يكشف التوتر بين تقليدية البنية وتناقضات الواقع الذي تصدر عنه القصيدة قدرة الشاعر السعودي على التعامل مع الواقع المزري على المعابر العربية، ومقدرة الشعر على الكشف عن تناقضات الواقع وتعرية سوءاته.

حارس النور

صالح بن سعيد الزهراني

يا حارس النور... عيناك التي رأتا
فلم أقل لك: هذا الليل كيف أتى؟

رأيته أنت جوعًا في ملامحنا
وفي رؤانا، وفي أحداقنا عنتا

ما قلتُ: إن احتلال الليل في دمنا
نارٌ على حطبِ الأوجاعِ ما خبتا

خشيتُ أن تغفر الألفاظ موبقتي
وأن تقولَ جروحي: ليته سكتا!

غادرتَ فوق براق الفجر أغنية
من مزنها شفة التاريخ ما ارتوتا

من ها هنا جئت إعصارا وسابحةً
تكبّ ألوية الظلماء ما كبتا

واليوم يا سيدي الأبعاد موحشةُ
والفجر من قبضة الظلماء ما انفلتا

قصائد البؤس ترويها معابرنا
وقصة اليأس يمليها فم ٌصمتا

بلابل الوجع الدامي حناجرها
جفت، و لا مزنةُ مرتْ ولا همتا

وللعصافير في الأقفاص حشرجةُ
لا النيل مدّ لها كفًّا ولا التفتا

يا سيدي... قصص الأعراب واحدة
شعب يدير على أوجاعه النكتا

تسعون عاماً على الأبواب واقفة
خيولنا لم تجد في الواقفين فتى.

وقفتُ أسرجُ مصباحي وأغنيتي
وطال ليلي فيا ضوء الصباح متى؟

أخال عينيك أسواراً تحاصرني
فهل أعاتب عيني عندما بكتا

بيني وبينك أشواق مخبأة
لأجل ذلك روحانا هنا التقتا

لم يبق لي غيرَ هذا الشعر متكأٌ
فمنه أفتحُ أبوابي التي أبتا

والشعر يا سيدي جمرٌ وعاصفةٌ
لأنه من لظى أوجاعنا نبتا.

مكة المكرمة:
1/ 12/ 1429 هـ