يتتبع الشاعر العراقي هذا الصعود المجازي حيث ينحل البعض من تعاليمهم، ويمسي الكل في ممشى العبور النهائي، هؤلاء وغيرهم ممن حولوا هذه الحياة الى سكن عابر مؤقت، يصلون ومعهم مريدهم كي يتحللون الى الأبد.

أبناءُ السماء

ليث الصندوق

 

صفٌ طويلٌ من الرجال

ألمُحَدّبين جَرّاءَ لِحاهم الثقيلة

يثقبونَ الغيومَ بأقدامِهم

ويصعدون إلى السَماء على سُلّم الصلوات

حيثُ يفرشون هنالكَ لِحاهم ويُصَلّون عليها

ومخافة َأن تُفرّط َرياحُ الأعالي أطرافهم

يلتفون بمآزرَ بيضٍ

فيبدون كأكياس مُعبّأة ٍبالطحين

لا يتلفتونَ

لا ينبسونَ

ترجمُهم الشياطينُ بقناني الذنوب ِالفارغة

فلا يثورونَ

يصعدون بثقةٍ

مادامتْ مفاتيحُ السماءِ في جيوبهم

والملائكة ُالحَاسِدونَ يُلقون عليهم الدبابيس

وحولَهمُ الغِربانُ تنعِقُ ، وتذرقُ

مُلقيةً ًعليهم تبعة َلونِها الأسود

 

**

يصعدون كقاطرةٍ وهم ينفثون من افواهِهم البُخار

فكأنهم يَخرجون مِن داخل ِأفواهِهم

وما هيَ إلا دقائقَ

حتى تظهرَ رؤوسُهم كالنَبْتِ على سواقي الغيوم

لقد ذوّبوا على نار هادئةٍ قلوبَهم في مِقلاةِ الصَلوات

وأطلقوا لِحاهم الخُضرَ

لتُبَرعِمَ ، وتُثمِر

صبروا العُمرَ نائمينَ على فُرُشٍ من الإبر

حتى انشقّ جبلُ الصَبر

وخرج منه ملاك المغفرة

سيفتح لهم بوابات السماء

فيدخلونها فاتحين

ليدوسوا طنافِسَ النور باقدامِهم الموحِلة

 

**

خللَ البُخار ِالمتدفق ِمن أعماق ِالأرض

يصعدون بمآزرهم البيض ِإلى السَماء

فكأنّ آبارَ الأرض تضخّ حَليباً كامِل َالدَسَم

أراقبُهم خائفاً

وأنا مُختبيءٌ في جَيب سِروالي

والتلاميذُ ُالمُنسلّونَ من بَلاليع ِالمَدَارس

يركضونَ وراءَهم

صارخين : خذونا معَكم إلى السماء

فصفعاتُ المُعلمين تسَبّبتْ بضُمُور ِرؤوسِنا

 

**

ألمُقدّسون يَلتحِقونَ بأمّهم السَماء

ليَرضَعوا ثديَها المتهدّلَ خَللَ الغيوم

أسِرّتُهم ونساؤهم هناك في الأعالي

حصّتهم من الهواء محجوزة لهم في الأكياس والقناني

أنا أرجوهم نيابة عنكم

بألا ينافسوا أبناءَ الأرض المدنسين على هوائها

إنه لا يكفينا جميعاً

أرجوكم إصعدوا إلى السماء ، ودعونا نستمتع بالعفن.