يزيح الشاعر والمسرحي المغربي عبداللطيف الصافي بعض من اكتمال الصورة ويلملم الفراغات في استدعاء للذاكرة المتقدة وبوعي بتشظي اللحظة والتباساتها وأفول اليقينيات الكبرى وانهيار لما تبقى .. الشاعر أمام الجدار يرقب ما تبقى من "المدينة" المتروكة لمنمنمات لعلها تشي بفيض الأمل، عن المكان وعن قلب الشاعر الذي يحرس المستقبل يكتب.

هامش يتمدد في الأحشاء

عبد اللطيف الصافي

 

من يحرس المدينة

من سطوة هامش يتمدد في الأحشاء

و من أشباه الحكائين

الذين وظفوا ألسنتهم لتهجير الذاكرة

والمشائين بين أشلاء البياض

ينثرون بذور الوهم

في العيون الساهرة ؟

الحاطبون
القادمون من رحم الغبش

على ظهورهم حمل ثقيل


من بقايا ليل طويل

و آلاف الأميال من الخطى العاثرة

يقضون نهارهم تحت الشمس

معلقين بأجفانها

يتداولون الحكاية نفسها

منذ انهيار الجدار

إلى آخر النهار

يقشرون ضحكاتهم في مشاهد فرجوية ساحرة

يقدمونها على طبق كالسديم

لعصافير صغيرة تجفف ريشها على حبل الإنتظار

مَن يحرس المدينة

مِن تغوُّل الفراغ

و من التيه والغبار

و تراكم الفرص الضائعة؟

من يحرسها من عيون الغابات المسحورة؟

وحدها "الأيام المغمورة"

توقظ أحلام الصغار

وحدها "الأيام المخمورة"

 بلسم سحري لجراح الكبار


و"المنمنمات" ترميم للرؤيا والبصيرة

فيا ساقي الحنظل

ها كؤوسنا مترعة بكل الاحتمالات

نشربها على مهل

و نشتري بها مستقبلا ينبض بالأمل


 

*الأيام المخمورة" و "منمنمات تاريخية" مسرحيتان للكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس.