الدورة السابعة عشرة للجنة الحكومية الدولية التابعة لليونسكو

دول العالم تجتمع في الرباط لمناقشة التراث الثقافي غير المادي للبشرية

الدورة السابعة عشرة للجنة الحكومية الدولية التابعة لليونسكو لصون التراث الثقافي غير المادي تدرس العديد من الملفات.

 

تتجه أنظار المجتمع الدولي المهتم بالتراث الحي إلى العاصمة المغربية الرباط التي تستضيف الدورة السابعة عشرة للجنة الحكومية الدولية التابعة لليونسكو لصون التراث الثقافي غير المادي، في الفترة الممتدة من الثامن والعشرين من نوفمبر الجاري إلى الثالث من ديسمبر. وبعد دورتين متتاليتين (2020 و2021) عن بعد بسبب تداعيات جائحة كورونا، اختار القائمون على الدورة الجديدة مدينة الرباط، المعروفة بثراء تراثها الثقافي والحضاري الذي يعود إلى قرون عدة لاحتضان فعاليات أهم حدث دولي مخصص للتراث غير المادي للإنسانية بشكل حضوري.

ويترأس المغرب هذا الاجتماع السنوي، الذي يحضره ممثلو الدول الأطراف والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الثقافية وفعاليات من جميع أنحاء العالم، في شخص السفير الممثل الدائم للمغرب لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، سمير الدهر. وتدرس اللجنة طلبات التسجيل على قوائم اليونسكو، وكذلك مقترحات البرامج أو المشاريع. وتسهر اللجنة أيضا على تقديم المساعدة الدولية في مجال صون التراث الثقافي غير المادي.

وخلال هذه الدورة السابعة عشرة ستكون اللجنة الحكومية، المؤلفة من أربعة وعشرين ممثلا منتخبا من بين 180 دولة طرفا في اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، على موعد مع أسبوع حافل بالأنشطة، حيث ستدرس 56 طلب إدراج، ويتعلق الأمر بـ46 طلبا للإدراج على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، وأربعة طلبات للإدراج على قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل، وخمسة مقترحات للإدراج في سجل الممارسات الجيدة للحفاظ على التراث. وستدرس أيضا طلب المساعدة المالية الدولية المقدم من ملاوي، وسلسلة من التقارير عن حالة العناصر المدرجة سابقا.

وحسب اليونسكو فإن اختيار المغرب لاستضافة هذه التظاهرة الكبيرة ليس وليد الصدفة، فالمملكة “لعبت دورا فاعلا في اعتماد اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي لعام 2003، حتى قبل المصادقة عليها، حيث شاركت بفعالية في صياغة الاتفاقية قبل اعتمادها”.

وبالإضافة إلى ذلك أشارت المنظمة الأممية إلى أن المغرب يضم اثني عشر عنصرا مدرجا على قوائم اتفاقية 2003، مبرزة أنه من بين هذه العناصر يوجد المغرب ضمن ثلاثة ملفات متعددة الجنسيات التي تضم عددا مهما من البلدان في المنطقة: “نخيل التمر: المعارف، المهارات، التقاليد والممارسات”، “الخط العربي: المعارف والمهارات والممارسات”، و”المعارف والخبرة والممارسات المتعلقة بإنتاج واستهلاك الكسكسي”. وبالإضافة إلى المغرب، تتكون اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو من ألمانيا وأنغولا والمملكة العربية السعودية وبنغلاديش وبوتسوانا والبرازيل وبوركينا فاسو وساحل العاج وإثيوبيا والهند وماليزيا وموريتانيا وأوزبكستان، وبنما والباراغواي والبيرو وجمهورية كوريا ورواندا وسلوفاكيا والسويد وسويسرا والتشيك وفيتنام.

وتتكلف اللجنة بشكل خاص بتعزيز أهداف اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، وإعطاء التوجيهات بخصوص الممارسات الناجعة، وصياغة توصيات بشأن تدابير صون التراث الثقافي غير المادي. كما تدرس طلبات الإدراج على قوائم اليونسكو، وكذلك مقترحات البرامج أو المشاريع. وقد انطلقت أشغال الدورة صباح الاثنين بكلمة المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) أودري أزولاي التي أشادت بالتزام المغرب بحماية التراث الثقافي.

وأشارت أزولاي في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الـ17 للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونيسكو إلى أهمية المنجز الذي تحقق في إطار اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي لسنة 2003، والتي نجحت في أقل من عقدين من الزمن في “إعطاء بعد آخر لمفهوم التراث”.

وأعربت في هذا الصدد عن فخرها لكون هذا المفهوم الحي للتراث أضحى كونيا بعد مصادقة 180 دولة عبر العالم على هذه الاتفاقية التي تهدف إلى حماية واحترام التراث اللامادي للبلدان والجماعات والأفراد، مضيفة أن هذا الأمر دفع العديد من البلدان إلى تبني قوانين وسياسات عمومية في هذا المجال، وهو الأمر الذي كان “من الصعب تخيله في السابق”. وقالت في هذا الصدد “عندما نتحدث اليوم عن التراث، فإننا لم نعد نفكر فقط في المآثر والمواقع الطبيعية، لكن أيضا في هذا التراث الأساسي الآخر، وهو تراث التقاليد والاحتفالات والطقوس التي تنتقل من جيل إلى آخر، والتي تتمظهر في الممارسات الاجتماعية”. وتابعت المديرة العامة لليونيسكو “وراء كل واحدة من هذه الممارسات، يوجد عالم كامل وثقافة كاملة. إنها قرون من المعرفة والتبادلات والذاكرة الحية والممارسة”.

 

وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة برسالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في هذه التظاهرة، والتي تلاها الأمين العام للحكومة محمد حجوي. ودعت الرسالة إلى تعزيز التعاون الدولي متعدد الأطراف في مجال حماية التراث الثقافي غير المادي، وتبادل التجارب والأفكار في سبيل صونه.

وتعتبر اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي معاهدة لليونسكو اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة في السابع عشر من أكتوبر 2003 ودخلت حيز التنفيذ في عام 2006. وتتمثل أهداف الاتفاقية في ضمان صون التراث الثقافي غير المادي، واحترام التراث الثقافي غير المادي للمجتمعات والمجموعات والأفراد المعنيين، وزيادة الوعي على المستويات المحلية والوطنية والدولية بأهمية التراث الثقافي غير المادي، والتقدير المتبادل والتعاون الدولي والمساعدة في هذا الصدد.