قصيدة تنتصر لقيم الحرية، والتحرر الكلي من ترسانة القوالب الجاهزة لإثنيات وعقائد ونماذج مضللة تبشر بأسلوبها لتسكن قيم الفرد، يسافر الشاعر والتشكيلي العراقي في ذوات كل اختارت نموذجها الأمثل، لكنه يطالب الجميع أن يتركوا الناس أحرارا في اختياراتهم.

كن ما تشاء

ليث الصندوق

 

- 1 –

كنْ ما تشاء

كنْ قدّيساً

واتخذ من لحيتكَ سُجّادة

تُصلي ، أو تنامُ عليها

وإذا ما جعت تأكلها

أو تُزوّدُها بمحرّك نفاث

لتطيرَ بها إلى زملائك الملائكة

ولا تنسَ أن تصحبَ معك أبناءك في صندوق العاديات

يأكلون ويشربون الغبار

ويَخيطون من مُصنّفاتِ الأقدمينَ عباءات وجلابيب

لكن إياك أن تفتح لهم غطاء الصندوق

لأنّ الشمس ستسلخ جلدهم من اللطع

**

وإذا لم ترُقْ لكَ عمامة القديس

فكن فاجراً

واغمس يديك المصمّغتين بالريش

لعلّ الرياح العقيم تتخذك لها إبناً

أطلق من عينيك أسراباً من الخفافيش

وفي الليالي الساجية

سيُسمع من صدرك دويّ ارتطام الرؤوس بالحيطان

 

- 2 –

كن متفائلاً

وانظر بعينيك العمياوين

فالعمى لا يمنع الإبصار

ما دامتِ الأضلاعُ مصابيحَ نيون

**

أو كن يائساً

أطفيءْ مصابيح قلبك

وشرّد سكّانه الآمنين إلى البرية

حيث تنتظر الضباع الفرائسَ

أن تتدلّى من القمر بحِبال

- 3 –

كن غضوباً صاخباً

واضفر الإعصارَ خيوطاً

لتُرتّقَ بها جوارب أيامكَ الحافية

واحبس الرعود في قناني الماء

حتى تصرخ : حرّروني

فأنا غير صالحة للشُرب

**

 

أو كن هادئاً مُتّزناً

تعجزُ أعتى الزلازل أن تُقوّضَ بلاطة واحدة

من تسريحتك الإسمنتية

 

- 4 –

كنْ حكيماً

واربط على فمكَ عَدّادَ الكهرباء

كي لا يُفرّط لسانك في استهلاك الأمبيرات

أو دعِ الحكمةَ واخترْ الجنون

مخولاً الأخطبوطاتِ

أن تستقبل دائنيك - نيابة عنك – بالأحضان

 

- 5 –

كن نزيهاً

ونَمْ بلباس السباحة على شُرفة الشمس

أو كن لِصّاً

واخدعِ الشمسَ بأنكَ طبيبُ أسنان

لتسرق من فمها أسنانها الذهبية

 

- 6 –

كن ما تشاء

وتحمّل ما يَقطِرُ على رأسكَ

من قِربتِكَ المثقوبة

لكن لا تُكرهْني أن أكونَ شبيهك