حبيب المعاتيق يستعرض تجربته المزدوجة بالدمام
حبيب محمود
لم يكن حبيب المعاتيق محظوظاً بجمهور كافٍ، عشية استضافه أدبي الشرقية في مقهاه لمناقشة مجموعته الشعرية الفوتوجرافية (حزمة وجد)، مساء أول من أمس. وعلى العكس من العدد الغفير الذي تزاحم، مرتين، في مسرح مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف وقت صدور المجموعة، في ديسمبر الماضي، كانت أمسية النادي الأدبي شحيحة الحضور وغير مشجّعة، لولا أن المعاتيق امتصّ إحباطه بهدوء وقدّم نفسه شاعراً وفوتوجرافياً قادراً على مزاوجة ال لغة والصورة وتقديمها في آن واحد بنجاح. التجربة التي خاضها حبيب المعاتيق في (حزمة وجد)، قوبلت باحتفالية لافتة إبّان عرضها لأول مرة في صالة مركز الخدمة الاجتماعية في القطيف. وقتها قدّم المعاتيق معرضاً فوتوجرافياً ووقّع مجموعة، ثم قدّم أمسيتين في مسرح المركز لأسبوعين متتاليين. واستفاد المعاتيق من جمهور للشعر وآخر للفوتوجرافيا، وكلا الفنّين منتعشٌ جماهيرياً في القطيف على نحو لافت. وعشية النادي الأدبي قال المعاتيق للجمهور القليل جداً إن (العلاقة بين القصيدة والصورة تكاملية) في رأيه. وحين ألقى، فإنه استعان بالمجموعة الورقية (حزمة وجد) وجهاز لاب توب وعارض ضوئي (بروجكتر) ليعبّر عن (التكاملية) التي يراها عبر صورة في الجدار وقصيدة تُتلى بحميمية هامسة في مكبّر الصوت، تحت تأثير ضوء خافت..! هذا التجاور المتلازم أثار إعجاباً وإشكالية في آن معا، وقد عبّر المداخلون في المقهى عن الإعجاب والإشكالية. فالقصيدة نص (لغوي) قائم بذاته، والصورة نص (بصري) قائم أيضاً. وتلازمهما ـ حسب الشاعر محسن الزاهر ـ يعني (وجود فن آخر) مثل (فن الأغنية الذي يتكوّن من لغة ولحن) وأداء. وحين صرّح المعاتيق بأنه كتب نصوص المجموعة مستعيناً بإيحاءات الصور، تساءل الصحفي علي القحطاني عن (إشكالية التصنّع) استناداً إلى فهم بديهي حول ولادة النصّ من رحم الرغبة العفوية في التعبير، وليس تحت تأثير مصطنع. لكن المعاتيق دافع بهدوء عن فكرته، مبرّراً بأنه لا يصف الصورة ولا يقبل بكلّ قيودها، إنه يستوحي منها ولا يرسمها مجدداً عبر اللغة. المتناقشون في المقهى اتفقوا ـ تقريباً ـ على أن الوسيلة التي كشف عنها المعاتيق ليست بالضرورة هي المحرّض الفعلي لولادة القصيدة. (ربما تكون شرارة لامست وجداً خاصاً فولد النص الشعري في حضور الصورة). وركز القاص عبدالله النصر على هذه النقطة بالذات، وتوقف عند نص (حديث الذكريات) المكتوب بإزاء صورة طفلتين تضحكان. وقال النصر إن (الشاعر بدأ بطفولة في الصورة منتهياً إلى طفولته هو)، وهذا (مستوى من التعبير الذاتي الذي يثير شبهة التعبير الموضوعي) حسب تعليق أحد الحضور. وفيما أكد الحضور إعجابهم بالإبداع المزدوج الذي يقدّمه المعاتيق في تجربته، فإن الرؤية التي كادت تسود جلسة النقاش هي أن التجربة البصرية والتجربة اللغوية منفصلتان بالضرورة، ولا يُمكن الجزم بأن فكرة ربط الصورة بالقصيدة قائمة جمالياً ودلالياً وموضوعياً. وقال بعض الحضور إن المعاتيق لو قدّم (حزمة وجد) من دون صور لكانت المجموعة ناجحة، تماماً كما لو قدّم المجموعة ذاتها من دون نصوص شعر. لكن اتجاه الجلسة انتهى إلى أن الجمع بين موهبتين باحترافية رومانسية أمرٌ لافت، وجمع تجربتين بين دفتي كتاب واحد أمرٌ لافت أيضاً، وجديد ويكاد لا يكون مسبوقاً إلا بتجربة الشاعر البحريني قاسم حداد والمصور صالح العزاز في مشروعهما (المستحيل الأزرق) الذي يُشكل تجربة خليجية رائدة. حبيب المعاتيق، شاعراً أو مصوّراً، استطاع ببراعة فنّان رومانسيّ الحس أن يقدم تجربة (اثنين في واحد) على طريقة مرهفة وغنائية. وتجربة تجاور الصورة والقصيدة لديه لا تزال بعيدة عن الاهتمام الكافي، ربما لضعف في تسويق (حزمة وجد) كما صرّح، أو ربما لأن القرّاء لم يعتادوا أن يقرؤوا الصورة والقصيدة من شخص واحد.
لم يكن حبيب المعاتيق محظوظاً بجمهور كافٍ، عشية استضافه أدبي الشرقية في مقهاه لمناقشة مجموعته الشعرية الفوتوجرافية (حزمة وجد)، مساء أول من أمس. وعلى العكس من العدد الغفير الذي تزاحم، مرتين، في مسرح مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف وقت صدور المجموعة، في ديسمبر الماضي، كانت أمسية النادي الأدبي شحيحة الحضور وغير مشجّعة، لولا أن المعاتيق امتصّ إحباطه بهدوء وقدّم نفسه شاعراً وفوتوجرافياً قادراً على مزاوجة ال لغة والصورة وتقديمها في آن واحد بنجاح.
التجربة التي خاضها حبيب المعاتيق في (حزمة وجد)، قوبلت باحتفالية لافتة إبّان عرضها لأول مرة في صالة مركز الخدمة الاجتماعية في القطيف. وقتها قدّم المعاتيق معرضاً فوتوجرافياً ووقّع مجموعة، ثم قدّم أمسيتين في مسرح المركز لأسبوعين متتاليين. واستفاد المعاتيق من جمهور للشعر وآخر للفوتوجرافيا، وكلا الفنّين منتعشٌ جماهيرياً في القطيف على نحو لافت.
وعشية النادي الأدبي قال المعاتيق للجمهور القليل جداً إن (العلاقة بين القصيدة والصورة تكاملية) في رأيه. وحين ألقى، فإنه استعان بالمجموعة الورقية (حزمة وجد) وجهاز لاب توب وعارض ضوئي (بروجكتر) ليعبّر عن (التكاملية) التي يراها عبر صورة في الجدار وقصيدة تُتلى بحميمية هامسة في مكبّر الصوت، تحت تأثير ضوء خافت..!
هذا التجاور المتلازم أثار إعجاباً وإشكالية في آن معا، وقد عبّر المداخلون في المقهى عن الإعجاب والإشكالية. فالقصيدة نص (لغوي) قائم بذاته، والصورة نص (بصري) قائم أيضاً.
وتلازمهما ـ حسب الشاعر محسن الزاهر ـ يعني (وجود فن آخر) مثل (فن الأغنية الذي يتكوّن من لغة ولحن) وأداء. وحين صرّح المعاتيق بأنه كتب نصوص المجموعة مستعيناً بإيحاءات الصور، تساءل الصحفي علي القحطاني عن (إشكالية التصنّع) استناداً إلى فهم بديهي حول ولادة النصّ من رحم الرغبة العفوية في التعبير، وليس تحت تأثير مصطنع. لكن المعاتيق دافع بهدوء عن فكرته، مبرّراً بأنه لا يصف الصورة ولا يقبل بكلّ قيودها، إنه يستوحي منها ولا يرسمها مجدداً عبر اللغة. المتناقشون في المقهى اتفقوا ـ تقريباً ـ على أن الوسيلة التي كشف عنها المعاتيق ليست بالضرورة هي المحرّض الفعلي لولادة القصيدة. (ربما تكون شرارة لامست وجداً خاصاً فولد النص الشعري في حضور الصورة).
وركز القاص عبدالله النصر على هذه النقطة بالذات، وتوقف عند نص (حديث الذكريات) المكتوب بإزاء صورة طفلتين تضحكان. وقال النصر إن (الشاعر بدأ بطفولة في الصورة منتهياً إلى طفولته هو)، وهذا (مستوى من التعبير الذاتي الذي يثير شبهة التعبير الموضوعي) حسب تعليق أحد الحضور.
وفيما أكد الحضور إعجابهم بالإبداع المزدوج الذي يقدّمه المعاتيق في تجربته، فإن الرؤية التي كادت تسود جلسة النقاش هي أن التجربة البصرية والتجربة اللغوية منفصلتان بالضرورة، ولا يُمكن الجزم بأن فكرة ربط الصورة بالقصيدة قائمة جمالياً ودلالياً وموضوعياً. وقال بعض الحضور إن المعاتيق لو قدّم (حزمة وجد) من دون صور لكانت المجموعة ناجحة، تماماً كما لو قدّم المجموعة ذاتها من دون نصوص شعر. لكن اتجاه الجلسة انتهى إلى أن الجمع بين موهبتين باحترافية رومانسية أمرٌ لافت، وجمع تجربتين بين دفتي كتاب واحد أمرٌ لافت أيضاً، وجديد ويكاد لا يكون مسبوقاً إلا بتجربة الشاعر البحريني قاسم حداد والمصور صالح العزاز في مشروعهما (المستحيل الأزرق) الذي يُشكل تجربة خليجية رائدة.
حبيب المعاتيق، شاعراً أو مصوّراً، استطاع ببراعة فنّان رومانسيّ الحس أن يقدم تجربة (اثنين في واحد) على طريقة مرهفة وغنائية. وتجربة تجاور الصورة والقصيدة لديه لا تزال بعيدة عن الاهتمام الكافي، ربما لضعف في تسويق (حزمة وجد) كما صرّح، أو ربما لأن القرّاء لم يعتادوا أن يقرؤوا الصورة والقصيدة من شخص واحد.