إطلالة الشاعرة والطبيبة التركية التي تعرف عليها المتلقي العربي من خلال مشاركاتها في العديد من المهرجانات الشعرية العربية تراهن على تكثيف نصوصها الشعرية وتغليف رؤاها ضمن ثنائيات دلالية ووهج صوفي يتأمل بعمق معرفي تجسيدات ظلال وأثر الرؤية، في انعكاس لأحد التجارب الشعرية المهمة اليوم في جغرافية الشعر التركي الحديث.

ديوان العدد

قصَائدَ للظِّلالِ

هـلال كـرهـان

ترجمة فتحي ساسي

 

"استَمعُوا  ....  ما سَتقُولُ قصَائدِي؟؟؟" "هلال"

 

أغانِي اللّيل

 

-I-

 

ليْلي   ....   أكبَر مِنَ الأبدِيّةِ

 

اللّقَاء الحاسِمُ يقوُّي اللّيلَ  .

فيمَا الوقتُ   ....

 يحمِلُ شَرنقَةً تَكشِفُ النّقَابَ بذَكاءٍ  ،

وبحَريرٍ جَاحدٍ بينَ الكفرِ والتّجدِيفِ . 

هُوَ مِزَاجٌ رَهِيبٌ وَشَلاّلٌ ينسَكبُ

مِنْ رَغوَةِ الأجسَادِ  .

فيمَا اللّيلُ   ...

يَقرأ الرُّوحَ فَوقَ مِنبرِ الميلاَدِ   .

 

 

لا َأحَدَ يمكِنُ أنْ يغلقَ بَابَ الّليلِ

هيَ تخيطُ بالنَّارِ أحكَامَهَا  ،

رحلة الأيّام من حضنها  ...

كُوني مِرآتُكِ  ،

( شَهمرَان ) الّذِي ابتَلعَ أظَافرَهُ  ،

حِينَ أغلقَ الظّلامُ أبوَابَهُ ،

متَحمّلاً تفَاصِيلهُ  .....

اللّيلُ حَبلٌ طَويلٌ حَولَ

جِيدِ هَذَا الكونِ  .  

 

 

القمَرُ يطلعُ فَوقَ عظَامِ الكَونِ

ليسَ للنَّارِ أيّامٌ  .

الهِلاَلُ يغَطّي تَنّورَتَهُ مَعَ اللّيلِ  .

والمنجَلُ النّحَاسيُّ لاَ يرحَمُ  ،

يحصِدُ السَّاقطَ مِنَ الرّقَابِ بشَوقٍ  .

كيفَ يمكنُ أنْ نخفِّفَ الغِطاءَ  ،

   عَنِ الفَجرِ الّذِي يخدِشُ وجهَكَ؟؟

الهلالُ هُوَ خِنجَرٌ بحُنجَرةٌ بكمَاءُ  ،

فكيفَ لنَا أنْ نتّهمَ اللّيلَ بلعنَةِ الظِلِّ   ؟

 

 

نفكّر ُحيِن َيكُونُ اللّيلُ صَامتًا 

اللّيلُ رَحِيمٌ    ....

حِينَ يُحدّدُ الانزلَاقَ عَلَى الجَليدِ ، 

عَلَى شَعرِ الأشجَارِ   ...

يمسِكُونَ اليَومَ مِنْ رَابطةِ العنْقِ  .

وَهوَ ... يبدُو مُتعبًا للصَّبَاحِ  .

وَهيَ .....  تَعلمُ مَنْ تركَ عَلَى أنفَاسِهَا  ،

منْ خَشَبِ الصّندَلِ وَرَائحةُ العَنبرِ  .

ليلاً    ...

كلُّ وَاحدٍ يعتَقدُ في حدَسِهِ .   

 

 

اللّيلُ يتَكَاسَلُ بَينَنا

يخلَعُ اللّيلُ لونَهُ  ،

وَينشَرَهُ فَوقَ العُشْبِ الفضِيِّ .

تَنتَشِرُ الصَّفّاراتُ ، وتُبلّلُ الهمَسَاتَ

لتكبُرَ الأرضُ   ...

حَيثُ تَبقَى الرّيَاحُ المتشرَّدةُ مِنْ آخِرِ صَيفٍ

تَدلُكُ الطَّرفَاءَ بزيُوتهَا المعَطَّرةِ  .

وَدُونَ عِتَابٍ في ذَلكَ اللّيْلٍ الطَّويلِ ، النَّاعمِ وَبَينَ ذِرَاعَيهِ  ،

جُغرافِيَّةِ الجسَدِ الأبدِيِّ  ....

 

 

مِثلَ عَقرَبٍ ينزِلُ اللّيلَ مِنَ الحَائطِ

الحدُودُ الّتِي تَفصِلُ الرّجَالَ عَنِ المدِينَةِ  ،

تَعتَقدُ أنَّ اللّيْلَ مِقَصٌّ حَادٌّ   ...

أينَ تَنحَسِرُ القُضبَانُ  .

كيفَ يعبُرُ بصَمتٍ قِطَارينِ  ...  ؟

وَتَمرُّ المدُنُ مِنْ خِلاَلِ اللّيلِ متَشَابهةً   ؟

في حِينِ أنَّ اللّيلَ يدخُلُ كلَّ قَلبٍ  ،

مِنْ نفسِ البَابِ   ...

 

 

رأيتُ عُرُوقَ السَّمَاءِ

تَتسَاقَطُ اللّيَالي  ،

بينما تَتصَدَّعُ السَّماءُ  .

فُرسَانٌ زُجَاجيّةٌ في الشَّوَارعِ  .

في رَبيعٍ مُريحٍ    ....

حَشَراتٌ مَعدَنيّةٌ عَلَى سَريرِ اللّيلِ  ،

هيَ الحضَارَةُ    ....

في حِينِ أنَّ الحقِيقَةَ تجفُّ عَلَى حَبلِ الشُّرفَةِ  .

وَنحنُ نَقبلُ بطَريقَةٍ طَبيعِيّةٍ فِكرةَ الإلهِ وَالمحرَّمَاتِ  .

فَالصَّبَاحُ عَاجِزٌ عَنْ إنقَاذِ نَفسِهِ مِنَ الهَاويَّةِ  ،

حِينَ يُلقي اللّيلُ المدِينَةَ    ....

 

 

وأنتَ تَنزلُ بِبطءٍ مِنْ سُلّمِ اللّيْلِ

يفتَحُ اللّيلُ أجنِحَتهُ المثقَلة  ،

رَاسِمًا حجَابًا مِنَ الحريرِ عَلَى وَجهِ السَّماءِ  ،

عَلَى أفوَاهِ الحشَرَاتِ المتحَمّسَةِ   ....

كنْ صَبُورًا   ....

كلّ شَيءٍ يمكِنُ أنْ يَتغَيّرَ في ليلةٍ وَاحِدَةٍ  ،

وَيتحَوّلُ الحزنُ إلى مَللٍ  .

الألمُ الكَبيرُ الّذِي يُذِيبُ القَلبَ  .

 سَيتَوقّفُ بِالتّأكيدِ في ليْلةٍ وَاحِدَةٍ  . 

الحبُّ أشبَهُ بليْلةٍ غَامضَةٍ صَعبٌ اجتيَازُهَا  .

وَكلُّ هَذَا الحزنُ جَليٌّ ، وَاللّيلُ اعتَادَ عَلَى ذَلكَ  ،

فهوَ لاَ يرحَمُ ذَلكَ الإنسَانُ  . 

 

 

وَأنتَ رَاحلٌ إلى اللّيْلِ

اللّيلُ صَلبٌ  ، أليسَ كَذلكَ    ؟

ييمكنُ أنْ يَذُوبُ في حَريقٍ مِنَ الكَلامِ  . 

فَكيفَ في أوجِّ الظّلمَةِ  ،

حِينَ يمرُّ مِنَ خِلالِ النَّارِ  ،

لاَ تَرى الإنسَانيّةُ وَجهَهَا   ؟ 

ألمْ يكنْ هُوَ مَنْ فَصلَ الظلَّ عَنِ اللّيلِ   ؟

خَوفًا ممّنْ يختَبرُونَ الرَّغبَةِ  .

هُوَ ثقبٌ حَيثُ يسقُطُ الوَقتُ  .

ليملأَ الماضي   ...

لاَ يَتحمَّلُ الإجَابةَ عَنْ أيِّ سُؤَالٍ  .

كلّنَا نمرُّ مِنْ خِلالِ اللّيلِ  ،

لكِنْ لاَ يَبقَى فيهِ معَ أحد   ...

 

 

كنتَ الصّوت   ...  حَيثُ يَبدَأ اللّيلُ

بِيدَينِ نطَرّزُ اللّيلَ  ،

ممّدّدًا عَلَى الطَّاولةِ  .

في دَهليزٍ حَيثُ نَصنعُ فوّةَ الصَّيفِ  ،

وذَاكرةُ الطّفُولةِ  .

أمَّا في الفنَاءِ الخَلفيِّ  ،

نقطَعُ رُؤوسَ الأكباشِ للشَّوَارعِ الجائعَةِ  ،

وَتحتَ الوسَادَةِ أحذِيَّةُ الاحتفَالِ  ،

وَفستَانٌ حَريريٍّ فَضفَاضٍ .

وللأسَفِ ، حِينَ مَرَّ الوَقتُ  ،

 أينَ هيَ آمَالُ الطّفُولةِ المتوَهّجَةِ   ؟؟

واللّيَالي تَتخَمّرُ في جَرّةِ الصَّبرِ  . 

ونحنُ الآنَ  ...  نخدُشُ جُدرَانَ الحزنِ بسِكّينٍ مكسُورٍ  .

 

 

انطفأت النّجومُ عوضًا عَنِ العيُونِ اّلتِي عَاشَتْ قَبلنَا

عَزيزِي ...  ليسَ لنَا ليلةٍ أخرَى ،

هيَ في فَوضَى ، فَدَعِيهَا كَما هِيَ  .

اللّيلُ عِبءٌ عَلَى صُدُورِنَا  ،

وَقميصُ الحجَرِ في السَّماءِ .

كفَى ... هَذِهِ المواجهَة مَعَ اللّيْلِ تكفِينَا  ،

تَشحَذُنَا عَنِ الوَاقعِ  .

هَكذَا  ...  يمكِنُ أنْ نَنسَى أيَّ ليْلَةٍ  ،

لنَدعُوهَا في وَقتٍ آخَرَ  .

فَنحنُ لسْنَا في حَاجَةٍ لليْلةٍ أخرَى  ،

فَدعِيها كَما هِيَ ، ليبقَى كُلَّ شَيءٍ  .

 

 

 

قصَائدَ للظِّلالِ

-II-

هِلالٌ  

في أوَّلِ كُلَّ شَهرٍ ، 

يَنحَني القَمَرُ تَحتَ ظلّهِ  .

 

 

العَتبَةُ هيَ عُشْرُونَ سُنتيمتْرًا  .

تخطّهَا في خُطوَةٍ بَسِيطَةٍ وَقَصيرَةٍ  .

لَكنّها عَميقَةٌ في القَلبِ ،

بَينَ الذَّهَابِ وَالبَقَاءِ  .

 

الغُرفُ تفتَحُ أبوَابهَا للحَائطِ .

تَعودُ السّنِينُ كَنسمَةٍ  .

حَياةٌ بأكملهَا مَرّتْ حِذوَ العَتَبةِ جَنبًا لجنبٍ ،

دُونَ لمسَةٍ بَينَ الحبِّ وَالخجَلِ .

 

 

ذاكرةُ اللّمسِ تَتَحدَّى الزَّمنَ  .

سَهلٌ أنْ تمسِكَ يَدًا بيَدٍ بحرَارةِ العنَاقِ ،

ومَا تَزالُ تَذهَبُ ، وَكيفَ تعُودُ بخطوَةٍ بسِيطةٍ ،

بينَ الرَّوائحِ وَالأنفَاسِ  !!

 

 

العَتبَةُ  ،

هيَ خُطوَةٌ وَحِيدةٌ بَينَ الماضِي وَالمستَقبَلِ .

 

بِعنَايَةٍ رَبَّتَ الصَّمتُ عَلَى جَوفِ الوَقتِ ،

بِيَدَينِ نَاتِئتَينِ ،

كأنّهُ يُعدُّ الطَّاولةِ ليَومٍ مُتعَبٍ ،

كيْ يَعُودَ المسَاءُ .

 

 

في تلكَ الحقُولِ لألئَ مَنثُورَة .    

مُنذُ زَمَنٍ تربطُ حِزَامًا مِنَ الغُيُومِ  .  

 

كلَّ يَومٍ تَندَفعُ الأرضُ ، ممسِكَةً

بالهَاويَةِ الّتي تسْقُطُ مِنَ المنحَدِرِ إلى المرَجِ ،

بركبتَينِ من طِينٍ وَغبَارِ القَمرِ وَالزّعفَرانِ .

 

 

الفَمُ قَطرَةَ مَاءٍ  ،

أمَّا   ...  

اللّسَانُ هُوَ إسفَنجَةٌ  . 

 

 

اللّيْلُ 

يَدخُلُ كُلَّ قَلبٍ ،

مِنْ نَفسِ البَابِ  .

 

 رَائحَةٌ عَميقَةٌ  .    

تَفُوحُ مِنهَا تَلمِيحَةُ قُبلةٍ  . 

 

حِينَ تكُونُ المطَرُ في انتظَارِ      

الآباءِ المتَغَيبينَ .  

تَكُونُ العَصَافِيرُ الدَّوريّةُ تُرضِعُ عَيونَ أمّهَا  .  

بَاحِثةً عَنْ مَلجَأ عَلَى أجنِحَتهَا  .   

 

فجَأةً ، تَهبُّ الرّيَاحُ مُدَاعِبَةً جُذُورِ الأشْجَارِ         

صَاخِبَةٌ عَينَيها حِينَ تَنحَنيَ ،  

في عُقدَتينِ ، وَتهمِسُ  : حُرّيةٌ هيَ الحَياةُ . 

 

في إنَاءٍ دُونَ مَاءٍ  ، 

تجفُّ ثَلاثُ ليَالٍ ، وَتَتشَابكُ أشوَاكهنَّ  .

 

شَارعٌ أعرَجٌ يَتَسرَّبُ للّشُّرفَةِ  ، 

حَيثُ السَّتَائرُ نَائمةٌ  .   

 

سَكَارَى هُنَّ الأضواءُ  ،  

بِصُعُوبَةٍ تَلمِسنَ الأريكَةَ  .  

 

          لاَ تَنسَى      

أنَّ الأشجَارَ الكَبيرَةَ لاَ تَجفُّ ، إلاَ حِينَ

يَتَسَلّقهَا اللّبْلاَبُ  .

 

مُنذُ زَمَنٍ بَعيدٍ  ، 

وَهَذَا الألمُ الشَّدِيدُ في حُضنِ السَّمَاءِ  .  

 

حِينَ تَغلي أبَاريقُ الغُيومِ ، تَتقَيَّأُ   

الوَحلَ الغَارقَ في الأنهَارِ .    

 

بِلطفٍ ،

 تُدَاعِبُ الرّيحُ 

قَطَراتِ المطَرِ المتَسَاقِطَةَ علَى حَافَةِ الزَّورَقِ .

 

شِبَاكُ الصَّيدِ بَاردَةٌ  . 

تَنتَظرُ صَبَاحًا محظُوظًا .  

 

حَريقٌ يُشَوّهُ الهَوَاءَ .

وَالنَّارُ الّتي تنبَعِثُ مِنْ هَذِهِ القُوّةِ الإلهيَّةِ

 تَغرُقُ في العَويلِ !

 

يَتفَاجَئُ المسَاءُ ، حِينَ يَسألُ أحَدٌ   : 

هَلْ خَطيرٌ أنْ نختَارَ بَينَ اللّيْلِ وَالعَتمةِ    ؟

 

   نَستَمعُ إليكِ في ليَالي الوحدَةِ،

تَنحَلُّ عُقدَةٌ في صَوتي .  

 

الظَّلاَمُ قَدْ أغلَقَ الأبوَابَ  ،

متَّكَأً عَلَى عَالمهِ  .

 

اللّيلُ  ...

 هُوَ عِقدٌ طَويلٌ حَولَ جِيدِ    

هَذَا الكَونِ  .  

 

اللّيْلُ رَحِيمٌ  ،

 يَسمَحُ للنُّجُومِ بالتَّزَحلُقِ عَلَى الجَليدِ .

فَوقَ شَعرِ الأشجَارِ  . 

 

يَنزَعُ اللّيْلُ ألوَانَهُ  ،  

عَلَى العُشبِ الفضِيِّ بِكلِّ طَلاَقَةٍ .   

 

الرِّيَاحُ المتَشرّدَةُ       

تَبقَى في كُلَّ صَيفٍ غابِرٍ  .    

تَدلكُ الأشجَارَ بالزُّيوتِ المعَطَّرةِ  .      

 

ليسَ ثَمَّةَ صَبَاحٌ يُنقَذُ مِنْ حَافَةِ الهَاويَّةِ  ، 

حَيثُ يَلتَقي اللّيْلُ المدِينَةَ  !!

 

يَفتَحُ اللّيْلُ أجنِحَتَهُ الكَبيرَةِ  . 

ثمَّ يَرسُمُ حجَابًا مِنَ الحريرِ عَلَى وَجهِ السَّمَاءِ  ، 

لأفوَاهِ النّجُومِ الصَّاخِبَةِ   .

 

كنْ صَبورًا  ،

كلُّ شَيءٍ يمكِنُ أنْ يَتغَيّر في ليْلَةٍ وَاحِدَةٍ  ،    

حَتَّى الحزنَ يمكِنُ أنْ يصبِحَ مَللاً   .    

 

الألَمُ الكَبيرُ يذِيبُ القَلبَ  ،        

بالتّأكيدِ يقفُ في ليْلةٍ واحدةٍ  .     

 

أليسَ هُوَ الوَحيدُ الّذِي فَصَلَ بلطفٍ  ،  

الظلَّ عَنِ اللّيلِ      

خَائفًا مِنَ الرّغبَةِ   ؟  

 

لاَ نحتَاجُ ليْلةً أخرَى     

 يا حَبيبتي  ،   

 فَدَعِيها كَما هِيَ  ....           !!

 

انحَنيتُ   ...   

لأقبّلَ جِذعِ شَجَرةٍ  ،   

هُوَ .. باضطِرَابٍ يخفِضُ عَينَيهِ      

في عُقدَتينِ  ...  تَتحَلَّلُ الحيَاةُ .      

 

في أكثَرِ لحظَاتِ اللّيلِ حَميمةً  ، تَتكَاثرُ

أجسَادُ الحبِّ  . 

 

أيّها العَطشَانُ  ...

كلُّ الطُّرقِ تؤدِّي إليكَ .  

فَمكَ هُوَ النّبيذُ المتَدفّقُ في شَرَاييني  .

 

فمكَ يقَسِّمُ العَاطفةَ إلى جُزأينِ    :

الحبُّ وَاللّيلُ  .        

 

عِندمَا يحَرِّرُ اللّيلُ لسَانِكَ ، 

 يَتشَتَّتُ فمكَ مَعَ الرّيحِ   .

 

كُلّما طَرَحتُ عَليكَ سُؤالاً  ، أضحَى فَمكَ

بابًا يُغلقُ دُوني  . 

 

كلُّ مَنْ يَتحَدَّثُ عَنْ هَزائمهِ في الحبِّ ،

يَكذِبُ   ..

 كَأنّهُ يَتحَدَّثُ عَنْ ليَالٍ ضَائعَةٍ  .

 

بحَثُ عَنْ مَكَانٍ للعَودَةِ  ،  

صِرتُ غَريبًا أينَما أذهَبُ ، وَ قَدْ تَركْتُ 

مِظَلّتي تَحتَ المطَرِ  .

 

سَيَحدُثُ صَخَبٌ   

لَوْ  ..

أحبَبتُكَ  . 

 

الشَّجَرتَانِ اللّتَانِ تَتَعَانقَانِ  ، 

تَكبُرَانِ في ظِلّهِنَّ  . 

 

تغَادِرُ الأورَاقُ أشجَارهَا  ،    

حِينَ تَهبُّ ريَاحٌ عَلَى الجذُوعِ  . 

 

الغُبارُ يَستَنشِقُ الدّخَانَ مِنَ النَّارجِيلةِ الفضِيَّة  ،

عَلَى مَوَائدِ الظّلاَلِ الممدُودَةِ  .

 

قَدْ فَهمنَا أنَّ    ..

كلُّ حُبٍّ هُوَ بقَايَا حُزنٍ في المَاضِي .

الرَّمَادُ هُوَ دَائما أقوَى مِنْ وَجهِكَ  .

 

 

مِيمُوزا

  بَنَاتُ الشَّمسُ يُغَازلنَ المسَاءَ

 عَلَى شَاطِئِ البَحرِ   .

 

الحيَاةُ خُطوةٌ قَبلَ الموتِ  .                 

وَنحنُ نَختبئُ بَينَ مَسَاءينِ  .       

 

الكَرَاهِيَّةُ تغَطِّي السَّماءَ  ،

بَينما يخدِشُ الفَجرُ وَجهَهُ بأظَافرِهِ  .  

 

الهِلاَلُ هُوَ خِنجَرٌ  ،

ذَا حُنجُرَةٍ صَامِتَةٍ  . 

 

لاَ يمكِنُ أنْ نَسألَ اللَّيلَ أبدًا  ،

 !!عَنْ لعنَةَ الظِلِّ     

 

يَتعَرَّى اللَّيْلُ مِنْ لونهِ  , 

فَيُشعِلُ بقَسوَةٍ كلَّ القَصَائدِ عَلَى العُشبِ الفضِيِّ  .

 

المدُنُ الّتي نَعبُرهَا ليْلاً  ،    

لمَ كلّهُنَّ مُتَشَابهَاتٍ    ؟    

 

يَدخُلُ اللّيلُ إلى كُلِّ قَلبٍ  ،

مِنْ نفسِ البَابِ   .

 

الحبُّ يشبِهُ اللّيْلَ  ،

لاَ يُمكِنُ أنْ نَفهَمُهُ دُونَ العُبورُ إليهِ . 

 

كلُّ حُزنٍ جَليٍّ  ، 

وكلَّ ليلةٍ تَعَوَّدتْ عَلى ذَلكَ ، وَلكنَّها  ...

لاَ تَعرفُ الرَّحمَةَ   .

 

الآنَ  ...     

تَتخَمَّرُ اللّيَالي في جَرَّةِ الصَّبرِ  .

وَهنَّ تَخدشنَ جِدَارَ الحزنِ بِسكّينهمْ المكسَّر .   

 

كُنتَ الصَّوتَ .

 وكُنتَ تَعبُرُ اللّيْلَ  ،

 

كلُّ حُبٍّ يُصبِحُ خَطأً ، حِينَ يَنتهِي  .

 

تَصنَعُ الطّيُورُ بِيَديهَا أشجَارًا  كَهَديَّةٍ   ،

ممدَّدًا عَلَى الطّاولة     ....

مَعَ فوّةِ الصَّيفِ ، وَذكريَاتِ الطّفُولةِ  .

 

لوْ لمْ تكُنْ قَدْ غَابَتْ عَنِ العَنبرِ .

هَلْ الوَردَةُ تَرغَبُ في يَدِ الرّيحِ  ،    

ذَلكَ الّذِي يدَاعِبُ شَعرِهَا  ؟   

 

هَلْ في عِنَاقِ الأرضِ  ،   

مِنْ أعقَابِ البُذُورِ  ،

الّتي لاَ تَشُمُّ الغُصنَ الفِضِيَّ    ؟

 

في مَسَاءٍ ثَقيلٍ  ،            

حِينَ يميلُ عَلَى أكَتافِ الكُرُومِ  ،    

      سَيسقُطُ في الظِلِّ  .       

 

لقَدْ كَانَ قَلبي ذلكَ يَتَسَكَّعُ خَلفَ خَطَواتِكِ  ،

طِوَالَ اللّيْلِ  . 

 

تَتهرَّبينَ   ...

كانَ شَيئًا طَبيعِيًّا بِالنّسبَةِ إليْكِ  ،

  كمَنْ يَشرَبُ مَاءً  ،

أوْ يُشعِلُ سِيجَارَةً  .  

 

أنْ أتَعَوّدَ عَلَى حبّكِ  .         

كَانَ عليَّ أنْ أهْزُمَ الألمُ الّذِي يَقطَعُ قَلبي  ،     

حِينَ رَحَلتِ .         

 

الألمُ الّذِي كُنتُ مُتمَسِّكًا بهِ  ،  

أثنَاءَ غِيَابِكِ ،

قَدْ كَانَ بالتّأكيدِ أكثَرَ أمنًا .      

 

مُنذُ سِنينَ خَلتْ  ،

أصبَحَ في جَسَدِي رُوحَينِ  ،    

يحتَاجَانِ لحضُوركِ ، وَيغضِبَانِ لغيَابِكَ  .

 

 أسكُتْ    !!

كلُّ الكَلماتِ الّتي تَنطِقُها ، سَتُؤلمني    

هَذِهِ المرآةُ المقَعَّرَةُ سَتَسقُطُ مِنْ مِعْصَمَيْكَ .  

 

وَيصمُتَ قَلبي مَعَ شَفَتَيكَ  ،   

إنْ كنتَ حَقًّا تريدُ  ،    

             أنْ تَصمُتَ  !!

 

 الاقتباسات

“Gecem sonsuz zamanın üstündedir”  

“My night is above eternal time”

ليلي   ....  أكبر من الأبديّة

Oktay Rifat

 

“Gecenin kapısını hiçbir el kapayamaz”

“Noone can close the night’s door”

لا أحد يمكن أن يغلق باب الّليل

 Oktay Rifat

 

“Gecenin kemikleri üzerinde yükselir ay” 

“Moon rises above the night’s bones”

القمر يطلع فوق عظام الكون

 W.B. Bayrıl

 

“Gecenin sustuğu an düşünürüz”

“We think when the night is silent”

نحن نفكّر حين يكون اللّيل صامتا 

 Salih Aydemir

 

“Gece akrep gibi iniyor duvardan”

“Night comes like a scorpion down the wall” 

مثل عقرب ينزل اللّيل من الحائط

 Oktay Rifat

 

“Göğün damarlarını gördüm”

“I saw the sky’s veins ”

رأيت سفن السّماء

Melih Cevdet Anday

 

“Sönmüş yıldızlar kaldı göz diye bizden öncekilerden”

“Extinguished stars remain as the eyes of those who lived before us”

انطفأت النّجوم عوضا عن العيون اّلتي عاشت قبلنا

 Hilmi Yavuz

 

 

 

فتحي ساسي

   

فتحي ساسي شاعر ومترجم من مواليد غرّة جوان بمدينة نابل بالجمهورية التونسية سنة  1962.. يكتب غالبا قصيدة النّثر والومضة  والهايكو اليابانيّ.. شارك في العديد من الملتقيات الأدبيّة والوطنيّة .. عضو اتحاد الكتّاب التّونسيين وعضو في نادي الإبداع الأدبي بدار الثّقافة بسوسة  .

أصدر  ديوانه الاول بعنوان   :   بذرة عشق  في   2010

وديوان ثان بعنوان   :   أحلم  ...  وأوقـّع على العصافير آخر الكلمات  في 2013

وديوان ثالث في دار أروقة المصريّة في 2016  : سماء لطائر غريب

ومخطوط رابع في مصر في دار بورصة للنّشر في مارس 2017 :  كوردة وحيدة  ... على مقعد .

مع عديد الترجمات التي ستصدر قريبا .