آليات تشكل النسق في الخطاب الثقافي
صدر مؤخرا عن منشورات القلم المغربي وبإشراف مختبر السرديات، كتاب نقدي للباحث المغربي ناصر اليديم بعنوان " آليات تشكل النسق في الخطاب الثقافي" يقع الكتاب في 215 صفحة، وتتمحور إشكاليته مثلما ورد في المقدمة، حول آليات تشكل الأنساق المضمرة في الخطابات الثقافية، وتفاعل التمثلات المعرفية فيما بينها، وذلك من خلال البحث عن النسق الثقافي المشترك الذي يؤلفها، وخاصة على مستوى إبراز الوظيفة الدلالية للنسق، ومراحل تشكله، وإبدالات الرموز الثقافية بين ثنايا الخطابات المعرفية، انطلاقا من إبراز صور تفاعل النسق النقدي الثقافي في مختلف أبعاده الإبستمية، وفق منظور الأنساق المضمرة، بوصفها ميكانيزمات تاريخية وسوسيو ثقافية، تتشكل في سياقات معرفية، وتتوارى خلف الفعل الإبداعي، بوصفه خطابا ثقافيا، قبل أن تنتقل إلى مرحلة الفعل الثقافي، عبر قيادة الجهاز المفهومي للثقافة في دلالتها الكونية، نحو آفاق تكشف خلفية مجتمع معين. يظهر ذلك جليا أثناء التفاعل الحاصل بين الإبداع وآليات التلقي، على اعتبار أن النسق الثقافي نشاط دينامي، يسعى إلى تقويض المعرفة وتفكيك الخطاب، بوصفهما ممارسات ثقافية تتسلل عنوة إلى الخطاب الثقافي.
إذا كانت التعبيرات الفنية والأدبية، بمختلف تلويناتها ومشاربها الإبداعية، تعبر عن المجتمع بقضاياه وانشغالاته، وخاصة الكتابة الروائية، بوصفها خطابا ثقافيا يحتوي المجتمع بتناقضاته، ويعبر عن آلامه وآماله، فيكون الروائي بمثابة المؤرخ الذي يلتقط اللحظة، والمرحلة السياسية والتاريخية تخييليا، ليساهم بذلك في بلورة الوعي الفردي والجماعي، فإن اقتفاء أثر النسق المشترك أفقيا بين النصوص الروائية بوصفها خطابات ثقافية، يبرز آليات تشكل النسق الثقافي المضمر في النسيج المجتمعي على مختلف المستويات.
وفق هذا الإطار المفاهيمي؛ تأتي الدراسة بهدف مقاربة مجموعة من الخطابات المعرفية، باعتبارها خطابات ثقافية بالدرجة الأولى، انطلاقا من آليات النقد الثقافي وأدواته الإجرائية، يتقاطع في أبعادها النقدي بالروائي والسيرذاتي.