رحيل الشاعر العربي الكبير سعدي يوسف، وما خلفه من آثر وحزن عميق في نفوس المثقفين والشعراء والكتاب والقراء، أجج في نفوس الكثيرين مشاعر مفعمة بالوفاء، اخترنا هنا أن نعيد نشر قصيدة الشاعر والأديب اليمني عبدالعزيز المقالح، مرثية مهداة الى الشاعر الراحل وهي محملة بدلالات عميقة تتعدى اللحظة في تأمل وظيفة الشاعر الحديث اليوم وعزلته.

العجوز والمقهى

عبدالعزيز المقالح

 

(إلى الصديق الشاعر سعدي يوسف)

 

الرجلُ العجوزُ

ذلك الذي يجلسُ عند مدخلِ المقهى

وحيداً

يكتب الشعر الحديث

لا يكلم الناس

ولا يكلمونه

فروحهُ مشغولةٌ

بالبحث عن قراءةِ المعنى

وعن شفافية العبارةْ.

٭٭٭

الرجلُ العجوزُ

ذلك الذي يجلسُ عند مدخلِ المقهى

وحيداً

بين يدية رزمةٌ من الأوراق

في بياضها

يرى قصيدةً لم تكتمل

وغِزلاناً من المعاني

ووعولاً شارداتٍ

في براري الكلمات النافرةْ.

٭٭٭

الرجلُ العجوزُ

ذلك الذي يجلسُ عند مدخلِ المقهى

وحيداً

لا يرى عيونَ امرأةٍ

تطل من نافذة البيت القريب

تحتفي بهِ

تومي له بمنديلٍ

من الحريرِ الأخضر

الشفيفْ.

٭٭٭

الرجلُ العجوزُ

ذلك الذي يجلسُ عند مدخلِ المقهى

وحيداً

عاد من شروده

يشده ظلُ فراشةٍ

ضلت طريقها إلى المقهى

فأيقظت روادهَ

وسحرت أعينهم برقصها

وثوبها الجميل.

٭٭٭

الرجلُ العجوزُ

ذلك الذي يجلسُ عند مدخلِ المقهى

وحيداً

يشتكي العزلةَ

يبكي وجعَ الروح

ويخشى أن يرى الناسُ

دموعَهُ

وما تكتبه على طاولة المقهى

من الأحزان.

٭٭٭

الرجلُ العجوزُ

ذلك الذي يجلسُ عند مدخلِ المقهى

وحيداً

شارداً

يحكُ بين لحظةٍ وأخرى

رأسَ عصاتهِ

كأنه يهم أن يشج

وجهَ الريح

أو يحارب الهواء.

٭٭٭

الرجلُ العجوزُ

ذلك الذي يجلسُ عند مدخلِ المقهى

وحيداً

قبل غروب الشمس

هل يحزنه غروبها؟

يوحى له

بأن عمره الحافلُ بالأحلام

والخيبات

في طريقه إلى الأفول.