الطالبي يفكك التاريخ الإسلامي

في إطار برنامج تقديم ترجمات الكتب التي أصدرها مؤخرا، ينظّم معهد تونس للترجمة لقاء لتقديم النسخة العربية لكتاب تاريخ أفريقية والحضارة الإسلامية في العصر الوسيط للمفكر والمؤرخ التونسي الراحل محمّد الطالبي، والذي صدرت طبعته الأولى بالفرنسية في 1982. يقدّم الكتاب الباحثان مختار العبيدي وسماح حمدي، وهما اللذان قاما بترجمة الكتاب عن الفرنسية، الأربعاء 26 فبراير 2020 في الثانية ظهرا، بقاعة الدكتور المنجي الشملي بمدينة الثقافة التونسية.

يثير الكتاب مسألة الخلافة، الموضوع الذي طالما اهتمّ به في مؤلفات عديدة، ناقش خلالها أوجه عدّة مثل طول فترة احتضار الخلافة الإسلامية وكيف دامت مؤسساتها رغم الاضطرابات المتواصلة، وكيف شكّلت رمزا حيا لوحدة دار الإسلام. ويبرز المؤرخ قضايا مهمة أخرى مثل هجرة الأندلسيين إلى أفريقيا ودورهم وتأثيرها في الحياة العامة، حيث كان من بينهم العديد من الكتّاب والسياسيين الذين انخرطوا في الإدارة والجيش والبلاد منذ أيام الحفصيين. أو توجّهوا نحو التدريس لما يمتلكونه من أفضلية معرفية وثقافية، مشيرا إلى أنه رغم تأثير الجالية الأندلسية الكبير إلا أنها لم تنصهر في الحياة الاجتماعية وظلّت تستشعر الفوارق والحواجز في الوسط الأفريقي. ويمكننا اعتبار المحور الأساسي للكتاب هو نقاش الأفكار السياسية في العصر الوسيط، حيث اكتست جلها بصبغة دينية، وعرف زمنها امتزاج السياسة بالدين بشكل وثيق، حيث أن الساسة كانوا فقهاء آنذاك.

ويرى الطالبي أن مصطلح الأمة من أهم الأفكار التي من دونها يبقى تأريخ العصر الوسيط مشوبا بالغموض، حيث يقول إن الأمة في آن واحد رمز الالتحام وقوة موحدة، والقرآن قطبها الجاذب، والرسول جامع شتاتها.

ونذكر أن محمد الطالبي (1921 - 2017) هو جامعي ومؤرخ ومفكر تونسي. وقد دعا الطالبي من خلال دراساته وجل مؤلفاته إلى قراءة نقدية لمصادر التاريخ الإسلامي مع مراعاة القصد التاريخي للأحكام القرآنية. وواجه بشدة لأكثر من نصف قرن الأفكار المتطرفة والبالية عن الإسلام داعيا بقوة إلى رؤية مبتكرة للفكر الإسلامي.