-1-
من السخرية ان اكتب عنك بعد موتك يا وسام وأنت الذي طالبتني بالكتابة عنك في المرة الوحيدة والأخيرة التي قابلتك فيها في الناصرية، كنت ساخرا كعادتك حين قلت لي: ها أنت تكتب عن شعيط ومعيط ولا تكتب عني، ضحكت في وجهك كعادتي، ضحكت رغم يقيني بعدم كتابتي عن أحد من قبل. كنت أتأمل وجهك الوسيم، وجه الطفل الذي لن يكبر، قلت لك دون تفكير: لقد كبرت يا وسام.. كنت احبك جدا، ولماذا لا احبك، كنت عزاءنا الوحيد في هذا القفر الجبلي كنت بطل الأبطال وآنت تخط بيدك منشورنا اليائس، كنت يدنا المغلولة بالجوع والتشرد والغربة. لا أريد مجداُ لاحد في زمن أصبح فيه المجد ابتذالا يا وسام لا أريد ذكر اسم من شانه التباهي غدا يا وسام كان المنجل والمطرقة من تصميمك لم تكتب فأنت لست بارعا في الكتابة لكنك كنت بارعا في الطيبة والحب صفعني رجل المخابرات الأردنية كما لم أُصفع قبلا، قال: نحن نعرف من كتب ومن حرر ومن خط... نظرت حولي فلم أجد سوى (ع ف)، تساءلت أين وسام؟ ارتحت لعدم إحضاره معنا إلى التحقيق، كنت اعرف قدرته على الصمود كان وسام أول من استقبلنا حين أُطلقنا، كان حفل هناك عرق وأجنحة دجاج وتشريب. نسيت أن أشكرك يا وسام على هذه الأمسية... شكرا لك أيها الوسيم.
المحقق: ماذا يعني لك المنجل والمطرقة؟ أيها المحقق المحترم هذا لا يعني أي شيء، نحن ذاهبون إلى القرن الواحد والعشرين أتعرف، وما المنجل والمطرقة إلا من الماضي. المحقق: لا يبدو هذا أيها الشيعي الشيوعي البغيض وكيف ذلك سيدي؟ المحقق: خذ واقرأ.. أتعرف القراءة أيها العراكي الكذاب نعم اعرف القراءة والكتابة قبلك، وهذه هي جريمتي طرااااخ حسنا أنا أستطيع القراءة سلمني رسالةً أو تقريراً كتب فيه كل شيء، من تفكيرنا إلى أحاديثنا إلى نوايانا إلى إصدارنا المنشور إلى توزيعه إلى إدخاله إلى السفارة العراقية في الأردن عن طريق الصبيين حينذاك (صباح عطية مقيم في السويد ومحمد نجف مقيم في الكوت). قلت: حسناً ماذا يعني هذا المحقق: أنت ستقول لي قلت بغضب: اسمع أيها المحقق أنا تحت الحماية الدولية الآن ولا تستطيع فعل شيء معي المحقق: حسنا خط مَنْ هذا؟ قلت: لا اعرف المحقق: اقرأ من ذيل توقيعه هناك؟ كنت أقرأ اسمك وتوقيعك يا وسام لكني لم ولن اصدق انه أنت. هذا ما استطعت كتابته عنك الآن ربما سأكتب عنك فيما بعد الوداع الآن أيها الرقيق
-2-
(هلو عماد البقاء في حياتك
هل المحقق الأردني جعلك تتعرف على خط وسام، معنى ذلك انه كاتب التقرير أليس كذلك؟ )
هلا أبا كفاح, الآن قرأت رسالتك
نعم المحقق الأردني واجهني باعتراف وسام عن مجموعتنا وكان هنالك توقيعه واسمه، من السهل ربما تزوير الاسم والتوقيع لكني عرفت الخط المميز للمرحوم لم اعرف إلى اليوم ما الذي دفعه إلى فعل هذا حين رأيه في الناصرية عام ٢٠٠٧، كنت خارجا من صيدلية هناك فرأيته واقفا ينظر إلي في الجانب الآخر من الطريق، ظل واقفا ينظر إلي حتى ابتسمت له وبادرني بالقول: قلت في نفسي أن ابتسم لي عماد سأسلم عليه وان لم يبتسم فسأذهب في سبيلي، قلت له لماذا لا ابتسم هل فعلت شيئا؟ قال، الأردن وأيامها تعرف ثم عانقني بحرارة أحسست من عناقه أن الندم يحرقه، لم أشأ أن انكأ جرحا قديما،
لم اره بعد ذلك أبداً.
20-1-2020