خلد العالم شهر أكتوبر الماضي لقاءات تأبين الشاعر الأمريكي جاك هيرشمان، ونظمت الحركة الشعرية العالمي بتنسيق مع العديد من المؤسسات وجمعيات المجتمع المدني لقاءات تأبين استعادت من خلالها إرث هذا الشاعر الذي انتصر لقضايا العالم العادلة وكان من أشد المعارضين للحرب والرأسمالية المتوحشية، هنا ورقة الشاعر محمد حجي محمد، منسق الحركة في المغرب.

جاك هيرشمان أيقونة الشِّعر النادرة

محمد حجي محمد

 

إن الاحتفاء بذكرى رحيل جاك هيرشمان؛ هو احتفاء بأحد الوجوه البارزة في الشعر الأمريكي المعاصر، لا لكونه أيقونة لجيل الثائرين، أو أسطورة للمعارضة في سان فرانسيسكو فحسب. بل لانحيازه للفقراء، والقضايا العادلة داخل الولايات المتحدة، وخارجها.   

وإذا كانت الحركة الشعرية العالمية، قد اختارت شهر أكتوبر للاحتفاء عالميا بذكرى رحيل جاك هيرشمان –الذي غادر عالمنا  يوم 22 غشت 2021- والإشادة بقيمته الأدبية ومواقفه الإنسانية، اعترافا بموهبته الإبداعية في مجال الشعر والترجمة، فإن أعمال هذا الشاعر- الذي وصفه لوك برايت بــــــ "أهم شاعر أمريكي اليوم" - قد ظلت مغمورة لفترة طويلة، بسبب المضايقات التي كان قد تعرض لها، جراء معارضته لحرب فيتنام، وتنديده الشرس بالرأسمالية المتوحشة. وقد كانت تلك المضايقات سببا في رفض جُلّ الناشرين نشر مؤلفاته، وكذا في فصله من وظيفته كأستاذٍ جامعيٍّ سنة 1965.

بعد طرده من عمله الأكاديمي، مرّ جاك هيرشمان بفترة غير مستقرة، اضطر خلالها إلى العيش في الشوارع، فعاش على ارتجال القصائد الشفوية للمارة، وخوض نضالات داخل الحزب الشيوعي الأمريكي دفاعا عن المهاجرين، والمشردين، والبسطاء الذين قاسمهم التسكع لفترة طويلة.

ورغم انسحابه من المجال الأكاديمي، فإنه ظل يكتب بغزارة، ويقرأ بنهم. وقد ذاع صيته بشكل واسع في الولايات المتحدة، تزامنا مع ارتباطه بأحد أهم الأسماء الشعرية في جيل البيت" ثم انتشر صداه في غيرها من دول العالم. 

عاش هذا الشاعر والمترجم حياة بويهيمية متواضعة، مفعمة بمحبة الفقراء، والمهمشين. عُرف بيساريته ومساندته لحزب الخضر، وحركات التحرر حول العالم، ومناصرته للقضية الفلسطينية.

كان جاك هيرشمان أكاديميًا ومترجمًا يجيد تسع لغات، وأصبح شاعرا بروليتاريا في نورث بيتش. نُسب إليه الفضل في إحياء مهرجان سان فرانسيسكو الدولي للشعر، وعمل لعقود كشاعر مقيم في المكتبة العامة بالمدينة.

كما كان عضوا رفيعا في اتحاد شعراء الشوارع الذين كانوا يوزعون الأشعار المطبوعة على العابرين، وعضوا مؤسسا لاتحاد الكتاب اليساريين في سان فرانسيسكو، وعضوا مؤسسا أيضا للحركة الشعرية العالمية بمديين. 

عرف هيرشمان بوفرة إنتاجه، إذ نشر أكثر من 100 مجلد من أعماله - بعضها على آلة تصوير المستندات في منزله، والبعض الآخر أصدرته مكتبة سيتي لايتس الشهيرة التي كان يمتلكها صديقه الشاعر، والناشر لورانس فيرلينجيتي الذي رحل عن عالمنا في 22  فبراير 2021.  بالإضافة إلى ترجمته لأعمال العديد من الشعراء منهم مالارمي، وبا بلونيرودا، وفلاديمير ماياكوفسكي وروكي دالتون غيرهم.

أشعار هيرشمان تتميز بشفافية خاصة، وحماس ونبرة ثورية  تحريضية تلهم الجماهير. كما تزخر قصائده بأصوات ثائرة في المجالات الأدبية والفنية وغيرها، في قصائده أيضا، احتفاء بالأصدقاء من جيل "بيت" جاك كيرواك، ووالاس بيرمان، وكِن واينيو، وإدانة قوية للعنف المفرط تجاه السود، والمهاجرين الغرباء في الولايات المتحدة.

هامش:

بتكليف من المنسقِ العام للحركة الشعرية العالمية بمديين الشاعر الكولومبي فرناندو ريندون، وإشراف المنسق الدولي للحركة الشاعر والمترجم خالد الريسوني، وضمن تأبين الشاعر الأمريكي جاك هيرشمان، وبتنسيق مع بيت الصحافة-الذي احتضن هذا النشاط مشكورا- ومنشورات فاصلة، تندرج هذه  الشهادة الموسومة بــــ" جاك هيرشمان أيقونة الشِّعر النادرة  "      

 

2- سعيد كوبريت رئيس بيت الصحافة في تصريح لكاب 24 وطنجة أنفو

"تأبين أحد أبرز الشعراء في المعمور الذي غادرنا الشهر المنصرم، وهو الذي كان ينعت بشاعر الشارع جاك هيرشمان الذي ناصر كل القضايا العادلة في العالم من حرب الفيتنام إلى القضية الفلسطينية، كوبا وغيرها. هذا الشاعر الذي ارتأت الحركة الشعرية العالمية أن تخصص غضون شهر أكتوبر للانتصار لقيمه ومبادئه ورؤيته للعالم. وكان لنا الشرف أن يكون المغرب ممثلا بيت الصحافة الذي أشرف على تنظيم هذا الحفل التأبيني."

 

3- محمد السكتاوي مدير منظمة العفو الدولية بالمغرب في تصريح لهبة بريس

"تأبين شاعر عالمي جاك هيرشمان هذا الرجل الذي استطاع أن يجعل صوت المضطهدين والضعفاء والفقراء والمشردين في العالم عاليا في الولايات المتحدة الأمريكية وفي القارات الأخرى. رجل من أمريكا. من سان فرانسيسكو، لكنه أصبح ببعد عالمي، إذ لا يمكن أن نتحدث عن حركة الشعر في العالم دون أن يحضر اسم جاك هيرشمان. لقد توفي جاك هيرشمان في غشت الماضي، واليوم في أكثر من بلد يتم الاحتفاء به، وبحياته، وبإنجازاته، وبصوته المنتصر للقضايا الإنسانية الكبرى. كان رجلا إنسانيا من عيار ثقيل، هذا الذي نحتفي به اليوم في طنجة"