تغيرت أجندة العديد من التظاهرات الثقافية والفنية الكبرى في العالم بعد جائحة كورونا، وأمست العديد من المهرجانات تبحث عن بدائل وأضحى الفضاء الرقمي الاختيار الأفضل للتواصل، هنا تظاهرة تشجع على القراءة، اختارت الشارقة، والتي اختيرت عاصمة عالمية للكتاب، أن تخلق منها محطة للتفاعل والحوار بين الفاعلين في المجال والقراء من مختلف الفئات العمرية، في نفس الآن الذي تنتقل فيه محطة الاحتفاء بالكتاب الى محطة جديدة.

مهرجان قرائي افتراضي والشارقة تسلم «الكتاب» لكوالالمبور

 

جلسات ثقافية متكاملة في مهرجان الشارقة القرائي الافتراضي من 27 مايو وحتى 5 يونيو المقبل.

في مشهد استثنائي يعدّ سابقة في تاريخ الثقافة العربية، تُطلق هيئة الشارقة للكتاب، “مهرجان الشارقة القرائي الافتراضي”، على امتداد 10 أيام خلال الفترة من 27 مايو وحتى 5 يونيو المقبل، عبر شبكة الإنترنت، لتقدّم لجمهور الثقافة والأدب والفنون من مختلف الأعمار مجموعة متكاملة من الجلسات الثقافية والنقاشية والشعرية والإبداعية وورش العمل تستضيف خلالها نخبة من الكتّاب والأدباء والمتخصصين من مختلف أنحاء العالم.

وتسعى الهيئة عبر إطلاقها لمهرجان الشارقة القرائي الافتراضي إلى تأكيد دورها في ترسيخ مكانة الثقافة والكتاب كركائز أساسية لبناء المجتمع، لاسيما في ظلّ الظروف الراهنة التي يشهدها العالم جرّاء انتشار فايروس كورونا، حيث ينسجم هذا الإطلاق مع إجراءات دولة الإمارات العربية المتحدة ودول العالم في تطبيق سياسات التباعد الجسدي والعمل عن بعد.

ويستهدف مهرجان الشارقة القرائي الذي يقام في ظروف عالمية استثنائية كافة أفراد المجتمع بمختلف أعمارهم وجنسياتهم، مقدّما مجموعة من الجلسات اللقاءات الثقافية والأدبية المباشرة على شبكة الانترنت يقدّمها نخبة من الكتّاب العرب والأجانب وورش العمل التفاعلية، فاتحا المجال أمام الجميع لتعزيز الحضور الثقافي داخل المنزل خلال هذه الفترة.

وسيتم الإعلان عن تفاصيل برنامج المهرجان والتواقيت وآلية المشاركة خلال مؤتمر صحافي ستعقده الهيئة عن بعد خلال الفترة القادمة.

وحول هذا الإعلان أكد أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب أن العلم والمعرفة والثقافة هي الركائز الأساسية التي انطلقت منها الشارقة في مشروعها الثقافي، لافتاً إلى أن الهيئة تمضي في ترجمة رؤية الشارقة الرامية إلى بناء الإنسان على العلم والمعرفة والإبداع ومدّ جسور التواصل الحضاري والإنساني مع مختلف الثقافات حول العالم.

وقال رئيس هيئة الشارقة للكتاب “مسؤوليتنا في ظلّ هذه الظروف تجاه المجتمع والقرّاء والمثقفين تتضاعف، فنحن مطالبون بتسخير كل الوسائل للارتقاء بفكرهم وثقافتهم، وهذا ما دفعنا لإطلاق ‘مهرجان الشارقة القرائي الافتراضي‘، لنؤكد على استمرارية العمل الثقافي في مختلف الظروف، ونواصل دورنا الذي يتكامل مع أدوار جميع هيئات ومؤسسات الدولة، لأننا ندرك بأن مهمة الثقافة فاعلة وكبيرة، وأنّ بناء المجتمعات على حبّ المعرفة والقراءة أساس النهوض بالأمم”.

وتابع العامري “نعيش اليوم واقعا تشهد فيه الوسائل والحلول التقنية تطوّرات متلاحقة ومتسارعة، وقد ارتأينا أن نستفيد منها بشكل أكبر ونسخّرها في خدمة الثقافة والمجتمع، لهذا يأتي المهرجان ليكون فرصة مثالية خلال هذه الظروف للالتقاء بالمثقفين والمبدعين حول العالم على منصة رقمية واحدة، كي يحتفوا بالأدب والإبداع، ويتبادلوا الخبرات والمعارف، ويكونوا على مسافة واحدة بالرغم من كلّ الإجراءات الاحترازية المفروضة على العالم، وليؤكدوا على أن الثقافة هي الجسر الأسمى الذي نتجاوز عبره كلّ التحديات”.

الشارقة تسلم كوالالمبور لقب العاصمة العالمية للكتاب

الحفل الختامي لفعاليات الاحتفاء بالشارقة العاصمة العالمية للكتاب شهد استعراضا للمنجزات التي حققتها الإمارة خلال عام اللقب الذي ضم أكثر من ألف فعالية.

الشارقة- أكدت رئيس اللجنة الاستشارية للشارقة العاصمة العالمية للكتاب للعام 2019 الشيخة بدور بن سلطان القاسمي، أن الشغف بالكتب والقراءة يوحد اليوم الإنسانية جمعاء في مواجهة انتشار فايروس كورونا المستجد، وأن هذا الوباء ذكر العالم بأنه يواجه مصيرا مشتركا ولا يملك سوى التمسك بالقيم الكبرى والتشبث بالأمل والدعاء.

جاء ذلك خلال الحفل الختامي لفعاليات الاحتفاء بالشارقة العاصمة العالمية للكتاب للعام 2019، الذي عقد عبر تسجيل مرئي (عن بعد) ونقل على المحطات التلفزيونية المحلية والعربية والعالمية ومواقع التواصل الاجتماعي، والذي سجل نسبة متابعة كبيرة من المسؤولين الرسميين والدبلوماسيين، إلى جانب كتاب ومثقفين وفنانين من مختلف بلدان العالم.

وسلمت القاسمي خلال الحفل، الذي شهد عرض فيلم تسجيلي عن مسيرة الشارقة خلال عام اللقب الثقافي العالمي وإنجازاتها الثقافية وحضورها في مختلف فعاليات الكتاب في العالم، راية العاصمة العالمية للكتاب إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور (عن بعد)، لتحمل اللقب في العام 2020-2021، وتستكمل مسيرة المبادرة التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بهدف تكريم جهود المدن الثقافية العالمية، والتأكيد على دور الكتابة والمعرفة في تحقيق التنمية المستدامة، وغرس قيم التسامح الإنساني والعالمي.

الاحتفاء بالشارقة عاصمة عالمية للكتاب برهن على أن الكتب جسور تواصل لفهم الآخر والتقارب بين الشعوب

وقالت القاسمي في خطابها “لا شك أن الكتب تمتلك القدرة على ترسيخ الحكمة وتجديد الإبداع الإنساني، وعندما وقع اختيارنا على ‘افتح كتابا.. تفتح أذهانا’ كشعار لفعاليات الاحتفاء بالشارقة العاصمة العالميّة للكتاب للعام 2019، لم يكن العالم قد واجه هذه الجائحة بعد، اخترنا هذا الشعار لأننا نؤمن بالكتاب جسرا للتواصل بيننا، وأن المحور الرئيس لخطابنا في الشارقة هو ‘اقرأ… حطم الحواجز التي تفصل بين الشعوب’، ونريد من الكتاب أن يعمق علاقاتنا مع الآخرين، وأن يمد جسور التواصل لنفهم الآخر بصورة صحيحة ونتعرف إليه عن قرب”.

وأضافت “كان شعار ‘افتح كتابا.. تفتح أذهانا’ وسيلتنا لتشجيع التواصل بين مختلف أفراد المجتمع، بغض النظر عمن تكون، بغض النظر عن اللغة التي تتحدثها، ستجد في الشارقة كتابا أو نشاطا ثقافيا ومعرفيا يناسبك ومن دون استثناء. خلال العام الماضي، امتلأ جدول الشارقة بالفعاليات الثقافية التي تتمحور حول الكتاب والقراءة، والتي تستهدف في جوهرها الجميع”.

وتابعت القاسمي “لاحظ معظمكم، أن منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ الآن بمنشورات لا حصر لها، من جميع أرجاء العالم، تتضمن عناوين كتب مقترحة للمطالعة، كوسيلة لقضاء الوقت والنهوض بالوعي والفكر خلال هذه الفترة الصعبة من الحجر الصحي. في الشارقة، تملأ هذه الجهود قلوبنا بالأمل، وتذكرنا بأن استراتيجيتنا المستدامة لغرس حب الكتاب والقراءة هي الطريقة الأمثل لبناء مجتمعات أقوى، لأن البشر خلال التحديات بحاجة إلى التمسك بقيم أكبر للمضي قدما”.

وهنأت في خطابها العاصمة الماليزية على نيل اللقب، وتوجهت بالشكر للمؤسسات والجهات المتعاونة التي ساندت جهود الشارقة خلال عام اللقب، وقالت “تفتتح كولالمبور الآن فصلا جديدا من فصول برنامج (العاصمة العالمية للكتاب). إلى إخوتنا في ماليزيا، أهنئكم على اختيار كوالالمبور لحمل لقب العاصمة العالمية للكتاب للعام 2020-2021؛ تستحقونه بجدارة. وإنه لمن دواعي سروري أن أقدم لكم راية العاصمة العالمية للكتاب، ونتمنى لكم جميعا من أرض الشارقة والإمارات عاما موفقا”.

واختتمت الشيخة بدور القاسمي كلمتها قائلة “نجاحنا هذا العام ليس نتيجة العمل الجاد والتفاني في الشارقة فحسب، بل بفضل دعم العديد من أصدقائنا وشركائنا من جميع أنحاء العالم”.

الشارقة احتفت خلال عام اللقب بكبار رموز الأدب المحلي والعربي والعالمي

وشهد الحفل استعراضا للمنجزات التي حققتها الشارقة خلال عام اللقب، حيث وضع مكتب الشارقة العاصمة العالمية للكتاب للعام 2019 ستة محاور للفعاليات الثقافية، اعتمدت فيها التوجه إلى كافة فئات المجتمع، وتحقيق مبدأ الاستدامة كمحرك فاعل في تحقيق نتائج جوهرية للنهوض بواقع الإبداع وصناعة المعرفة المحلية والعربية والعالمية، إلى جانب توسيع نطاق الجهد الثقافي ليشمل الكتاب والناشرين والمترجمين والقراء.

ونظمت الإمارة خلال عام اللقب أكثر من ألف فعالية جمعت المسرح والسينما والفن، واحتفت بكبار رموز الأدب المحلي والعربي والعالمي، كما شيدت نصبا تذكاريا لتتويج الإمارة واللقب، في الوقت الذي حولت شواطئ الشارقة إلى مكتبات يرتادها السياح وأبناء المجتمع المحلي، وبدأت تشييد مشروع المكتبة العصرية “بيت الحكمة” لتكون منصة دائمة لتبادل الثقافة وفتح أفق الحوار مع مختلف حضارات العالم.

يشار إلى أنه جاء اختيار اللجنة الدولية لعواصم الكتاب العالمية في اليونسكو “الشارقة العاصمة العالمية للكتاب للعام 2019، تقديرا لدورها البارز في دعم الكتاب وتعزيز ثقافة القراءة، حيث انطلقت فعاليات الاحتفال باللقب بتاريخ 23 أبريل الماضي بعرض هو الأضخم من نوعه في المنطقة حمل عنوان “ألف ليلة وليلة.. الفصل الأخير”.

ومنذ عام 2001، تقوم لجنة مبادرة العواصم العالمية للكتاب المؤلفة من ممثلين عن اليونسكو والاتحاد الدولي للناشرين، والاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات، باستقبال طلبات مشاركة المدن سنويا من مختلف أنحاء العالم، ثم تقوم بتقييمها لاختيار العاصمة العالمية للكتاب.