الجأش بينما الكل حولك يفتقدها .. ويلقي باللوم في ذلك عليك إذا كنت تستطيع أن تثق بنفسك، بينما جميع الناس يتشككون فيك، ولكن في نفس الوقت تعذرهم لهذا التشكّك إذا كنت تستطيع الانتظار دون ان يصيبك السأم وأن يكذب عليك الآخرون دون أن تلجأ إلى الكذب وأن يحقد الآخرون عليك دون أن يجد الحقد إلى قلبك سبيلاً وفي نفس الوقت لا تبدو مسروراً بنفسك أو تتفلسف أكثر من اللازم. إذا كنت تستطيع ان تحلم دون ان تجعل الحلم سيدك إذا كنت تستطيع أن تفكر دون ان تجعل الأفكار هدفك إذا كنت تستطيع أن تقابل النجاح والفشل وتتعامل مع هذين الاثنين بنفس الشكل إذا كنت تستطيع أن تحتمل الاستماع إلى مقالة صادقة نطقت بها وقد حرَّفها الأوغاد ليجعلوا منها شراكاً للحمقى أو تستطيع النظر إلى الأشياء التي صرفت عمرك تبنيها وهي تتحطَّم ثم تنحني لتعيد بناءها من جديد بعدَّتك المهترئة».
هي لحظة صعبة شاقة: أن ننحني لنعيد بناء وتطوير وتفعيل "منظمة التحرير الفلسطينية"، التي صرف مؤسسوها العمر، في بنائها، حتى اكتسبت مكانتها الدولية والعربية، كممثلة شرعية ووحيدة، ومرجعية لشعب فلسطين، في الوطن والشتات. وأصبحوا، أنفسهم، شهوداً على تهميشها، وشلِّ مؤسساتها، وخاصة بعد "اتفاق أوسلو"، وتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية. وكان عليهم، أن ينحنوا ليعيدوا بناءها من جديد.
أجمع أعضاء "لجنة منظمة التحرير الفلسطينية"، وبعد نقاش طويل، هادئ حيناً، وعاصفٍ أحياناً، على خمس قضايا جوهرية: الأولى، تتعلَّق بانضمام كل القوى والفصائل إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وفق أسس ديمقراطية، ترسخ مكانة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في أماكن تواجده كافة. وتشكيل مجلس وطني جديد، وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وبقانون يتفق عليه، وبالتوافق، في المواقع التي يتعذَّر فيها إجراء الانتخابات، في موعد أقصاه: 25/ 1/ 2010، بالتزامن مع انتخابات المجلس التشريعي. والثانية، تحدِّد ولاية المجلس الوطني بأربع سنوات، بحيث تتزامن مع انتخابات المجلس التشريعي. والثالثة، تتحدَّث عن تشكيل لجنة متخصصة لإعداد قانون الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، تكوِّنها اللجنة المكلفة بتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، حسب إعلان القاهرة 2005. والرابعة، تربط انعقاد اول اجتماع للجنة المكلفة بتطوير وتفعيل المنظمة، مع الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة. والخامسة، تضيف إلى مهام اللجنة تحديد العلاقة بين المؤسسات والهياكل والمهام، لكل من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، خاصة العلاقة بين المجلس الوطني والمجلس التشريعي، بما يحافظ على مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية للسلطة الوطنية الفلسطينية، ويضمن عدم الازدواجية بينهما في الصلاحيات والمسؤوليات.
واختلف أعضاء "لجنة منظمة التحرير الفلسطينية" (مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني ـ آذار 2009)، حول طبيعة وتسمية اللجنة، المنصوص عليها، في وثيقة القاهرة 2005، والتي يفترض أن تضع أسس تطوير وتفعيل "منظمة التحرير الفلسطينية"، والتي تنتهي مهمتها بانتخاب مجلس وطني جديد، هل هي المرجعية الوطنية الفلسطينية؟ أم إن مهمتها محدَّدة بوضع أسس تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، كما ورد في اتفاق القاهرة آذار 2005، بما فيها وضع آليات تشكيل مجلس وطني جديد، وتنتهي مهمتها بانتخاب مجلس وطني بسقف زمني : 25/ 1/ 2010، على أن المرجعية هي منظمة التحرير الفلسطينية؟
أعتقد أن الأهم أن تباشر اللجنة التي سوف تشكل، لتفعيل وتطوير المنظمة، بوضع أولى لبنات التفعيل، تمهيداً لانتخاب مجلس وطني جديد. فالمسألة لا تتلخَّص بدخول الفصائل، والقوى المجتمعية المتعددة، والشخصيات المستقلة، والتي لم تكن ضمن أطر منظمة التحرير الفلسطينية، إلى تشكيلاتها، بل تتعدّى ذلك الفهم، إلى الاستجابة الأعمق والأدق لاحتياجات الشعب الفلسطيني، في الاستجابة لتمثيل مصالحه السياسية والمجتمعية معاً، بالإضافة إلى تمثيله المعنوي (بيت الشعب وخيمته وهويته).
على اللجنة ان تبحث بشكل جدي، كيف يمكن أن تصل إلى الفلسطينيين، في مواقع تواجدهم كافة، وكيف تستمع لآرائهم، وآمالهم، وآلامهم، وتضعها في اعتبارها، حين تتحدَّث عن تمثيلهم. وسوف يكون الانتخاب وفق مبدأ التمثيل النسبي، أينما أمكن ذلك، أداة ديمقراطية فاعلة، في تحقيق المشاركة الأوسع لأبناء الشعب، الأمر الذي يضمن اصطفافاً طوعياً لأبناء الشعب حول المنظَّمة، وليس مبايعة قبلية عاطفية.
هل يمكن مناقشة بنود وثيقة شرف لأخلاقيات الحوار، تساهم في دفع النقاش خطوات باتجاه قواسم عمل مشتركة، تعتبر "مرجعية ثقافية" لعملنا السياسي؟ تنبذ خطاب التفرد والإقصاء والتكفير، وتستبعد خطاب نفخ الأوداج، والتهديد، والوعيد، والمبالغة، والتفاخر بالأمجاد الماضية، وتعمل بروح الديمقراطية عملاً لا قولاً، وتحترم التعددية والاختلاف، لصالح الوطن والإنسان.
faihaab@gmail.com