أعاد الشاعر الكبير نشر هذه المقاطع من قصيدة طويلة كتبها عام2006 وضمها ديوان (قربان لإله الحرب)؛ عقب الحملة الإسرائيلية الوحشية على الجنوب اللبنانى؛ لأنه أراها معبرة لا تزال عن الحملة الوحشية الجديدة على الفلسطينيين فى غزة وسواها من المدن.

رسالة إلى الله

حسن طلب

 

هى مقاطع من قصيدة:-

... ... ... ... ...

هجمَ الدُّخانُ عليْـكَ ..

وانعكسَتْ أعاصيرُ الغُبارِ على مَرايا النارِ ..

فانطمسَتْ أساريرُ الدِّماءِ اليَعرُبيَّةِ فى وجوهِ ذوِيكَ ..

واشتبَهَ البهِىُّ .. بمن تَباهَى!

فارسُمْ إِلهَا

ارسُمْ إَلهًا .. والتمسْ بركاتِهِ

فى ضَيْـعةٍ عند الحدودِ

يُظِلُّها سجْعُ الحمامِ على سُطوحِ بيوتِها

وتَرُفُّ أسرابُ السُّنونو فى رُباها

ارسُمْ إلهًا .. واختبرْ آياتِهِ

من قبلِ أن تعْشَى فتختلِطَ الأمورُ عليْكَ

تَشتبِهَ اشْتباها!

هجمَ الدخانُ عليْـكَ من كلِّ الجهاتِ ..

فيا أخَا السلْمِ اجْـترئْ وارسُمْ إلهَا

وقلِ السَّلامُ على الذى حِفظَ السَّلامَ

ولا سلامَ على الذى أحْيَا شِعارَ:

(الحربُ من أجلِ السلامِ!) 

ارسمْ إلهًا يا أخَا الحربِ العَوانِ.. ويا أباهـا!

ارسمْ إلهًا .. وادْعُهُ

ليَرُدَّ للبشريَّةِ- الأنثَى التى فجَرتْ- بَكارتَها!

وللمَعْمورةِ- الأمِّ التى شابَتْ- صِـباها

يا أيها العربىُّ قد هجمَ الدُّخانُ عليكَ من كلِّ الجِهاتِ:

من العدوِّ .. من الصَّديقِ ..

فكلَّما عمَّرْتَ أرضَكَ .. خَرَّباها!

بل كلما أنْبتَّ فيها نخلةً

لِيُغرَّدَ الدُّورِىُّ والحسُّونُ حولَكَ.. حارَباكَ وحَارَباها!

ارسُمْ إلهًا فوق أكوامِ الحطامِ .. وقلْ لَهُ:

يا ربَّـنا لا تُمسِكِ الشمسَ القريبةَ منكَ

حتى يفرغَ الحاخامُ من ذبحِ الغلامِ!

ولا تُعطَّلْ يا إلهَ الكوْنِ- دوْرتَها

لكى يتسكَّعَ الجِنرالُ فوق بقيةِ الجُثثِ

التى تحتَ الحُطامِ!

ولا تُعطِّـلْها إلى أن يأزَفَ الميعادُ ..

كي يَستأنِفَ المُتعَصبونَ العُنصريُّونَ (الجهادَ!)

ويُرسِلوا بجَرادِ أمريكا

لِينْسِفَ بالدُّخانِ الخامِ.. والألغامِ

آخِرَ نخْـلةٍ فى الشرقِ .. أو زيتونةٍ

أهدتْ إلى الدنيا صَباها!

يا ربُّ .. يا ربَّ البَريَّةِ

إننا نَدْعوكَ: لا تُطلِقْ ذئابَك فى القُرَى

نَرْجوكَ يا ربَّ الوَرَى

لو قد سألتَ- وأنت أعلَمُ-

عمَّنِ اغتالَ الرَّضيعَ وأمَّهُ فَجْرًا بـقُنبلةٍ!

ومن أهْوَى بصاروخٍ على الشيْخِ المُعمِّرِ!

لو سألتَ عن الصبيَّةِ: من سَباها؟!

يا ربُّ - جلَّ جلالُ ربِّ الخلْقِ.. كلِّ الخلقِ-

لا تَتدخَّلِ ..

اترُكْ دارةَ الشمسِ القريبةَ منكَ ياربَّ الأنامِ!

دعِ المَجرَّةَ حُرَّةً

حتى يُطلَّ- بسيفِهِ- الحقُّ المُقدَّسُ مرَّةً

من بينِ أكوامِ الجَماجمِ والعِظامِ ..

ليُفرِغَ السُّمَّ الذى اقْـتَنتِ العقاربُ فى شَباها!

ارسمْ إلهًا فوق أكوامِ الحطامِ .. وقلْ لهُ:

كنْ- لو سمحْتَ- على الحِيادِ التامِّ ..

هل ياربُّ: هذا شعبُكَ المُختارُ

أم هو شعبُكَ الجزَّارُ!

كيفَ منحْتَ "يعقوبَ" البِدارَ ..

فَكادَ يصرَعُ فى الظلامِ إلهَهُ!

ياربَّـنا- وتَباركَ اسْمُكَ-

كيف ساوْيتَ المُصارِعَ .. والقَنوتَ البارَّ؟!

كيف يكونُ من حملَ الأمانةَ ..

فاستخارَ السلْمَ ـ إنْ تركَ العدُوُّ لهُ الخِيارَ

ـ كمنْ أَباها!

يا أيها العربىُّ فلترسمْ إلهَا

ارسمْ إلهًا طيِّبًا

ليصُدَّ عنكَ أذَى إلهِ الحربِ ..

حين أتى يسوقُ أمامَه: جيشَ البرابرةِ الحداثيِّينَ!

فاحذَرْ أيها العربىُّ.. وانتبِهِ انتِباهَا!

ارسُمْ إلهًا عادلاً

وادفَعْ – سلِمْتَ – ضريبةَ الدَّمِ عنْكَ أو عنْهُ!

انتقِمْ مِمَّنْ جَباها

ارسمْ إلهًا واحدًا حولَ المدائنِ والضِّياعِ

وفى المزارِعِ .. والبِقاعِ

وداخِلَ الدُّورِ القديمةِ ..

فى المساجِدِ .. والكنائِسِ .. والمصانع ِ

فى المتاحفِ والمدارسِ والقلاعِ

وفى السُّهولِ وفى التِّلاعِ

ارسمْ إلهَا!

 

* من ديوان: (قربان لإله الحرب).