خالد الحلي، شاعر ستينيّ عراقي، مارس الصحافة الثقافية، منذ الستينيات، وما زال يواصل مشروعه الشعري حتى اليوم من استراليا، وفي هاتين القصيدتين القصيرتين، تواجهنا مجموعة من الأسئلة الوجودية لتمثل حيرة الانسان وهلعه المستمر من الكوارث والمجهول، وعلى الرغم من أن شلل لسان الإنسان حتى اليوم، يمنعه من التوصل إلى أجوبة ما، إلا أن الشاعر يحاول التشبث بالحياة!!

قصيدتان

خالـد الحـلّي

مَنْ أغلقَ الأبوابْ؟

كنتُ أسيرُ  بقلبٍ مفتوحٍ،

والعالمُ مُغلقْ

تتقاذفني حَيْرةُ أيّامي

و أنا بحِبالِ المجهولِ معلّقْ  

كانتْ بوصلتي،

تَسْخرُ  مِنْ أَخْيِلَتي،

أَعْرِفُ أنّي

كنتُ أنا

مَنْ أشرعَ أبوابَ القلبِ،

و لكِنّي

لا أَعْرِفُ مَنْ أغلقَ أبوابَ العالمِ،

هل أغلقها مخلوقٌ

أجهَلُهُ

أمْ ريحٌ عمياءْ؟

في غَمْرَةِ شكّي

قادتني الأقدامُ إليكِ

ما عدتُ أرى شيئاً

إلاّ  بابَكِ

أَطْرُقُهُ

لا أحدٌ يفتحُهُ

و أعاودُ طَرْقي

لا أحدٌ يسألُ مَنْ يَطرُقُ

هل ضيّعتِ المِفتاحَ فغِبتِ

أين ذهبتِ

هَلْ تبقى بابُكِ مُوصدةً

هَلْ تبقى أبوابُ العالم مغلقةً

مَنْ يَفتًحُها؟

ومتى تُفْتَحُ؟

خلّي دربَكِ يعشقُ دربي

و تعاليْ قربي

وجهُكِ لي أحلى مرآةْ  

وجهُكِ لي أبوابُ حياةْ

 

 

حُلْمٌ  و  مرايا

حُلْمٌ داهمَ نومي ليلةَ أمسْ

كبّلني،

شلَّ لساني،

ألقاني

في بَرَمٍ فوقَ مرايا أزماني

قالَ بهمسْ :  

لا تهلعْ، فأنا لستُ بكابوسْ

لا تتركْ باباً مفتوحاً

للخوف أو اليأسْ

فمراياكْ

لا تخشاني

أو  تخشاكْ

و لنَسْمعْ  بهدوءٍ ماذا ستقولْ

بعد ثوانٍ قالتْ بأسىً مكتومْ :

إنّا نُظهر  ما نُبْطِنُ،

لكنّكَ لا تفعلُ ذاكْ

إنّكَ تكْذِبُ أحياناً

فترى الأبيضَ أسودَ بعضَ الأحيانْ

لستَ ملاكاً أنتَ

فإنّكَ إنسانْ

والإنسانْ

يتباينُ كالألوانْ

......................

ما عاد لديّ لسانٌ لأُجيبْ

فلساني مشلولْ

في أُذْني يتردّدُ دَردابُ طبولْ

حاولتُ بأن أهْرُبْ

اِرْتَجَفَتْ كلُّ مرايا أزمنتي صارخةً:   

لا تَهْرُبْ .. لا تَهْرُبْ

هذي أصداءُ طبولِكِ

مُذ كنتَ تصولُ وتجولْ

فاجَأَني ما قالتْ .. فاجَأَني

صحتُ بصوتٍ عالٍ زلزلني

اِتْرُكني يا حُلْمي دون مرايا

اِتْرُكني

اِتْرُكني دون مرايا

اِتْرُكني

 

ميلبورن - أستراليا