تقرير يوم دراسي
الوصف والتأويل في النقد الروائي المغربي
خلال لقاء مفتوح مع أحدث إصدارات النقد الأدبي بالمغرب، وبمدينة الدار البيضاء انطلقت الجلسة التي نسق أشغالها بوشعيب الساوري حيث أشار إلى أهمية الكتابين وإضافتهما النوعية بالنسبة للنقد الروائي، كما نوه بالجهد المبذول على مستوى البحث في مجال الرواية والسرد عموما. من قبل عبد اللطيف محفوظ في كتابه وظيفة الوصف في الرواية الصادر في طبعة جديدة عن منشورات سرود، وشعيب حليفي في مؤلفه "مرايا التأويل: بحث في كيفيات تجاور الضوء والعتمة" الصادر عن دار الثقافة بالدارالبيضاء. أول ورقة تقدمت بها الباحثة الزوهرة صدقي، "قراءة في كتاب وظيفة الوصف في الرواية" انطلقت من التراكم الكبير للدراسات والكتابات التنظيرية الذي حفل به السرد بالعديد من. وذلك راجع إلى كونه يعتبر الوسيلة الأساسية المشكلة للمادة الحكائية. كما أبرزت الأهمية التي يحظى بها الوصف في الأعمال التخييلية إلى جانب السرد. وبينت الباحثة أن عبد اللطيف محفوظ أشار في مدخل كتابه بأنه سيحاول جهد الإمكان توضيح طبيعة الوصف باعتباره محاكاة لما هو مرئي. يترجم ماهو جامد إلى لغة. غير أن الناقد لم يتعامل مع أهمية الوصف كمسلمة باعتباره عمودا فقريا للرواية، بل حاول تبيان مختلف الوظائف التي يؤديها الوصف من خلال العلاقة التي يقيمها مع السرد الروائي. ودرءا للالتباس المفترض حصوله بين الوصف والأنماط الكتابية التي تقاربه كالاستعارة والصورة قدم الناقد محفوظ فوارق آنية بين هذه الأشكال. الوصف: اعتبره خطابا يسم كل ما هو موجود فيعطيه تميزه الخاص وتفرده داخل نسق الموجودات المشابهة له أو المختلفة عنه. الاستعارة: اعتبرها استبدالا لكلمة بأخرى من أجل التعبير عن نفس الشيء تقريبا. الصورة: وهي مخالفة للوصف الذي يحاكي المرئي، تستعير لوصف شيء ما صفات شيء آخر، أو تعطي لما ليس إنسانا صفات إنسانية. ثم بينت الباحثة أن عبد اللطيف محفوظ انتقل إلى قضية أكثر عمقاً تطرحها عملية التشكل، هي مورفولوجية الوصف، وبفضلها يضطلع الوصف بوظيفة خطيرة في خلق الدلالة الكلية للنص الإبداعي، ولها ثلاثة جوانب إشكالية هي مشكل الانتقاء، ومشكل الأوصاف، ومشكل التوارد التدريجي. وقام بتحليل تطبيقي على نصوص متعددة ليربط دلالة الوصف بالنص ككل. ودرس بعد ذلك بالتفصيل علاقة الوصف بالسرد الروائي مميزا بين الوظيفة السردية والوظيفة الوصفية، مشيراً إلى وجود سرد وصفي حين تندغم الوظيفتان، وإلى وصف موجه من قبل السرد، وهو أكثر تعقيداً، ويخلق احتراباً متفاوت الدرجة بين السرد والوصف. وأشارت الباحثة إلى أن القسم الثاني من الكتاب خصص لدراسة تطبيقية بلورها حول الوصف في رواية (مدام بوفاري) باعتبارها رواية احتفلت بالوصف بشكل لافت، وقد وقف عبد اللطيف محفوظ كثيرا إثر دراسته للبنيات المشكلة للوصف في هذه الرواية عند جوانب قلما وقف عندها النقاد كاللون والضوء والمادة، ووفاها حقها بالدراسة والتدقيق في الكيفية التي تعامل بها فلوبير مع هذه العناصر الفنية. الورقة الثانية كانت للباحث إبراهيم أزوغ تحت عنوان "قراءة تحليلية لكتاب مرايا التأويل" استهلها بتقديم نظرة عن التراكم المهم الذي يميز المشهد النقدي المغربي الذي يتطلب متابعة متفحصة له. انطلاقا من هذا المنظور يتناول الكتاب الجديد لحليفي مرايا التأويل، متتبعا تبويبه انطلاقا من المدخل الذي يقدم فيه شعيب حليفي تعريفا للرواية: "نص لغوي تخيلي مركب من مرجعيات وتيارات". وأيضا "بحث عن فهم كلي وسعي إلى التعبير عن شتات الواقع وتشظيه". وانطلاقا من هذا بين إبراهيم أزوغ أن تقسيم الكتاب خضع لهذا التعريف. ففي الفصل الأول المعنون بـ "صور التاريخ في النسيان" يناقش في مبحثه الأول علاقة النص بالتاريخ متسائلا كيف تتفاعل الرواية مع التاريخ وما هي الميكانزمات المتحكمة في هذه العلاقة؟ وفي مبحثه الثاني تناول بلاغة الصورة في السرد الروائي انطلاقا من تناوله لرواية سبع صبايا لصلاح الدين بوجاه. في الفصل الثاني بين الباحث أن شعيب حليفي تناول فيه سيرورة التخييل في الأدب المغربي الحديث مؤكدا انه يرتكز على تراث مزدوج التقييدات الأدبية في مجال الشعر والنثر من جهة وما اسماه أحواض من المتخيل المرفود بإرواءات لا محدودة من الانفتاح والتأويل وهو التاريخ المدون والشفوي والمعاش كمحطات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية كموروث ثان. ثم الشفوي والمعاش والتحولات المتسارعة التي يشهدها الواقع المغربي. ممثلا لذلك بمجموعة من النصوص أهمها رواية شجر الخلاطة للميلودي شغموم. وبين الباحث أن المؤلف ينتهي من الفصل الثاني إلى سؤال مركزي وهو: هل التحولات التي تشهدها الرواية المغاربية تعبر عن منعطف لمرحلة قادمة لم تتحدد معالمها الفنية بعد؟ أم شكل مستمر ما زالت تبحث عن لغة روائية تقول في الآن نفسه الذات والواقع والتاريخ؟ أما في الفصل الثالث المعنون بسماد الحكاية فقد أكد الباحث أن شعيب حليفي تتبع مسيرة السرد العربي في نموه وتطوره مشيرا إلى مرجعيات الرواية التراثية وأيضا انفتاحها على الثقافة الغربية ممثلا لذلك بعدة نصوص حققت هذه المزاوجة بين التراث والغرب، كرواية الدوعاجي جولة بين حانات البحر الأبيض المتوسط ورحلة ابن فطومة لنجيب محفوظ. انعقد هذا اللقاء بالفضاء المفتوح لساحة السراغنة ضمن فعاليات الأنشطة المواكبة للمعرض الثاني للكتاب القديم الذي تنظمه الجمعية البيضاوية للكتبيين، والذي عرف حضور الناقدين وكلمة للسيد يوسف بورة رئيس الجمعية وقد أشار فيها إلى أهمية مثل هذا اللقاء، في التعريف بالأعمال النقدية الجديدة وخلق فرصة للتواصل مع القراء بحضور المؤلفين.
خلال لقاء مفتوح مع أحدث إصدارات النقد الأدبي بالمغرب، وبمدينة الدار البيضاء انطلقت الجلسة التي نسق أشغالها بوشعيب الساوري حيث أشار إلى أهمية الكتابين وإضافتهما النوعية بالنسبة للنقد الروائي، كما نوه بالجهد المبذول على مستوى البحث في مجال الرواية والسرد عموما. من قبل عبد اللطيف محفوظ في كتابه وظيفة الوصف في الرواية الصادر في طبعة جديدة عن منشورات سرود، وشعيب حليفي في مؤلفه "مرايا التأويل: بحث في كيفيات تجاور الضوء والعتمة" الصادر عن دار الثقافة بالدارالبيضاء.
أول ورقة تقدمت بها الباحثة الزوهرة صدقي، "قراءة في كتاب وظيفة الوصف في الرواية" انطلقت من التراكم الكبير للدراسات والكتابات التنظيرية الذي حفل به السرد بالعديد من. وذلك راجع إلى كونه يعتبر الوسيلة الأساسية المشكلة للمادة الحكائية. كما أبرزت الأهمية التي يحظى بها الوصف في الأعمال التخييلية إلى جانب السرد.
وبينت الباحثة أن عبد اللطيف محفوظ أشار في مدخل كتابه بأنه سيحاول جهد الإمكان توضيح طبيعة الوصف باعتباره محاكاة لما هو مرئي. يترجم ماهو جامد إلى لغة. غير أن الناقد لم يتعامل مع أهمية الوصف كمسلمة باعتباره عمودا فقريا للرواية، بل حاول تبيان مختلف الوظائف التي يؤديها الوصف من خلال العلاقة التي يقيمها مع السرد الروائي.
ودرءا للالتباس المفترض حصوله بين الوصف والأنماط الكتابية التي تقاربه كالاستعارة والصورة قدم الناقد محفوظ فوارق آنية بين هذه الأشكال.
الوصف: اعتبره خطابا يسم كل ما هو موجود فيعطيه تميزه الخاص وتفرده داخل نسق الموجودات المشابهة له أو المختلفة عنه.
الاستعارة: اعتبرها استبدالا لكلمة بأخرى من أجل التعبير عن نفس الشيء تقريبا.
الصورة: وهي مخالفة للوصف الذي يحاكي المرئي، تستعير لوصف شيء ما صفات شيء آخر، أو تعطي لما ليس إنسانا صفات إنسانية.
ثم بينت الباحثة أن عبد اللطيف محفوظ انتقل إلى قضية أكثر عمقاً تطرحها عملية التشكل، هي مورفولوجية الوصف، وبفضلها يضطلع الوصف بوظيفة خطيرة في خلق الدلالة الكلية للنص الإبداعي، ولها ثلاثة جوانب إشكالية هي مشكل الانتقاء، ومشكل الأوصاف، ومشكل التوارد التدريجي. وقام بتحليل تطبيقي على نصوص متعددة ليربط دلالة الوصف بالنص ككل.
ودرس بعد ذلك بالتفصيل علاقة الوصف بالسرد الروائي مميزا بين الوظيفة السردية والوظيفة الوصفية، مشيراً إلى وجود سرد وصفي حين تندغم الوظيفتان، وإلى وصف موجه من قبل السرد، وهو أكثر تعقيداً، ويخلق احتراباً متفاوت الدرجة بين السرد والوصف.
وأشارت الباحثة إلى أن القسم الثاني من الكتاب خصص لدراسة تطبيقية بلورها حول الوصف في رواية (مدام بوفاري) باعتبارها رواية احتفلت بالوصف بشكل لافت، وقد وقف عبد اللطيف محفوظ كثيرا إثر دراسته للبنيات المشكلة للوصف في هذه الرواية عند جوانب قلما وقف عندها النقاد كاللون والضوء والمادة، ووفاها حقها بالدراسة والتدقيق في الكيفية التي تعامل بها فلوبير مع هذه العناصر الفنية.
الورقة الثانية كانت للباحث إبراهيم أزوغ تحت عنوان "قراءة تحليلية لكتاب مرايا التأويل" استهلها بتقديم نظرة عن التراكم المهم الذي يميز المشهد النقدي المغربي الذي يتطلب متابعة متفحصة له.
انطلاقا من هذا المنظور يتناول الكتاب الجديد لحليفي مرايا التأويل، متتبعا تبويبه انطلاقا من المدخل الذي يقدم فيه شعيب حليفي تعريفا للرواية: "نص لغوي تخيلي مركب من مرجعيات وتيارات". وأيضا "بحث عن فهم كلي وسعي إلى التعبير عن شتات الواقع وتشظيه". وانطلاقا من هذا بين إبراهيم أزوغ أن تقسيم الكتاب خضع لهذا التعريف.
ففي الفصل الأول المعنون بـ "صور التاريخ في النسيان" يناقش في مبحثه الأول علاقة النص بالتاريخ متسائلا كيف تتفاعل الرواية مع التاريخ وما هي الميكانزمات المتحكمة في هذه العلاقة؟ وفي مبحثه الثاني تناول بلاغة الصورة في السرد الروائي انطلاقا من تناوله لرواية سبع صبايا لصلاح الدين بوجاه.
في الفصل الثاني بين الباحث أن شعيب حليفي تناول فيه سيرورة التخييل في الأدب المغربي الحديث مؤكدا انه يرتكز على تراث مزدوج التقييدات الأدبية في مجال الشعر والنثر من جهة وما اسماه أحواض من المتخيل المرفود بإرواءات لا محدودة من الانفتاح والتأويل وهو التاريخ المدون والشفوي والمعاش كمحطات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية كموروث ثان. ثم الشفوي والمعاش والتحولات المتسارعة التي يشهدها الواقع المغربي. ممثلا لذلك بمجموعة من النصوص أهمها رواية شجر الخلاطة للميلودي شغموم.
وبين الباحث أن المؤلف ينتهي من الفصل الثاني إلى سؤال مركزي وهو: هل التحولات التي تشهدها الرواية المغاربية تعبر عن منعطف لمرحلة قادمة لم تتحدد معالمها الفنية بعد؟ أم شكل مستمر ما زالت تبحث عن لغة روائية تقول في الآن نفسه الذات والواقع والتاريخ؟
أما في الفصل الثالث المعنون بسماد الحكاية فقد أكد الباحث أن شعيب حليفي تتبع مسيرة السرد العربي في نموه وتطوره مشيرا إلى مرجعيات الرواية التراثية وأيضا انفتاحها على الثقافة الغربية ممثلا لذلك بعدة نصوص حققت هذه المزاوجة بين التراث والغرب، كرواية الدوعاجي جولة بين حانات البحر الأبيض المتوسط ورحلة ابن فطومة لنجيب محفوظ.
انعقد هذا اللقاء بالفضاء المفتوح لساحة السراغنة ضمن فعاليات الأنشطة المواكبة للمعرض الثاني للكتاب القديم الذي تنظمه الجمعية البيضاوية للكتبيين، والذي عرف حضور الناقدين وكلمة للسيد يوسف بورة رئيس الجمعية وقد أشار فيها إلى أهمية مثل هذا اللقاء، في التعريف بالأعمال النقدية الجديدة وخلق فرصة للتواصل مع القراء بحضور المؤلفين.