إذاً، لنجعل المجهول ملهمنا الحقيقي للكتابة عن الحياة والوجود شعريا. أنها لغة البصيرة، الرصيفُ، وطنٌ أعزل. قُلْ حينما تتسمر على الرصيف أمام الأشجار وتحت خيمة الليل: يا أبناء الرؤيا! الورقة الأولى: الورقة الثانية: الورقة الثالثة: لا تحزن. فخطاك ستبقى محفورة في ذاكرة المدينة حتى وأن كنت لا تكترث بذلك، لا تحزن، لا تحزن، لا تحزن.. مابهِ رأسك يا ابن آدم يصرخ دوماً برغبة غير مسماة؟ أنت تخشى اللجوء الى التسميات. ترغب الى مالا نهاية، ولكن الرغبات المؤقتة فقط. الرائيون يقترحون السؤال أولاً ثم الجواب ثانياً، ولكن طرحهم للجواب يكون احتماليا. العالمُ، نصٌ لا يمكن فك شفراته كلها. كفٌ تحب المعرفة، هاهي سحب الحزن تظهر في سمائك، ففكرْ بالضياع، وأجعل المتعة، نشيدك الجديد. كرنفال الألم لن ينتهي. إنها الدنيا. حتى الأطفال رسموا أحلامهم تحت سماء الخوف. هاهي العصافير تبيع ريشها لأكلة لحوم البشر وتصرخ بالمارة: ـ خذوا هذه الحماقات، لأنها تطهّر الدماء! اعلم أنّ طاحونة الهواء تهرس الضحايا في أحشائها من أجل الاستمرار في الحياة! ولكن! ما أنْ تودع الشيطان المفدى، لمْلِمْ حقائب رحيلك، وأهبطْ الى أحد المنخفضات الدافئة. فهناك، ستجد نبتة المعنى. أقطفها، ثم ألتهمها بالضوء.ئل. فحينذاك، ستصاب بداء الضوء. ويمنحها أمكانية الرؤيا والنشوة. لذا كنْ ياابن آدم قريالغابرة.حطب والنار. للحطبِ، نكهةُ العصور الغابرة. النارُ، جحيمٌ مليء باللذة، النار تمتلك أنغاماً أكثر صخباً من نغم الحياة على الرغم من صمتها الداعي للحذر. آه من تلك النار! أقترن يا ابن آدم بالحياة انتقاما من الموت، ولاتؤمن بالموت كثيراً، فذلك سيجعلك لاتحترم الحياة. القلبُ، وسيلتُنا الى عالم الأسرار. الأغاني، سرُ الروح التائقة الى المجد، تحمل القلب على كف الموسيقى وتلقيه في الضفة الأخرى من الظلمات. فلتذهب، فلتذهب المكتسبات الدائمة، ومارسْ الحياة كما هي. امرأة خضراء. رجل ربيعي. خيول قمرية تجري نحوهما. يرتقيان صهوتيهما، ثم ينطلقان صوب الشمس. أطلِقْ العنان لحنجرتكَ مرة أخرى: فهناك ستصبحين شجرة يستظلّ بها كُل مَنْ حُرِمَ من نعمة الكلام. كُنْ يا ابن آدم صديق البحر الصامت. يا مَنْ رأى الموجة العائدة الى البحر! تمنيت َسرَّ الأسرار يا ابن آدم، ولكنك مثل ذرة رمل في صحراء رمادية.
لغة الرؤيا،
لغة التأمل،
لغة الوجود،
أو لغة الصمت.
والليلُ، ملجأ الهاربين من أخلاق النهار.
دوّنوا كلمةَ الشعر الأزلية في عقول العلماء،
فالعالم خلقه حكيم مصاب بالشعر!
الغايةُ، سجنٌ يسرق الحرية.
اللاغايةُ، صرخةُ العالم بوجه القيود.
المعنى، جوهرُ الإنسان والعالم.
شمعةٌ صغيرة،
ذهنٌ أصفى من ماء الزلال،
وقلبٌ أوسع من الكون يعشق العالم.
وللنار، مذاقُ الابتهالات المقدسة.
شيطانٌ طاهر،
وفردوسٌ مبجل.
بالموت.برودتها،
كلما فكرنا
بالموت.
ياله من مسكين! حينما خرج من هناك، اختفى ولم يعد الى الأبد.
يا من سمع الريح تغني فرحاً!
قل:
في ديوان الشاعر العراقي المغترب تتجه القصائد الى التأمل في الكينونة والموجودات، والتعبير عن القلق بجرأة، واستقصاء المجهول بحثا عن كنه الأشياء. في قصائد تتمرد على الجاهز وتقعد الاختلاف .. لعلها تعمق في الوقت نفسه من أسئلة النص الشعري في نشدانه الانعتاق.
ترانيم ابن آدم (ديوان)