يفتتح في السادسة من مساء الاربعاء 16حزيران 2010، معرض الفنان محمود صادق "مدارات الروح" التعبير بعين القلب والذاكرة، في جاليري رؤى32 للفنون، عمان – الاردن، ويستمر المعرض حتى يوم الخميس 8 تموز المقبل. والفنان د. محمود صادق حاصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة الفن التشكيلي، جامعة ولاية فلوريدا، وبكالوريوس فنون تشكيلية من بغداد، وماجستير في الفنون التشكيلية من جامعة ولاية جنوب كارولينا. وصادق حاصل على العديد من الجوائز ابرزها: جائزة الدولة التقديرية والتي تسلمها من المغفور له الحسين بن طلال عام 1992 ، وجائزة تقديرية، ترينالي مصر الدولي لفن الجرافيك 1993، وتم تنسيبه من جامعة اليرموك لنيل جائزة الفكر العربي 2001 ، وحصل على تكريم من جامعات اليرموك وفيلادلفيا والمنصورة في مصر وقطر.
وللفنان محمود صادق العديد من المعارض الشخصية ، حيث اقام منذ العام 1969 "37" معرضا فنيا، في بغداد ، لانكستر ، فلوريدا ، بولندا ، باريس ، بلجيكا ، نيوزلاند ، لبنان ، والاردن ، وله 126 مشاركة في المعارض الجماعية في الأردن والعالم ، وله العديد من الأبحاث المنشورة حول الفن التشكيلي والفن الإسلامي والتذوق الفني ومناهج التعليم الفني ، وأعماله مقتناة من قبل المؤسسات والأشخاص في مختلف أنحاء العالم.
وقد كتب الدكتور خالد الحمزه عن معرض الفنان محمود صادق " مدارات الروح "هم نفر قليل الفنانون التشكيليون الأوائل في الأردن الذين يصطلون بنار الاستمرار في ممارسة فنهم والاصرار عليه بالرغم من المعوقات الكثيرة. والفنان محمود صادق هو بلا شك أحد هؤلاء الفنانين حيث ما انفك يقدم الجديد والمثير سالكا طريقه دون هوادة عبر ما يقرب من أربعة عقود ثرية من عمره الإبداعي. الصبر لا ينفذ لدى محمود صادق, إنه يتلذذ بلعبة الأناة, يمسك بذكرياته ولا يدعها تنزلق من الذاكرة, إنها لدية تعال على راحة النسيان, لأنها تناظر الأمل الذي لا ينقضي. يلح صادق علينا بسرد الرواية للمرة الألف دون قنوط من أننا في مرة ما سنعيش الحلم الذي يريد, ونحن نستمع في كل مرة دون كلل لأننا نعرف أن لروايته في كل مرة طعما مختلفا. قال لي مرة "حاولت مرات أن أذهب إلى اللوحة دون إعداد وتحضير وموضوع محدد ولكن ما هي إلا لحظات وأجدهم قد هلوا." قالها ببساطة ولكنها تعني تمسك شخوصه ومتعلقاتهم به وألفته بهم, فهم يحضرون دون تكلف واصطناع, حضورهم وليمة لوراف الظل وأغاني السهول وحنين البيوت. إنهم على موعد مع سمر القافية وحلو السجع وحكاية النزع الأخير من الندى. قوم تنادوا على بساط الريح ليفكوا ألف ليلة وليلة على مدى أفق السراب. يعرفون تلذذ السارد وحنكة السامع, وتلون المساحة بينهما, يرصدهم بألوانه التي لها صدى ألقهم السارب بين مجرى الأيام لا يلوون على نهر الزمن مسجلا رؤاهم التي هي رؤاه في سلسلة بصرية لا تنفصم عراها. نعرفه مجودا لا يكل ولذا نعجب لأناته في تعاملها مع الألوان الشمعية, إنها تسابقه في تجمدها وعليه أن يسبقها, تحد غالبه فغلبه. فقد أنتج في الآونة الأخيرة عددا من اللوحات بهذه الخامة المشاكسة. إن المسيحيين الأوائل في مصر هم أشهر من استخدمها من قبل حيث رسموا صورا شخصية للموتى على عجل قبل وضعها معهم في مدافنهم, ذهبت وجوههم وبقيت صورها مدهشة وطازجة ومعبرة. رسم فنانو الفيوم تلك الأعمال الفذة لأكثر من قرنين من الزمن على ألواح من الخشب بمساحات قريبة من الحجم الطبيعي. يعيد الفنان محمود صادق العمل بها على القماش ساردا ألف وجه ووجه من عالمه الذي لا يريد له أن يفارقه.
نرى في الفن العالمي المعاصر عودة قوية للموضوع الذي غيبته الحداثة أو نبذته في سبيل الجمالية الشكلية. وتشيع في الفن اليوم التشخيصية والتي تعرف بالجديدة بعد أن طغى التجريد ونفي الاستحضار في الفن الحديث. وفي هذا السياق نجد فن محمود صادق معاصرا في طروحاته فهو يطرح موضوعات ذات مضامين تهم الإنسان أي إنسان ويقدمها من خلال التشخيص بروحية شرقية خالصة. يأتلف التشخيص عنده مع التجريد في تكوينات أشبه ما تكون بالموسيقا الخالصة التي يغرم بها. إنه مستمع محترف للموسيقا الكلاسيكية يعرف تشابكاتها وعلاقاتها وموضوعاتها فيبدع موازيا بصريا لها بمفرداته التي يقولبها في كل مرة وفقا لسياقها المتجدد.