هيئة البحرين للثقافة والآثار

 أسدلت هيئة البحرين للثقافة والآثار الستار على عام 2020م الذي احتفت خلاله بالمنجزات الحضارية لمملكة البحرين بعنوان "دلمون حيث الكثافة"، ومستقبلة عام 2021م الذي سيتم تكريسه لموقع مسار اللؤلؤ المسجل على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو في مدينة المحرّق. وبالرغم من التحديات غير المسبوقة التي طرأت مع تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، إلا أن هيئة الثقافة تمكّنت من مواصلة برامجها الثقافية وبادرت باستثمار مختلف الأدوات من أجل إيصال صوت الثقافة محلياً، إقليمياً وعالمياً وحققت منجزات ثقافية على مختلف المستويات. 

وشكّل شهر ديسمبر قمّة المنجز الثقافي لهيئة الثقافة في عام 2020م، حيث شهد إقامة برنامج حافل للاحتفاء بالأعياد الوطنية تضمن فعاليات متنوعة مثل: ما نامت المنامة التي أقيمت بمناسبة ذكرى تأسيس متحف البحرين الوطني لمدة 12 ساعة متواصلة، تدشين "صنع في البحرين"، افتتاح مصنع نسيج بني جمرة، جداريات ديسمبر، يوم اللغة العربية، يوم الشهيد وتدشين كتاب "الثقافة والدبلوماسية. كما وشهد الشهر تكريم سعادة الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة مدير عام الثقافة والفنون بالهيئة بوسام "نجمة إيطاليا"، الذي واحداً من أهم الأوسمة الإيطالية ويتم منحه مباشرة من رئيس الجمهورية الإيطالية.  

أما شهر نوفمبر، فأقيمت خلاله العديد من الفعاليات، كان من أبرزها احتفاء هيئة الثقافة للمرة الأولى باليوم العالمي للفن الإسلامي الذي يوافق 18 نوفمبر من كل عام، حيث أقامت الهيئة أنشطة على مدار يومين متتاليين للاحتفاء بهذا الفن العريق بدعم من مجموعة جي إف إتش المالية ش.م.ب. (GFH). وشلمت الأنشطة معارض فنية ومعمارية مثل معرض "جداريات مستوحاة من الفن الإسلامي"، معرض "فنون من العالم الإسلامي" الذي تضمن افتتاحه تقديم كلمة خاصة من مدير عام منظمة اليونيسكو السيدة أودري آزولاي، ومعرض "منارة الفاضل". هذا إضافة إلى تقديم ندوة بمشاركة متخصصين من حول العالم وعروض أفلام تناولت الفن الإسلامي.  

ومع تطبيق الإجراءات الاحترازية مطلع العام الماضي، توقفت العديد من الأنشطة الثقافية حفاظاً على سلامة الجمهور، إلا أن هيئة البحرين للثقافة والآثار بادرت بإعداد رؤية للانتقال بالعمل الثقافي من أرض الواقع إلى العالم الافتراضي، فتم تحويل المنصّات الإلكترونية إلى مساحات للتفاعل مع الجمهور وتقديم فعاليات تنوعت ما بين عروض وحفلات عالمية، زيارات افتراضية للمواقع التاريخية والمتاحف ومراكز الزوّار والمعارض، أفلام توثيقية وأنشطة تفاعلية خاطبت مختلف الأعمار. فتم عرض سلسلة أفلام "الفن عامنا" و"التاريخ الشفهي"، كما تم تحديث المكتبة الإلكترونية للهيئة بأحدث الإصدارات الأدبية والمعرفية. 

ولم يقتصر الأمر على البرامج الثقافية الجانبية، بل تمت إقامة المواسم السنوية بشكل كامل عن بعد، كمهرجان صيف البحرين ومهرجان البحرين الدولي للموسيقى. وأقيم صيف البحرين الثاني عشر بشعار "أقرب عن بعد" خلال شهر أغسطس بمشاركة 16 سفارة عربية وأجنبية وقدّم توليفة من الفعاليات الموسيقية والفنية والأدبية، كما وشهد تقديم عروض مباشرة عبر السيارات تم بثّها مباشرة عبر قنوات الهيئة على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر شاشة تلفزيون البحرين، هذا إضافة إلى ورش عمل تفاعلية تناولت مواضيع كالأشغال اليدوية، الزخارف والفنون، المسرح، الطباعة، ترميم القطع الأثرية، الغناء والمهارات الإبداعية وغيرها. 

أما مهرجان البحرين الدولي للموسيقى فشهدت نسخته ال29 إقامة حفلات شاهدها الجمهور مباشرة عبر السيارات فقط أو عبر قناة الهيئة على موقع يوتيوب. واستضافت الأمسيات فنانين من البحرين والوطن العربي والعالم، بدأت مع حفل الفنانة العالمية عبير نعمة بعنوان "موسيقى دلمون إلى العالم"، ومن بعدها تابع المهرجان إلقاء الضوء على توليفة من الأنماط الموسيقية والغنائية التي تراوحت ما بين الفنون الشعبية والغناء الشرقي والأنغام اللاتينية والجاز.  

وكان مسرح البحرين الوطني استضاف انطلاقة مهرجان ربيع الثقافة نهاية شهر فبراير 2020م عبر العرض المسرحي الراقص "دموع حديد" الذي احتفى بإرث المعمارية الراحلة زها حديد وقدمته فرقة الرقص المسرحي الحديث ودار الأوبرا المصرية وأخرجه وليد عوني، كما نجح مهرجان تاء الشباب الحادي عشر في إقامة معظم برنامجه بداية العام، إلا أن تسارع انتشار جائحة فيروس كورونا، حال دون استكمال فعاليات وبرامج المهرجانين.  

وضمن احتفائها بالعديد من الأيام الثقافية العالمية، كاليوم العالمي للمتاحف، يوم اللغة العربية، يوم الفن الإسلامي، عقدت هيئة البحرين للثقافة والآثار مؤتمراً صحفياً عن بعد بالتزامن مع اليوم العالمي للمواقع الأثرية، أعلنت خلاله عن نتائج الأعمال والجهود التنقيبية التي تمّت بالتعاون مع عدد من بعثات التنقيب الدولية اليابانية، البريطانية، الدنماركية والفرنسية خلال موسم التنقيب 2019م – 2020م، والتي أظهرت العديد مكتشفات جديدة وسّعت آفاق فهم تاريخ المملكة الممتد لآلاف السنين. ومن بين أهم هذه المكتشفات دليل على "حديقة دلمونية" ومبنى في منطقة سماهيج بالمحرق يعود إلى القرن السابع الميلادي يعتقد بكونه ديراً أو كنسية، بما يشير غنى تاريخ مملكة البحرين.  

وضمن سعيها لتعزيز صون وحفظ التراث الثقافي غير المادي لمملكة البحرين، عقدت الهيئة الملتقى الوطني الثاني للتراث الثقافي غير المادي، عن بعد، حيث تناول عناصر تراثية بحرينية غير مادية وهي: العَرضة، النسيج، الأزياء البحرينية والخط العربي، وشارك فيه عدد من الخبراء والمتخصصين وتم على هامشه بث حلقتين على شاشة تلفزيون البحرين ترويجاً للملتقى وأهدافه. 

وضمن السعي لإشراك الجمهور في إثراء المشهد الثقافي في مملكة البحرين، نظّمت هيئة الثقافة عدداً من المسابقات التفاعلية على منصّاتها الإلكترونية، كمسابقة "جليس المحرّق" التي جاءت ضمن مبادرات ستوديو 244، ودعت الجمهور للمشاركة في تصميم مقعد يمكن وضعه في أحد أجزاء موقع "مسار اللؤلؤ: شاهد على اقتصاد جزيرة" والممتد لأكثر من 3 كيلومتر داخل المدينة التاريخية، ومسابقة "طاولة وكرسي" التي هدفت إلى تحفيز إبداع المشاركين لاكتشاف التصاميم الممكنة للطاولة والكرسي والتعمّق في صفاتهما الجمالية والوظيفية، هذا إضافة إلى مسابقتي "من وحي الثقافة" و"من وحي المحرّق"، وهما حدثان فنّيان شهدا تفاعلاً كبيراً وتم ختامهما بمعرضين إلكترونيين فوتوغرافيين تحت مظلة ستوديو 244