نظّمت أحد جمعيات المجتمع المدني تختص بالثّقافة العربيّة ثماني جولات في مدينة حيفا، ضمن نشاطها السّنويّ "باص حيفا بيروت" في ذكرى سقوط واحتلال مدينة حيفا، في محاولات لإرهاف الذاكرة، ومسترجعةً تاريخ المدينة ومناطقها المختلفة ابتداءً من حيّ الألمانيّة ووصولًا إلى الحلّيصة، مرورًا بوادي الصّليب ووادي النّسناس وستيلا ماريس وشارع يافا وشارع عبّاس، بمشاركة ما يزيد عن 250 مشاركًا ومشاركةً في الجولات وبمرافقة مرشدين باحثين وباحثات في تاريخ المدينة وجغرافيّتها.

في ذكرى احتلال حيفا

 

"الثقافة العربية" تنظّم 8 جولات في "باص حيفا بيروت"

نظّمت جمعيّة الثّقافة العربيّة ثماني جولات في مدينة حيفا ضمن نشاطها السّنويّ "باص حيفا بيروت" في ذكرى سقوط واحتلال مدينة حيفا، يومي الخميس 22.4.2021 والجمعة 23.4.2021 مسترجعةً فيها تاريخ المدينة ومناطقها المختلفة ابتداءً من حيّ الألمانيّة ووصولًا إلى الحلّيصة، مرورًا بوادي الصّليب ووادي النّسناس وستيلا ماريس وشارع يافا وشارع عبّاس، بمشاركة ما يزيد عن 250 مشاركًا ومشاركةً في الجولات وبمرافقة مرشدين باحثين وباحثات في تاريخ المدينة وجغرافيّتها.

وانطلقت الجولة الأولى صباح يوم الخميس من حيّ الألمانيّة بإرشاد الباحثة روضة غنايم، الّتي تحدّثت عن توثيق التّاريخ الشّفويّ عمومًا، والفلسطينيّ خصوصًا، وقصص العائلات الّتي عاشت في حيّ الألمانيّة قبل النّكبة، متطرّقةً لقصص عائلاتٍ ألمانيّة عاشت في الحيّ وعاصرت النّكبة وما زالت تساهم في توثيق الحقائق حول ما ارتكبته قوّات الاحتلال آنذاك.

أمّا الجولة الثانية فكانت في حيّ شارع عبّاس مع النّاشطة والصحافيّة نضال رافع، الّتي تحدّثت عن تاريخ الشّارع والعائلات الّتي سكنت الحيّ، متناولةً قصّتها الشّخصيّة الّتي وثّقتها بفيلم وثائقيّ تمّ تحويله إلى مسرحيّة، حول عودة عائلة "أبو غيدا" الّتي بنت البيت الذي كانت تسكنه رافع وعائلتها، وزيارتهم إلى المنزل الّذي هجّروا منه قسرًا.

وكانت الجولة الثّالثة أيضًا مفعمةً بالقصص حول محاولات العودة إلى البيوت، وكانت مع الباحث والموثّق البصريّ طارق البكري، والّذي تحدّث خلال جولة مع المشاركين في أحياء مدينة حيفا، مستعرضًا مبادرة "كنّا وما وزلنا" الّتي عمل من خلالها على البحث عن صور قديمة لمعالم ومنازل عائلات فلسطينية في المدن، والبحث عنها وتوثيقها ما بعد النكبة، مع توثيق رواية أهلها عن تهجيرهم.

أمّا الجولة الرّابعة فكانت مع الباحث والمؤرّخ د. جوني منصور في حيّ الحلّيصة، حيث تحدّث عن موقع الحي في المدينة استراتيجيًّا وما عاناه منذ النكبة والتّهجير وحتّى اليوم بعد سياسات الإفقار المستمرّة على مدى عقود، كذلك استضافت الجولة مجموعة من نساء الحيّ اللّاتي يعملن على عدّة مشاريع تطويريّة لتحسين جودة الحياة في الحيّ.

واستمرّت جولات "باص حيفا بيروت" صباح يوم الجمعة 23.4.2021 بجولة في شارع يافا مع مخطّط المدن والباحث عروة سويطات، الّذي تحدّث عن تحدّيات الحفاظ على مباني البيوت القليلة الّتي بقيت في الشّارع بعد النّكبة والهدم، موضحًا خطورة مخطّطات الهدم وطمس المعالم المستمرّة، ومؤكّدًا على أهمّيّة التّصدّي لها بمتابعة حثيثة سواء عبر العمل البلديّ أو السّياسيّ.

ثمّ جولة في حيّ ستيلا ماريس مع المرشد والباحث بلال درباس، الّذي تحدّث عن تاريخ الحيّ وبنائه، وعن موقعه استراتيجيًّا ضمن المخطّط الصّهيونيّ لاحتلال مدينة حيفا، وخطّة "المقصّ" الّتي استهدفت الهدم في المدينة بغرض تهجير السّكّان ودفعهم نحو الميناء حيث كانت تنتظرهم السّفن لنقلهم وتهجيرهم.

بعدها انتقلت الجولات إلى حيّ وادي الصّليب مع الإعلاميّة والباحثة منى عمري الّتي تحدّثت عن تاريخ الحيّ وتهجيره ومخطّطات الّطمس الّتي تتجدّد وتتبدّل دون أن تختلف الغاية الأساسيّة منها، وهي طمس المعالم الفلسطينيّة في مدينة حيفا وتهويد ما تبقّى منها، كما استعرضت قصص عائلات هُجّرت من الحي وسلطت الضوء على سياسات الشركات التي استولت عليه اليوم.

أمّا الجولة الأخيرة فكانت في حيّ وادي النّسناس مع المرشد بلال درباس الّذي استعرض تاريخ الحيّ وسياسات الإفقار الّتي يتعرّض لها، أمام تحدّيات الحفاظ على التّراث المبنيّ الفلسطينيّ في الحيّ.

ويعكس باص حيفا - بيروت تاريخيًا، أحد أشكال الحياة الاجتماعيّة لمدينة حيفا وتواصلها مع العالم العربي بحيث كان يعمل منذ سنوات العشرينات بالتوجه إلى بيروت والعودة إلى حيفا بشكل يومي، حتى انقطع عن العمل في أعقاب النكبة.

وقال مدير المشاريع في جمعيّة الثّقافة العربيّة ربيع عيد: "نُنظّم جولات باص حيفا بيروت لنحفظ ذاكرة المكان والإنسان في مدينة حيفا، ولنتيح للجمهور العام الاستماع عن قرب من عين المكان إلى قصص التطهير العرقي التي حصلت في النكبة واغتيال المدينة الفلسطينيّة. في نفس الوقت، لم يقتصر مضمون الجولات على التاريخ بل تناولت ما تواجهه أحياء حيفا الفلسطينيّة اليوم، من استمرار بنفس السياسات وإن كان بطرق مختلفة أو أكثر نعومة من الطرد والتدمير المباشر كما حصل عام 1948، من خلال سياسات الطرد الحضري الناتجة عن مشاريع عمرانيّة واستيلاء على أملاك اللاجئين وبيعها لشركات ومستثمرين".

وأضاف عيد: "أبدى الكثير من المشاركين رغبتهم في تنظيم مثل هذه الجولات بشكل دوري، وكانت المشاركة كبيرة خصوصًا أن المشاركين جاؤوا من خارج حيفا أيضًا وبشرائح عمرية مختلفة. وننظر في جمعيّة الثقافة العربية بتنظيم جولات بشكل دوري وليس فقط في حيفا، لأهميتها وتعطش الناس لهذه النشاطات".

وخلص عيد إلى القول "استعادة باص حيفا بيروت الذي يعكس تواصل فلسطين مع العالم العربي قبل الانقطاع في النكبة، هو نقطة للتفكير بالمستقبل أيضًا. مستقبل يكون هذا التواصل طبيعيًا مرّة أخرى لتعود حيفا متواصلة مع بيروت مع التأكيد على حق اللاجئين في العودة".