مُذْ أَصْبَحَ المَعْنَى
بِلاَ مَعْنَى
وَأَمْسَى اللّفْظُ أَحْجَارًا
بِلاَ مَبْنَى
وَسَالَ الخَمْرُ فِي دَمِناَ
وَمَا تُـبْـنَا
وَفَوْقَ الرَّمْـلِ
مَـدَّ الوَهْمُ أجْنِحَةً
الَى مَنْ كَانَ قَابَ القَوْسِ
أَوْ أَدْنَى
صَقِـيعُ الدّهْـرِ
يَهْطِلُ فِيِ الكَلاَمِ
وَفِي الرّؤى
والمُفْرَدَاتُ البَارِدَاتُ
لَهُنّ ذَاكَ الثَّلْـجُ
اِذْ يَنْثُرْنَـهُ نُتَفًا
فيَسْقُطُ فَوْقَ دفاتري
قُطْنا
عليّ الاَنَ أَنْ أَجِـدَ البَيَاضَ
وَأقْـتَـفِي أَثَـرَ الرّيَاحِ
لأَعْـبُـرَ الكَـوْنا
فَكَيْفَ مَدَائِنِي
تَنْأَى
وَكَادَ بَرِيـقَـهَا
فِي خَاطِرِي يَفْنَى
وَهَذَا القـفـرُ نافذة الرّمادِ
اذا وهَبْتُ لَهُ البذورَ
أَصيـرُ فوق تُرابه
غُصْناَ
ولكنّ الزَّمَانَ بِعَيْنِ ذئبٍ
باَتَ يَكْنُسُ فِي الغِيَابِ
الشَّكْلَ واللَّوْنَ
لُغَةُ المَجَازِ
فَـتِـيلَةُ المِصْبَاحِ
في غَسَقِ الطّريقِ
وَكُلَّمَا نَبَتَـتْ بِنَبْضِي
أَسْرَجَتْ مَتْـنَا
وَفَاحَ اللَّيْلُ
مُنْذُ زَرَعْتُهُ حَبَقًا
وقَدْ أَشْتَمُّ رَائِحَةَ الأعَالي
اِذْ تُنِيرُ قِيَامةُ الأَنْهَارِ
ذَاكِرَةَ التّرَابِ
وَمَا يَشُوقُ العيْنَ والأُذْنَ
ولِي فِي الحُلْمِ سَوْسَنَةٌ
وَرِيشُ حَمَامَةٍ
لِي فِي دَمِي
رَكْضُ الخُيُولِ
وَنَخْوَةُ الفُرْسَانِ
لِي دَمْـعُ الأَحِبّةِ
حَيْثُمَا سِرْنَا
ولعلّنِي مِنْ اَخِـر الأنـواءِ
عُدْتُ الى سمَاءِ طُفولتي
والأُمْنيَاتُ البَاسِقَاتُ كَوَاكِبٌ
ما أَغْمَضَتْ جَفْنَا
رتّبْتُ عرْشَ الماءِ
لكِنَّ الجِبَالَ شَوَاهِقٌ
وَمَعارِجُ الأُفُقِ البَعيـدِ
عصيّةٌ عنّا
وَمَا أَسْرَى بِنَا وَجَلٌ
فَثَمّة واحَةً
مازال في أعذاقها تَـمْـرٌ
ومَازَالَ النَّبِيذُ مُعَتَّقًا
بِفَمِ الجِــرَارِ
فرُبَّ كَأْسِ مِنْ ثِمَارِ النّخْلِ
كَانَ مِزَاجُهَا لَحْنَا
ورأيتُ هذا الطّائر الجوّاب
رنّقَ فَجْأَةً
وعلى ضفاف مواجعي
غنّى
ضوّأْتُ أَبْوَابَ الغِوَايَةِ
واغْتَسَلْتُ
بِحِكْمَةِ الشَّجَرِ المُطِلِّ
عَلَى حُقُولِ قَصَائِدِي
حَتَّى اشْرَأَبَّتْ
فِي الأَصَابِعِ وردة جُورِيّةٌ
وَشَمَتْ زَخَارِفَ بَاقَـتِي
حُسْـنَا..