هي قصيدة جديدة معقّمة في ظلّ الحجر الصّحّي الذي يعيشه العالم، يقترحها علينا الشاعر التونسي، في ارتقاب لهشاشة الكائن، وهو يواجه عدوا مجهولا فتاكا، خطاب مباشر ينسج خلاله الشاعر دعوته الصريحة للاقتراب من كوة الأمل، والاحتراز اللازم خصوصا أمام اتساع التدابير والتي تجعل الإنسان يقف عاجزا أمام تهديد المرض.

أنَا وَ أَنتَ

عبدالعزيز همامي

 

هِيَ ذِي خُطاكَ عَلَى الطّريق وئـيدةْ
شَجَنٌ بِرَأْسِكَ وَ الهُـمُــومُ عَـنـِيـدَةْ

الأَرْضُ مِلْـحٌ حِـيـنَ أَقْـفَــرَ ظِـلُّـهَـا
غَابَ الشَّذَى وَ الأُمْـنِـيَـاتُ بَعِــيــدةْ

يَأْتِي الضَّبَـابُ اِلَيْـكَ مِنْ صَلْصَالِهَا
وَتَظَــلُّ ذَاكِــرَةُ المَـسَــاءِ شَـرِيــدَةْ

خـذْ من ْطيـورِكَ ريشَهَـا وَغِنَاءَهَا
وأعْبُرْ مَـدَاكَ تَرَى الحَـيَــاةَ سَعِيـدةْ

وَتـَرَى الغُـيُـومَ لأَجْــلِ حُـبٍّ غَامِــرٍ
سَقَطَتْ عَلَى شَـفَـةِ التُّرَابِ شَهِـيـدَةْ

وَجَنَاحُكَ المبْسُـوطُ فَـوْقَ تُخُـومِـهَـا
لُغَـةٌ عَلَى ثَــغْـــرِ الخَـيَــالِ جَـدِيـــدةْ

هِي في عُيُونِ الغَيْبِ جَمْـرَةُ عـَاشِقٍ
كَـانَتْ عَلَى عَـرْشِ الجَـمَالِ فـَرِيــدَةْ

الوَقْـتُ سَـيْـفٌ لَـنْ يَـعُـــودَ لِغِـمْـدِهِ
وربيعُك المخْضــلُّ زَخْـرَفَ عُـودَهْ

فَهُــنَــاكَ لاَ شَـجَــرٌ يخُــونُ تُـرَابَـهُ
وَهُـنَـاكَ لاَ وَطَـــنٌ يـَبِــيـعُ أُسُــودَهْ

فَلَرُبَّمَا جَــالَـتْ بِـطَــرْفِــكَ فَجْــأَة
أَطْـيَـافُ نَخْـلٍ فـي العَـرَاءِ وَلِــيــدَةْ

وَلَـرُبَّـما نَادَمْــتَ أَوّلَ نَـجْـــمَــةٍ
مَكَثَـتْ بِلَيْـلِ العَـاشِقِـيــنَ وَحِــيــدَة

ضــوْءُ المَسَـافَــةِ نَـبْــتَــةٌ بَــرّيَّـــةٌ
والأُفْـقُ بَـوْحٌ والسّـمَــاءُ قصـيـــدَةْ

مَطَــرٌ يَـدُقُّ عَلَى نَـوَافِـذِ دَهْـشَـتِـي
شَغَـلَ الأَصَابِـع مُـذْ عَـزَفْتُ نَـشيـدهْ

يَأْبَى الهَـوَى أَنْ يَسْتَضِيئَ بِمَوْقِـدِي
وَيَرُوغُ عَـنّـي وَالدّرُوبُ عَــدِيـــدَةْ

لَوْ كُنْـتُ أَعْـلَـمُ أَيْــنَ حَـطَّ رِحَـــالَــهُ
لَأَتَيْـتُ مِـنْ فَـرَحِــي أُشـكِّــلُ عِــيــدَهْ

هُـوَ مِــنْ ثِـمَـارِ الله فـِي مَـلَـكُـوتِهِ
وسَنًى مَـدَحْــتُ نَعـِـيــمَهُ وَ خُـلُـودَهْ

وَالحَرْفُ فِي ذِهْـنِ المَحَـبَّـةِ سَـجْـدَةٌ
وَالاِرْتِـوَاءُ مِــنَ الجـمَــالِ عَـقِـيــدَةْ

وَالشِّعْـرُمِـنْ طَـقْسِ الفُصُـولِ مَناخُـهُ
واللَّـفْـظُ يَحْـمِــلُ نَـارَهُ وَجـلِــيــدَهْ

لَكَـأَنّـهُ مِـــنْ تُــرْبَـتِـي وَأَنَـا الّــذِي
جَـدّدْتُ مِـنْ مَاضِي الزَّمَـانِ عُهُـودهْ

حتّى لَـوِ اخْـتَـرَقـَـتْ مَدَارِيَ مَـوْجَــةٌ
هَـزّتْ خُيَـامِــي والرّيَــاحُ شَديــــدَةْ

سَأَمُــرُّ مِــنْ وَهَـجِ المَـــرَايَـا كُـلّمَـا
أَمْسَـكْــتٌ صُـبْـحًا هَــارِبًا لأُعـِــيــدَهْ

وَبِـغُـرْبَـتِي هَـيّـأتُ دَمْــعَ مَـوَاجِــدِي
حَيْثُ الغَـيَاهِـبُ والدِّمَـــاءُ زَهِــيـــدَةْ

وتُـقَـشِّــرُ الأَيَّــامُ مَــاءَ سَـنـابِـلِــي
وَأَتُـوهُ فَـوْقَ الرَّمْــلِ أَقْـطَـعُ بـِيــدَهْ

سَـفَــرٌ تُـوَشِّحُـهُ النّـُبُــوءَةُ بالـرُّؤَى
جِسْمِي تَـيَـمَّـمَ مُـذْ لَثَـمْـتُ صَـعِـيـدَهْ

وَحَزَمْتُ كُـلَّ حَقَــائِـبِي مِـنْ أَجْـلِــهِ
وَكَسَــرْتُ للزَّمَــنِ البَطِيــئِ قُـيُودَهْ

أَطْوِي الأَقَاصِي لَـمْ يَـعُـقْـنِي حَاجِـزٌ
فَاِذَا مَـرَرْتُ بِهِ خَــرَقْـتُ حُـدُودَهْ

هـذا الّذي يَـنْـأى دَنَـا مِــنْ أَضْلُـعِـي
وَشَمَـمْتُ مِنْ أَعْلَى الغُصُونِ وُرُودَهْ

وَبَذَرْتُ فِي الأَجْـوَاءِ قَـمْـحَ طُفُولَتِي
وبَـدَأْتُ أَرْقُــبُ طَـلْـعَــهُ وَصُعُــودَهْ

والحُلْمُ ان خَـفِـيَتْ مَـوَاسِـمُ جَـنْـيِـهِ
سَأَظَــلُّ أَقْـــرَعُ بَــابَــهُ وَوُعُـــودَهْ

وأكَـادُ أَغْمِـسُ رِيشَتِي فِـي حِـبْــرِهِ
عَلِّـي أَدوّنُ فِـي الغِــيَــابِ وُجُــودَهْ