مكتبة وأرشيف ورقمنة في مرحلة يزداد الاهتمام في الثقافة العربية بوظيفة العوالم الرقمية في توفير مادة بحثية للمعرفة وتعزيز الفعل القرائي وتشجيع تنمية مجتمعات القراءة، في ظل وضعية متأزمة لانحسار المقروئية وتراجع حضور الكتاب، هنا تجربة قطرية ضمن مبادرة تقرأ رامية لتعزيز ثقافة المطالعة في المجتمع، تحت شعار "كتاب واحد.. مجتمع واحد"

مكتبة قطر أكبر أرشيف متخصص

 

الجزيرة - نظمت مكتبة قطر الوطنية بالتعاون مع موقع الجزيرة نت ندوة ثقافية بعنوان "أهمية كتاب كليلة ودمنة في الثقافة العربية الإسلامية"، وذلك ضمن مبادرة "قطر تقرأ" الرامية لتعزيز ثقافة المطالعة في المجتمع، والتي أطلقتها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع تحت شعار "كتاب واحد.. مجتمع واحد".

وخلال الندوة التي أقيمت مساء أمس الثلاثاء وحضرها مهتمون بالشأن الثقافي، قدّم السيد محمد المختار أحمد -المشرف العلمي على مشروع "تراث" بموقع الجزيرة نت- محاضرة عن الاحتفاء الواسع الذي لقيه كتاب "كليلة ودمنة" في المجتمعات العربية والإسلامية منذ ترجمته الأولى -في القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي- على يد كبير كتاب الدولة العباسية عبد الله بن المقفع من اللغة الفارسية إلى العربية.

واستعرض المحاضر مستويات المكانة التي احتلها هذا الكتاب لدى الأوساط العلمية والأدبية العربية والإسلامية (أدباء وفقهاء) عبر القرون، فقسمها إلى 3 مستويات، هي: أولا خدمة الكتاب بالترجمة والنظم والشرح والتلخيص والمحاكاة، وثانيا التأثر بمضمونه مدارسة وحفظا واقتباسا وإشادة، وثالثا توظيف هذا المضمون بأشكال متعددة من التوظيف المعجمي والأسلوبي والثقافي والتأليفي.

وفصّل المحاضر القول في المستوى الأولى، مشيرا إلى أنه تمت خدمة كتاب "كليلة ودمنة" عبر أنماط مختلفة تتلخص في ترجمته عدة مرات إلى العربية، ومنها إلى الفارسية (بعد الإسلام) والتركية، ثم نقله من النثر إلى الشعر عبر نظمه باللغات الثلاث مرات عديدة وفي قرون مختلفة، وكذلك خدمته بالشروح والتلخيصات، وتأليف العديد من الكتب التي تنحو منحاه في صياغة الحِكَم الأخلاقية والنصائح السياسية في قالب قصصي على ألسنة الحيوانات والطيور.

كما تطرقت الندوة إلى الأثر الكبير الذي تركه هذا الكتاب -الذي تشكل محتواه من الثقافات الهندية والفارسية والعربية- في مختلف الآداب العالمية من خلال ترجمته إلى 40 لغة، وتأثر كبار الأدباء العالميين بأسلوبه ومضمونه.

أكبر أرشيف متخصص.. مكتبة قطر الرقمية تصل لمليوني صفحة

أعلنت مكتبة قطر الوطنية عن إضافة الصفحة الرقمية رقم مليونين هذا الشهر (مايو/أيار) ونشرها عبر بوابتها الإلكترونية "مكتبة قطر الرقمية"، في إنجاز كبير ضمن جهودها الحثيثة لحفظ ونشر تاريخ وتراث منطقة الشرق الأوسط.

ومكتبة قطر الرقمية هي أكبر أرشيف رقمي متخصص في تاريخ الشرق الأوسط على مستوى العالم، تم تدشينها في أكتوبر/تشرين الأول 2014 ضمن شراكة مع مؤسسة قطر والمكتبة البريطانية.

وتحتوي على مجموعة فريدة من أهم التقارير والمراسلات والمخطوطات والخرائط والصور التاريخية والتسجيلات الصوتية المتعلقة بمنطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية والمناطق المجاورة، كما تحتوي على مقالات متعمقة لنخبة من الخبراء المتخصصين تقدم للقراء نظرة معمقة حول موضوعات متنوعة تتعلق بماضي المنطقة وشعوبها.

وتتميز مواد مكتبة قطر الرقمية بأنها متاحة للاطلاع والتنزيل المجاني لكافة المستخدمين عبر الإنترنت في كل أنحاء العالم، كما أنها مصحوبة بملاحظات تفسيرية باللغتين العربية والإنجليزية، الأمر الذي جعلها مرجعا أساسيا للباحثين وكل المهتمين بتاريخ المنطقة وتراثها.

وحظيت المكتبة -منذ إطلاقها قبل أكثر من 6 سنوات- بإقبال كبير من الباحثين والعلماء والدارسين والجمهور العام من جميع دول العالم سواء لأغراض أكاديمية أو بحثية.

إنجاز تاريخي

وبهذه المناسبة، أكد وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري أن هذا الإنجاز التاريخي هو ثمرة قناعة قطر بأن المعرفة لا ينبغي أن يقف أمامها أي عائق، ما جعل مكتبة قطر الوطنية في صدارة مكتبات العالم بنوعية وكم الوثائق المتاحة للجميع.

وأضاف أن مكتبة قطر الرقمية غدت نموذجا يحتذى به ويجسد للعالم أجمع ما ينبغي أن يكون عليه تصميم مكتبة المستقبل.

وثمّن الكواري جهود الشيخة موزا بنت ناصر ورؤيتها الثقافية التي استطاعت تحويل الحلم إلى واقع ملموس، مشددا على أن مكتبة قطر الوطنية ستظل نبراسا للمعرفة يحتضن التبادل الحر والمنفتح للأفكار والمعلومات، وستواصل جهودها لزيادة وتنمية المواد المرقمنة التي يستطيع العالم كله الوصول إليها والاطلاع عليه.

أما مدير شؤون البحوث التاريخية والشراكات في المكتبة جيمس أونلي فأشار إلى أن مكتبة قطر الرقمية تحدث تغييرا جوهريا في النهج الذي يدرس به العلماء والطلاب والباحثون تاريخ منطقة الخليج والعلوم في العالم العربي، وغدت مرجعهم الأول؛ إذ ساعدتهم في العثور -خلال ثوان قليلة- على ما كان يستغرق منهم أسابيع أو شهور.

طفرة كبيرة

وأضاف أونلي أن المكتبة سهلت إمكانية الاطلاع على معلومات القرون الماضية، الأمر الذي أدى إلى طفرة كبيرة في عدد الدراسات التاريخية الجديدة والمبتكرة حول منطقة الخليج، التي طالما كانت أقل أقاليم الشرق الأوسط حضورا في الدراسات والأبحاث التاريخية الأكاديمية، لافتا إلى أن زائري المكتبة الرقمية وصل إلى 1.9 مليون مستخدم.

وتتناول مكتبة قطر الرقمية التاريخ والتراث المعاصر لمنطقة الخليج العربي ومحيطها الإقليمي، ما يجعلها الوجهة المثالية للقراء الذين يرغبون في البحث حول مجموعة متنوعة من الموضوعات مثل ممارسات التبادل التجاري، والحربين العالميتين، وشركات النفط، وإدارة الاستعمار البريطاني للمنطقة، والمعاهدات والاتفاقيات، والملاحة البحرية، والعمليات العسكرية، والطيران المدني والمنتديات الاقتصادية، والقومية العربية ومؤلفات الطب العربي.

وتحتوي المكتبة كذلك على مجموعة نادرة من المخطوطات العربية حول العديد من الموضوعات منها علم الفلك، والرياضيات، والزراعة، والفلسفة، ونظرية الموسيقى، والعلوم العسكرية، والجغرافيا، والقانون، والكيمياء، والميكانيكا، وعلم الحيوان.

وتواصل مكتبة قطر الرقمية تنمية مجموعاتها الأرشيفية لإثراء معرفة أجيال المستقبل بمنطقة الخليج والأقاليم المحيطة به ومساعدتهم في إعادة اكتشاف تاريخهم وتراثهم.