يقدم الباحث المغربي تحليلا لرواية الكاتب العراقي سنان أنطون التي تكتب الذاكرة المضادة/ أو الذاكرة المقهورة التي تعري أكاذيب زمنين عراقيين: زمن الدكتاتور، وزمن الاحتلال الأمريكي، وما أنتجه من عنف وطائفية دموية. بصورة تكشف أن الرغبة في استعادة المكان صنو الوجود نفسه، لأنها تنطوي على الرغبة في صياغة الحياة.

الذاكرة المضادة في «وحدها شجرة الرمان»

أحمد بوغربي

 

حول مفهوم الذاكرة المضادة:
لقد تم تطبيق مصطلح "الذاكرة المضادة" من قبل ميشيل فوكو في العديد من كتاباته في سياق اجتماعي سياسي، معتبرا إياها شكلا من أشكال المقاومة  ضد الخطاب الرسمي، ذو الطبيعة القمعية التي يريد بموجبها إخضاع الجميع، وستنطلق هذه الدراسة في بحثها للذاكرة المضادة من مفهوم ميشال فوكو الذي يقصد به الذاكرة التي تتعامل مع الأحداث بصيغة خصائصها الفريدة، ومظاهرها المسننة الحادة، إنها الذاكرة المشغولة بالمسكوت عنه، والمحجوب خلف موقف الإنكار والتستر بعيدا عن السرديات الرسمية التي تركز على التعميمات وتنتقي ما يناسبها.  وهي تتجه "من أعلى إلى أسفل".  وبما أن "حيثما توجد قوة، توجد مقاومة" كما يقول فوكو، تبرز «الذاكرة المضادة» لتعكس المنظور ويصبح  الاتجاه "من أسفل إلى أعلى"،  وهي ذاكرة تمارسها عادة الفئة المهمشة، تكشف من خلالها عن تجربتها في الضياع والإقصاء والتهميش.

فبدلا من التاريخ الخطي المشغول بحياكة خطاب خطي متصل، تنشغل الذاكرة المضادة بما يبدو وكأنه بلا تاريخ،  كالحياة اليومية، والغرائز، والعواطف، وغيرها من مشاغل الفرد المباشرة، إنها سرد شهود العيان الذين عايشوا الحدث وعرفوا تفاصيله الدقيقة وآثاره المباشرة.  لذلك، يعتبر التذكر بالنسبة لفوكو عملا سياسيا يهدف إلى التأثير على علاقات القوة الحالية، وتحقيق رهان الدمقرطة والتعددية. من المهم أيضا في هذا السياق،  التأكيد على أن فهم فوكو لـ«الذاكرة المضادة» يرتبط ارتباطًا وثيقًا بفهمه للثقافة المضادة، التي تقف في مواجهة الثقافة السائدة، وإذا كانت هذه الأخيرة يمكن أن تحافظ على نفسها، فإن الأولى رهينة بوجود من يتبناها ويدافع عنها من أجل دمجها في الخطاب السائد.

هذه الثقافة المضادة يسميها فوكو أيضا ب "المعرفة المقهورة"  التي  تقف في مواجهة الثقافة القاهرة بتعبير فوكو، وهي تلك الكتل من المعرفة التاريخية التي كانت حاضرة ومخفية داخل الكيانات الوظيفية والمنهجية، وهي دوما تقف في مواجهة «المعرفة المقهورة»، معتبرة إياها معرفة غير مفاهيمية، وغير متقنة، ساذجة، متدنية هرمياً، معرفة أقل من مستوى المعرفة العلمية المطلوبة، وهي على الإطلاق معرفة غير مؤهلة، فقدت مصداقيتها من قبل التسلسل الهرمي للمعرفة، وفي أحسن الأحوال، معرفة "محتفظ بها على الحافة"، وهي تدين بقوتها فقط إلى إنها تعارض كل من حولها.

ومن جهتها تأخد "الثقافة الخاضعة/ المقهورة" على عاتقها تشويه/ تفنيد "اليقين العقائدي" للخطاب الرسمي، بالكشف عن تجربة  الضياع والإقصاء والتهميش. بعبارة أخرى، الذاكرة المضادة هي عمل فردي للمقاومة، والتشكيك بلا هوادة في صحة "التاريخ كمعرفة حقيقية". فـ«لا يوجد تأسيس للحقيقة بدون موقع  أساسي للآخر».(2) بعد أن وصلنا إلى هذه النقطة، دعونا نستكشف الطريقة التي تجعل فكرة "المعرفة المقهورة"، بالمعنى الذي قدمه لها فوكو وهو يقصد بها اللحظة التي تحرر فيها الثقافة نفسها مما شكلها حتى ذلك الحين، وتبدأ في التفكير بشكل مختلف، وهي "تتطور على الهوامش ، في المناطق الرمادية للنفس الفردية ، وتنتقد وراء الكواليس، وتزعزع استقرار الأشكال المصرح بها للتاريخ الرسمي الذي كتبته المؤسّسة السياسية، والذي يخدم الأيديولوجيا الحاكمة. فنحن هنا أمام عملية تفكيك للنسق الأيديولوجي للتاريخ الرسم..بحسٍ نقدي يخلخل المسلّمات التاريخية"(3).

يشار إلى هذه الذاكرة (الذاكرة المضادة) أيضًا باسم "الذاكرة الحية" بسبب أنها تظل راسخة كامنة بالرغم من التغييرات والتحولات التي تمر بها مع مرور الوقت، فالتاريخ الرسمي لا يمكنه احتواء عودة الماضي المكبوت، ولا مقاومة القوة الجارفة للذكريات والتخيلات فليس هناك سوى حقيقة واحدة لا تموت.

تقديم الرواية:
تروى الرواية على لسان السارد جودي، وهو شاب عراقي شاهد على أحداث بلاده إبان فترات الحرب والحصار والاحتلال، وباعتماد السارد على نفس سيرذاتي، وقالب اليوميات،  يكشف ما عاشه وعاشته معه باقي الشخصيات من فظائع خلال هذه الأزمنة السياسية التي أصبحت البلاد خلالها «سجونا متلاصقة تحرسها الميليشيات، سجان يحضن سجانا وبأسوار متلاصقة كونكريتية عالية» ص: 80 كان والده يعده لأن يحل محله في المغيسل لمزاولة حرفته في تغسيل الموتى، يقول جودي: «كلن يرى عمله ليس مجرد مهنة بل تقرب إلى الله، وأني سأرثها عنه كما ورثها هو عن أبيه وكما ورثها أبوه عن جده» ص: 111  وكان يقابل رغبة والده برفض شديد، متشبتا بحلم التخصص في الفن وامتهانه، فقد رأى فيه «تحدي الموت والزمن واحتفال بالحياة» ص: 46 بعد وفاة والده، وفي ظل زمن الاحتلال والتطاحن الطائفي وانعدام سبل العيش، لم يجد "جودي" بدا من أن يحل محل والده بالمغيسل ليزاول الحرفة التي كان يمقتها حد القول: "كيف لي أن أستحمل كل ما يلقيه الموت" ص: 41

وما دام الحديث عن الذات لا يتم إلا عبر تذكر الآخرين، فقد عرض السارد لحيوات أخرى، انفتح من خلالها على ذاكرة جماعية جعلت القارئ يقف مشدوها بين ما دونه التاريخ الرسمي، وبين ما تدونه ذاكرة الناس الذين عايشوا الأحداث وعاشوها، وظلت محفوظة في ذاكرتهم، التي يحق وصفها بالذاكرة المضادة، وهو ما سنحاول الكشف عنه فيما سيأتي.

وحدها شجرة الرمان(1) والذاكرة المضادة:
لقد غطت الرواية زمنا امتد من الثمانينيات من القرن الماضي إلى حدود الألفية العاشرة (زمن صدور الرواية)، وكان أول حدث تعرض له هو حرب الثماني سنوات التي خاضها بلده العراق مع الجار إيران، الحرب التي أضفى عليها النظام السائد آنداك صفة القداسة، واعتبرها دفاعا على الكينونة القومية، وكان يروج لها وهي دائرة أنها انتصارات متلاحقة. لكن السارد وهو يعرض لمحكيات بعض الشخصيات، كشف لنا من خلالها المصير الفادح الذي تعرضت له، المصير الذي تراوح  بين الموت، (أموري) أخ السارد أموري، والاختفاء، (أستاذ الفنون)، والتفجع ( أب السارد)، فقد «كان مصير الجندي في سنين الخدمة العسكرية كرمية نرد» ص: 83. واستمر تصاعد الكشف عن النقيض وصولا إلى ذروته عند مبادرة العراق توقيع الصلح مع إيران بعد ثماني سنوات من الحرب، وقد علق أب السارد عن هذه المبادرة بصرخة جمع فيها كل الخيبة المشوبة بالغضب والحسرة، فضح بها عبثية حرب تسببت في إزهاق أرواح العراقيين للاشيء "لعد خاطر شنو حاربنا ثمن سنين ولويش راح أموري؟" ص: 22

وردا عما كان يروجه الخطاب الرسمي كون انسحاب الجنود العراقيين من الكويت، كان إراديا سلميا، كشفت الرواية أن الأمر كان يختلف تمام الاختلاف، فقد تعرض الجنود لإبادة حقيقية لم ينج منها سوى العدد القليل، يقول السيد الفرطوسي وقد كان جنديا في الخدمة آنذاك وهو يستعيد ذكرى الانسحاب: "عندما بدأت الحرب كان قصفا شديدا ومتواصلا ولا أدري كيف نجونا منه، لم يبق من وحدتي غيري أنا وجندي آخر من العمارة، اسمه موسى، كنا سوية في الخندق. الكل ماتوا ودفنوا تحت الرمال، عمت الفوضى من البداية لأن كافة الاتصالات والإمدادات انقطعت من الأيام الأولى ... حتى قرار الانسحاب سمعناه من الراديو ... كان الكل يهرب نحو البصرة التي كانت قريبة جدا من وحدتنا على الطريق الرئيس الذي أصبح كل ما يتحرك عليه أثناء الانسحاب هدفا للطائرات التي كانت تحوم وتصطاد البشر كالحشرات. لن أنسى أبدا تلك الرائحة ولا منظر الكلاب السائبة التي كانت تنهش جثت الجنود قرب البصرة" ص: 163- 164

كما تعرضت الرواية للجحيم والمعاناة التي عاشته البلاد أثناء الحصار الذي فرض عليها طوال سنين التسعيينيات من نقص مهول في الغداء، وتفشي الأمراض الفتاكة (مرض مريم)، وكانت بهذا تقف على النقيض من الرواية الرسمية. وكشفت عن فداحة المأساة التي استنزلها الأمريكان على البلد إبان احتلالهم له، عكس ما كان يدعونه من انهم حلوا بالعراق لينشروا السلام والديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان، ولم يكتف بفضح القتل الذي أمعن فيه المحتل بقوله: "كان الأمريكان قد احتلوا النجف كما سمعت على الراديو. فكرت في مصاعب الطريق. فمجنون من يريد ان يكون في سيارة والطائرات تحوم في السماء وتلقي حممها على كل ما يتحرك" ص 96-97

وأثناء زمن الاحتلال، وبعده، بدلا من تحقيق حالة التنوير والاندماج في المجتمع كما كان خصوم العهد السابق يمنون الشعب إن تحقق الخلاص من حكم البعثيين، حصل العكس يقول (جودي): "المضحك المبكي أنهم يقلدون عدوهم الذي حاول أن يعيد كتابة التاريخ من منظار بعثي، وهدم ما هدم من تماثيل ووضع مكانها تماثيل جديدة. التاريخ صراع تماثيل نصب ياأبي،" ص/ 143 و يضيف: "أصبح القتل هو السائد إما بسبب السطو أو بسبب الاختلاف الطائفي. لكن هل يهم الميت كيف ولماذا يموت؟ سرقة، طمع، طائفية؟ نحن الذين لم يصلنا الدور نظل نقلب  أمور الموت بينما الميت يموت ولا يأبه" ص: 143 

وهكذا خاب أمل العراقيين في حفظ حياتهم من القتل، الحياة التي قال عنها السارد: "أصبحت عملة يمكن تداولها بسهولة، عملة كنا ظننا أن قيمتها قد وصلت الحضيض في عهد الديكتاتورية وأنها الآن ستستعيد شيئا من قيمتها، لكن العكس هو الذي حدث تتكوم الجثث وكأنها نقاط، أو أهداف، في لعبة لا تتوقف أبدا، يسجلها الموت للفرق المتكالبة. هذا ما فكرت به وأنا أسمع "مفخخة استهدفت .." وبعد كل جولة تنتشل الأشلاء من بين مزيج الدم والطين. ومحظوظ من يسلم جسده دون أن يفقد عينيه أو رأسه أو من يظل قطعة واحدة." ص:.151. ومرد كثرة القتل والتنكيل أن "الحكم الأمريكي قتل بما فيه الكفاية والآن يكتفي بالقتل بين حين وآخر، ويسمح للاعبين المحليين بأن ينوبوا عنه لأنهم أكثر شراسة أحيانا. لكن حتى الذين يلملمون الأشلاء ويرتبون وينظفون ما يخلفه الموت على وجه المدينة لا يسلمون منه." ص: 151

إن ما يمكن استخلاصه من هذا أن الرواية  تفند الادعاءات الرسمية التي كانت تزعم سيادة السلم والتعايش، أما الحقيقة كما تعرضها الرواية، فقد كان الصراع الطائفي إلى حد القتل بجريرة الاسم، حتى ولو كان صاحبه من نفس الطائفة، وهذا ما أسر به أحد الضحايا إلى السارد : "ياأخي مسرح العبث، فعلا. آني شيعي، بس ابني اسمه عمر. سميته عمر لأنه أعز صديق إلي اسمه عمر. أريد أواحههم كلهم يابه مو آني المفروض من جماعتكم؟ شتريدون أسميه؟ أسميه بس فكوياخة." ص: 230 

في ظل هذا الوضع، آثر السارد الرحيل إسوة بشخصيات أخرى، فهو لم يعد قادرا على مواصلة العيش وكوابيس الموت والموتى تؤرقه  في نومه ويقض مصاحبة الشعور بالضيق، لم يعد قادرا على العيش خلاف مع نفسه، فقد قال لأمه حين رجته أن يعدل عن قرار الرحيل: "لم أعد قادرا على الاستمرار ... وبأنني أختنق وأموت ببطء" ص: 243

على سبيل التركيب:
يبدو واضحا أن الرواية استطاعت من خلال استطرادات السارد، أن تقف على النقيض من سجلات التاريخ الرسمي، ومنحته أرشيفًا جديدًا وهوية بديلة، مستمدة من التاريخ الشعبي أو التاريخ كما عاشه الناس عاريا بلا سيف ولا صولجان، مما يؤكد فكرة أن التاريخ الرسمي، مهما حاول، لا يمكنه احتواء عودة الماضي المكبوت، ولا مقاومة القوة الجارفة للذكريات والتخيلات. وبهذا، تصبح الذاكرة نوعا من الجهاد في وجه محاولات الإلغاء والطمس. ولأن موضوعنا هو الذاكرة الفردية وخاصة ذاكرة السارد، فقد يذهب الظن بالبعض أن ما عرضه هذا السارد من تفنيد للأحداث، إنما يمليه الموقف الذاتي، والميل الوجداني لهذه الجهة أو تلك، وكأني بالسارد توقع هذا، فكان رد التهمة على نفسه بالقول صراحة: "آني بوحدي عيني، لا وياكم ولا وياهم" ص: 209.

وهو نفس الموقف المحايد الذي عبر عنه عندما استنكرت أمه عليه عدم اهتمامه بما لحق القبة الذهبية متهمة إياه بالتنكر للشيعة وهو منهم بالقول: "كنت على وشك أن أقول لها إنها على حق، نوعا ما، لأنني بدأت أكره الجميع بالتساوي، شيعة وسنة، وأن كل هذه المفردات تخنقني كأنها مسامير صدئت في رئتي: شيعي، سني، مسيحي، صبي، يزيدي، كتابي، رافضي، ناصبي، كافر، يهودي، لو أن بإمكاني أن أمحوها كلها أو أفخخ اللغة وأفجرها كي يستحيل استخدام هذه المفردات" ص: 187 بل إنه  تمنى لو كان الأمر مختلفا، وسرد تاريخه الشخصي بعيدا عن الصدام بالتاريخ الرسمي، لكن الأمر كان أقوى من رغبته هذه، يقول "تاريخي الصغير الذي أردت له أن يكون مختلفا التهمه تاريخ أكبر نهم لا يبقي شيئا، نهري الصغير الذي أردته له أن يكون مليئا بالألوان والحياة أجبرته الانحناءات والتعرجات على أن يسلم ألوانه لتذوب كلها في النهر الكبير الذي يجرف كل شيء إلى الموت" ص: 169

لذلك ليس غريبا أن تطالعنا الصفحات الأولى بالسارد وهو يحاول في حلمه أن يجد شرحا لتمويه الجسم المتيبس لريم وهو مسجى على دكة في صحراء لا حد لها. وبينما هو يغالب في نفسه مشاعر الخوف والدهشة والألم: "كنت عاريا وحافيا ومندهشا من كل شيء‘‘ص:7 إذ بجنود مدججين بالأسلحة  يحلون بالمكان على متن سيارات مدرعة ينتزعنها من فوق الدكة ويجرونها من شعرها إلى سيارتهم بعد أن فصلوا رأس السارد عن جسده. يضعنا سنان أنطوان بهذا الحلم أمام فرضية أن هدف الرواية هو السعي من أجل  تحرير الذاكرة، وأن هذا الحلم، المضمخ بالمعنى، إذا تم فك شفرته بمقياس الحقيقة سينتهي باعتبار ريم لن تكون سوى هذه الذكرى المحاصرة، والمصادرة من طرف عساكر الروايات الرسمية، وقد تكون العراق نفسه وقد صودر من أهله.

وترمي الرواية إلى مقاصد عديدة استطاعت قراءتنا أن تتلمس بعضها ومنها: أن الرواية وهي تحمل الإنسان المسؤولية فيما حدث تدفع إلى منظور كوني واسع يدمج الأسئلة الوطنية بالعالمية، والغاية إشراك القارئ في كل مكان في تحمل المسؤولية عما حدث في الماضي من اجل الحاضر والمستقبل، وفي هذا إشارة إلى أن تجارب العراق لم تكن حوادث فريدة من نوعها لا يمكن أن تتكرر. وهي لا تمثل مشكلة تخص الأمم المشاركة في صناعتها فقط، بل هي مشاكل تواجه الإنسانية جمعاء، وإمكانية تكرارها قائمة. وأن التاريخ "أكوام من الأحداث التي غالبا ما تخلف وراءها أكواما من الجثث. كل ما هناك هو تراكمات. تراكمات جثث وجماجم وأشلاء وخيبات أمل وجزن." ص: 169 وأن "الحياة والموت عالمان ... متلاحمان، ينحتان بعضهما البعض، الواحد يسقي الآخر كأسه." ص: 255

ولم يكن خيار السارد للرحيل أخيرا إلا لوعيه أنه ليس مهما أن تخسر الواقع ما دمت تحتفظ بالرغبة في استعادته، أو أن تخسر المكان ما دمت تعمل على استرجاعه ولو عبر ذكريات مثقلة بالحنين. فأن تتذكر يعني أنك موجود، وأنك مازلت تملك القوة اللازمة لصياغة الحياة.

 

باحث من المغرب

 

هوامش:

1- وحدها شجرة الرمان (رواية) سنان أنطون منشورات الجمل  2013

2- Michel Foucault Le Courage de la vérité Le gouvernement de soi et des autres. 1984 p. 78

3- Régine Robin ، Le Roman mémoriel ، de l'histoire à l'writing du• 34 Idem, p. 49