قاسم العابدي من جيل القصيدة الحديثة في العراق، ولعلّ الأنا في هذه القصيدة، هو المحور الرئيس فيها، لكن الأنا هنا ليس مجرد أوهام، أو بطولات خارقة، بل هي لحظة مواجهة الشحوب بالتأمل، والشعر، والتمسك بالطبيعة، بمشاركة الآخرين، إذ يبقى الشاعر ممسكا بالأمل على رغم الخسارات!

شحوب

قاسـم العابـدي

 

فوضايَ خلفَ مَقاصِدي تَتَصعلَكُ

انا لحظةُ الوَحيِ التي

لا تُدرَكُ

أمّارةٌ نَفسي إلى رَغَباتِها

تنأى وتَرجعُ بين سطرٍ

يُنهَكُ

أتأمّلُ الدّنيا بوجهٍ شاحبٍ

وأصدُّ عَنها بالحديثِ

وأُترَكُ

وأصبُّ قافيةً كَنَشوةِ عابدٍ

تَركَ السّطورَ معَ الغِنا

تَتَحركُ

عِندي مَلذّاتٌ تسخّرُ جَذوةً

فيها الدّموعُ من الجِوارحِ

 تُسفَكَ

مِن خَلفِ أزمنةِ الخَيالِ وَجَدتُني

قَمحاً بهِ كَفُّ السَّما

تتبرّكُ

 

 

أطلَقتُ سِكّينَ القَصائدِ في العَرا

وَحَززتُ عُنقَ مَشاعرٍ

تَتَلبّكُ

عِندي جِناياتٌ لِذاتٍ أرهِقَتْ

في العُمرِ حَتّى صِرتُ فيها

أُعرَكُ

أتوسّدُ النّكباتِ ثُمّ أزيحُها

عَنّي فألقى لَونَها بيَ

يُحبَكُ

ما زلتُ والنبضَ الحنونَ بخافقِي

نُلقي الحروفَ على مَدى

لا يُضنكُ

فتَعودُ نحوَ القلبِ رغبةُ عائدٍ

وكأنّها بمغارةٍ

تَتَنسّكُ

أحتاجُ وَقتاً يَرتدي زَغبَ الهَوى

فلَعلّني دَربَ الحَقيقةِ

أسلُكُ

صَدري ضجيجُ الراحلينَ، وجوهُهم

غرسٌ لهُ لغةُ الأسى

تَستَملِكُ

 

جاورتُ رابيةَ الحَنينِ فمارسَتْ

أشجانَها عِندي فصِرتُ

 أُملِّكُ

خَمْري بلا سُكرٍ وَخَطوي تائهٌ

والأغنياتُ معَ الخَواصرِ

تُشبَكُ

أوقدتُ في صَدرِ المَعاني جَمرَةً

فمَشى اللهيبُ عَلى الوَريدِ

 يُفكّكُ

فمَددتُ كَفَّ عِناديَ المَلآنَ في الآفاقِ أنكثُهُ وفيهِ

 أشكِّكُ

فأنا الذي رغمَ الأسى رَكبَ المُنى

وَبها بِرغمِ خَسائرِي

 أستمسِكُ.

 

غماس 2023

 

شاعر عراقي صدرت له:

هديل النوافذ، النجف ٢٠١٢.  ايقاع القمر الفضي، دار سطور بغداد ، ٢٠١٥. مدن يغازلها التراب، النجف ٢٠١٧.  قمح بألسنة المياه، النجف، ٢٠١٩. ناي بين أسلاك الغياب، منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب ،٢٠٢٢. رغيف، منشورات الاتحاد العام للأدباء، بغداد، 2023.