موطن جديد للكتاب والقراءة
في شارع الفراهيدي للثقافة والكتاب الذي طُوّر في الأيام الأخيرة، يمكن لمحبّي القراءة والمارّة الآن الاستمتاع بسلسلة من أكشاك الكتب الخشبية والإضاءة الخارجية والأرصفة التي تضفي جمالا على النزهة الثقافية في مدينة البصرة بجنوب العراق. وقالت إسراء طه حسن، وهي باحثة من البصرة تبيع الكتب في شارع الفراهيدي، إن التطوير تمّ بفضل الجهود المضنية التي بذلتها مجموعة من المثقفين والرواد للشارع.
وأوضحت أن "إضافة البنية التحتية إلى هذا الشارع جميلة، فقد ولد من رحم المعاناة ومناشدات المؤسسين له والمثقفين ورواد الشارع أيضا، ولولاهم لما وصلنا به إلى هذه الحلّة الجميلة التي تسرّ الناظرين حقيقة".
وبيّن بائع كتب اسمه عبد العزيز حسين مصدر فكرة المكان، فقال "شارع الفراهيدي للثقافة والكتاب، هذا المكان الذي يدخل في عامه الثامن أُسّس عام 2015 بجهود شبابية خالصة لمجموعة من الشباب والمفكرين داخل البصرة من خلال اجتماع موسع أقيم في إحدى الساحات، اتفقوا فيه على إنشاء شارع ثقافي على غرار شارع المتنبي في بغداد".
وقال صفاء الضاحي رئيس لجنة الإشراف على الشارع إن الفراهيدي عانى طويلا من الإهمال. وأضاف أن "الحكومات السابقة والنقابات والاتحادات لم يكن لها دور حقيقة في تطوير وتأهيل الشارع. وبسبب الوقفات والمناشدات التي قامت بها اللجنة المنظمة ورواد الشارع الثقافي، دخل الشارع مرحلة من التأهيل من قبل بلدية البصرة بتوجيه من المحافظ".
وتابع أن "المرحلة الثانية كانت عبارة عن تطوير للشارع الثقافي، وهذا كان من خلال استقطاب برنامج تعاف يعمل ضمن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، وأوضح أنهم عملوا على تزويد الشارع بـ14 كشكا إضافة إلى ملتقى ثقافي، مع تأثيث الشارع ببعض التفاصيل المتعلقة بالإنارة بالطاقة الشمسية والمصاطب والكراسي والمنصة الشعرية وغير ذلك من التفاصيل.
وختم أن "تطوير هذا الشارع سينقله من حال إلى حال، فقد أصبح رواد الشارع الثقافي في زيادة مستمرة. سابقا كانت قلة محدودة تقصد الشارع الثقافي، واليوم يأتي الناشطون ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميون لارتياد هذا الشارع في يوم الجمعة".
أما بائعو الكتب الذين اضطروا في السابق إلى السير مسافات طويلة للوصول إلى مخازن الكتب الخاصة بهم وتحمّل ظروف الطقس الصعبة في كثير من الأحيان في أثناء وجودهم في الموقع، أصبحت الآن لديهم أكشاك خشبية يعملون منها.
وقال صاحب إحدى المكتبات في الشارع توفيق الجزائي "بقينا وصمدنا تحت الظروف الجوية والسياسية وعدم الدعم من الجهات المسؤولة لهذا الشارع، وكان الشارع شبه ترابي، ومع ذلك حاولنا أن ندعم هذا الشارع بالمستطاع وأكثرها جهود ذاتية، والكتب نحاول بيعها بأسعار وأرباح قليلة، أو من دون ربح من أجل كسب الناس والزبائن". وأشار الضاحي إلى أن تطوير الشارع يعزز أيضا قطاع الثقافة في البصرة نفسها.
شارع الفراهيدي واجهة البصرة الثقافية
ويعد شارع الفراهيدي معلماً حيوياً للفكر والثقافة والكتاب في محافظة البصرة، وهو ملتقى المثقفين والأدباء والفنانين، يعج هذا الشارع الثقافي بالكتب والأنشطة الثقافية المختلفة، ويحتضن العديد من الفعاليات.
تأسس في أيار من العام 2015 وله أهمية قصوى في ترسيخ وبث روح الثقافة والتبادل الفكري والفني بين جميع الفئات، إذ يعد ملتقى لجميع الشرائح البصرية، ويشهد تجمعات للعوائل البصرية من الساعة الرابعة عصراً وحتى الساعة الحادية عشرة من مساء يوم الجمعة من كل أسبوع، حيث يتم فيه بيع المقتنيات وعرض بضائع متنوعة كألعاب الأطفال والقرطاسية وأدوات الرسم وسواها، فضلاً عن عرض بضائع أثرية ثمينة كالساعات الأثرية والتحف والمزهريات.
تحدث الشاعر والإعلامي هيثم عباس قائلاً: “يعتبر شارع الفراهيدي أبرز متنفس ثقافي في محافظة البصرة، إذ يتم فيه بيع الكتب والتحفيات، وتقام فيه معارض الفن التشكيلي والرسوم، كما أصبح أيضاً متنفساً للعوائل البصرية”. وأشار إلى أن “العائلات البصرية تأتي بصورة مستمرة لهذا الشارع لاسيما بعد تحول افتتاحه من النهار الى الليل من مساء كل يوم جمعة أسبوعياً”، مبيناً أن “شارع الفراهيدي يعد متنفساً للمثقفين حيث يجتمع فيه الأدباء والشعراء والفنانين والصحفيين، ويتم فيه الاحتفاء بالأدباء الذين تصدر لهم مجموعات شعرية أو قصصية أو كتب أدبية وفكرية، إذ إن الكتاب والمثقفين يتواجدون بهذا الشارع”.
ولفت إلى أن “الشارع يشهد قدوم مختلف الشخصيات والشرائح الاجتماعية والمواطنين، لاسيما بعد انحسار جائحة كورونا التي توقفت معها جميع الأنشطة الفكرية في جميع الاتحادات والمنظمات الثقافية”.
من جانبه قال المؤلف والناشر أرشد البصري: إن”شارع الفراهيدي تم افتتاحه في العام 2015، ويعد المتنفس الحقيقي للشباب البصري”، مؤكداً: “كنا نأتي صباح كل يوم جمعة من كل أسبوع في فصل الشتاء الى هذا الشارع، أما في فصل الصيف، فيكون حضورنا في المساء”.