كان هنري دو بري لابوشير (9 نونمبر 1831 - 15 يناير 1912) مؤلفا وناشرا وصاحب مسرح بريطانيا، وقد مارس السياسة، وعمل دبلوماسيا وعضوا في البرلمان، وهو معروف بمواقفه المناوئة للفكر الإمبريالي.
يرد هنري لابوشير في قصيدته المعنونة ب"عبئء الرجل البني" على قصيدة روديارد كيبلنغ) 30 ديسمبر 1865 - 18 يناير 1936) الموسومة ب"عبء الرجل الأبيض"، التي كتبها في سياق دعوته للولايات المتحدة الأمريكية لاستعمار الفلبين سنة 1899، و هي قصيدة يحتفي فيها كيبلنغ بمفهوم الرسالة الحضارية التي قام عليها الفكر الاستعماري الغربي بخصوص دعم السردية الكبرى للحداثة المؤسسة على التفوق الأبيض المستند إلى داروينية اللون العرقي.
تشكل هذه القصيدة التي نشرها الشاعر لابوشير في مجلة" الحقيقة" اللندنية سنة 1899، قصيدة مناهضة لمفهوم الرسالة الحضارية التي قام عليها الفكر الاستعماري الغربي، و هي قصيدة تعارض وتدحض السردية الكبرى للحداثة الغربية المؤسسة على أسطورة التفوق الأبيض المستندة إلى داروينية بيولوجية وثقافية سادت على نطاق واسع مختلف العلوم و الفنون خلال العصر الفكتوري. .
يحول هنري لابوشير "عبء الرجل البني" إلى بؤرة تركيز فاضحة لقصيدة كيبلينج الداعمة بشكل كامل للعنف الاستعماري، ويقدم موقفا مناهضا للفكر الإمبريالي من منظور أولئك الذين تأثروا بشكل مباشر بالسياسات التوسعية لدول مثل بريطانيا والولايات المتحدة. يقدم لابوشير في "عبء الرجل البني" نقدا لاذعا للوجه المزدوج للتفكير الإمبريالي، مع التركيز بشكل خاص على العنف المستخدم في إخضاع واحتلال دول مثل الفلبين باسم الحرية.
تدخل هذة المحاولة في صنف الترجمة ما بعد الكولونيالية التي تنحى إلى إعادة جمع وطبع ونشر و كتابة التاريخ الكولونيالي من منظور الترجمة عبر الثقافات، و هو منظور يسعى إلى إستعادة فاعلية القراءة النقدية الجديدة المستندة إلى مواقعية تحليل الخطاب بمنطق الدراسات الثقافية من أجل سن كتابة تاريخية جديدة ومجددة.
عبء الرجل البني
تكالبوا على عبء الرجل البني
لإرضاء جشعكم.
اذهبوا ، أبعدوا "الزنوج"
فهم من سيعرقلون التقدم
كونوا صارمين جدا معهم ، حقا
لا فائدة من أن تكونوا لطفاء
مع الشعوب المتجهمة
التي تم القبض عليها حديثا،
شعوب نصف آدمية،
نصفهم شيطان ونصفهم طفل.
تكالبوا على عبء الرجل البني.
وإذا أثرتم كراهيته،
تعرفوا على أسبابها القديمة
تعرفواعلى ثوابتها الحديثة
تعرفواعلى القذائف والرصاصات المجوفة
ووضحوا مائة مرة
أن هزيمة الرجل البني
يجب أن تكون دائمة
وأن هذه الهزيمة تضمر
انتصار الرجل الأبيض.
تكالبوا على عبء الرجل البني ،
أجبروه على أن يكون حرا؛
دعوا رائحة العمل الخيري
تفوح من كل بياناتكم .
وإذا كان مع حماقاته الوثنية
فهو يجرؤ على منازعة إرادتكم ،
ثم، باسم الحرية،
لا تترددوا في إطلاق النار.
تكالبوا على عبء الرجل البني ،
وإذا كان صراخه مؤلما،
هذا بالتأكيد لن يزعجكم -
لقد علمتم العبيد
معنى العمل الجاد من قبل.
استولوا على موانئه ومراعيه،
والحقول التي تخطوها شعوبه.
اذهبوا واجعلوا منها كسبكم،
وميزوها بموتاه.
تكالبوا على عبء الرجل البني ،
وعبر العالم أعلنوا
أنكم وكلاء الحرية...
لم يعد هناك لعبة مدفوعة الأجر!
وإذا كان لابد أن يلطم تاريخكم الماضي
أسنانكم مباشرة،
فرد وا على ما إذا كان الاستقلال
مفيدا للبيض دون غيرهم.
العياشي الحبوش: أستاذ الدراسات مابعد الكولونيالية والترجمة عبر الثقافات