تتضافر الوحدة مع الفراغ العاطفى، فيشعر الإنسان أنه مسجون بين الفراغ، فلا يجد المرء سوى الكلمات والحروف، يشكل منها لحظة شاعرية، تفيض بالأحاسيس، والألم. فتعبر عنه ناهد بدوى، بتلك الشفافية.

إحتلال

ناهـد بدوى

على ناصية السطر أقف، استجدي الحرف ينظر إلي من السماء متعاليا، أنادي الكلمة تتمطأ بدلال ولا ترد، أناجيهم أتوسل الجملة وأتسول الحكاية يدعون الصمم. أصرخ فيختبئون خلف الضباب تصبح السماء أرجوانية أُمسك بريشة و ألوان تقفز كلها من "البالتة" ولا يبقى إلا الأبيض، كم أكرهه، يشعرني بعجزي. 
تنقطع الغيوم أنادي الحاء فتسألني ماذا سأفعل بها أجيبها وأنا أتربع في استعداد على حافة السطر سأفرغ حزني على من فارق لوت وجهها وتركتني بلا إجابة. ناديت الباء فكررت السؤال ولكنها أضافت هل ستجمعني بحائي؟ رفضتُ المجاملة: سأبكي بك على حالي وأصف عجزي، احتضنت الحاء وتركتني.
لمحتني التاء عرضت مساعدتي، رفضتُ؛ اليد الواحدة لا تُصفق. قالت: لكنها تربُت وتواسي وتنصح.
سمعت النصيحة قبلتها على مضض.. 
هبطوا من السماء يسكنونني واحدا تلو الآخر، ارتجفُ بينما يضحكون بمكر.
في اللقاء انهكتني التوقيعات و"فلاشات" الكاميرا 
ضجرت من الضجيج وقلة النوم.
استجدي النوم فيترفع، استجير بالعقاقير، تهاجمني الحروف تنهش رأسي تصرخ طالبة الحرية أصحو متاففا تنسكب على الورقة البيضاء تتراقص في مجون، تصف كل مُحرم، تسبني وتسب كل مقدس، تتجمع حول كرسي السلطان ترجه تزلزله تحاول قلبه وقبل أن تنجح يخطفني منها سلطان النوم.
اسمع صراخا فأصحو فزعا، يقتادوني بعنف.
في الزنزانة استجدي الصفح، تخونني الكلمات وتسكن لساني وتسب الجميع رغما عني. 
أحاول التفسير لكنها تضحك مني و تخونني في كل مرة في كل مرة بلا استثناء