يعد الشاعر العراقي عبد الحسين بريسم من الشعراء القلائل الذين انصهروا مع أمكنتم ومدنهم، وحاولوا تصويرها عن طريق الشعر، وفي هذه القصائد الثلاثة، نقف أولا أمام مزار جنوبيّ في ميسان، حيث النساء والأدعية، في طقوسه التي تمتد إلى الزمن السومري، ثم نعبر جسرا منسيا على نهر دجلة عبر عليه العثمانيون والانكليز، في إشارة جميلة لتاريخ العراق، ثم نصل إلى حارس مقبرة الإنكليز، فنرى أين نحن الآن؟

ثلاث قصائد

عبد الحسين بريـسـم

 

مزار الدفاس

يمر النهر عند قدميه

لتنشد البساتين

أدعية

ونساء

 جندي انكليزي صالح

في قول آخر

جندي عثماني صالح أيضا

قتلا في معركة

ليس لهما فيها

لا ناقة صالح

ولا جمل زوج الرسول

وفي قول اخر

تنسب

الى المحارب العظيم

الذي ينسب اليه الجميع

ولا ينسب لاحد

 ربما تحت الصندوق الأخضر

يرقد الماء وحفنة من عشب

ايبسه الماء

من سيول عابرة

منسيه من طوفان

اتونابشم

النبي السومري

الذي ظل وحيدا

ينظر هجرة

الأبناء

من الطيور

 فهل يأتي

طوفان

 جديد؟؟؟

 

 

الجسر المنسي

وحيدا

منذ عام ١٩٣٣

لا سفن تلقي عليك التحية

لترفع

قبانك سلاما

ولا

تمر

 يحلي حديدك القديم

الملك نسى خطواته

على ظهره المفتوح للماء

ومضى

ولا حفيد له يستلم المحاصيل

أمر من زمن عليك

والقى نظرة عابرة للتاريخ

هنا كانت المدينة

تشرب العنبر

وترفع النخيل رايات

للعابرين

من عثمانيين

وانكليز

وهنود ينشرون البهارات

ملوك لم ينصرهم العسكر

وانقلابات

اوصلتنا الى حروب

لا تنام

أوصيك

ان تبقى على قيد الحياة

ولا تنام

علامة هزيمة

وان كنت

ذات يوم

انتصار

 

حارس مقبرة الانكليز

الموتى يتحدثون

 وبصوت مرتفع قليلا

وتمر العجلات تصغي لهم

هنا يرقد - المحمديون -

مع المسيحيين

بينهم

صليب وجزء من مأذنة

هؤلاء جنود أكلهم الجوع

ولم يبقى منهم إلا جدار

يدفع الريح

كل روح لها علامة

ونجمة انطفئ

بريقها

ومازالت الشمس

تقلبهم ذات اليمين

وذات العمارة

تلك المدينة التي ننساها الغزاة

الا

حارس مقبرة الانكليز

مازال يحفظ أسماءهم

ورتبهم العسكرية

وفي الليل

يرتبهم في خزائن غرفته

الصغيرة

ويقول لهم

تصبحون على امبراطورية

لا تشرق عليها

الشمس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من نصوص في استنطاق المكان

*(جسر القبان ... أقدم جسر تراثي في ميسان)

يحتضن جسر (القبان الحديدي) شط المشرح/ أحد فروع نهر (دجلة) داخل محافظة ميسان، الذي يربط بين منطقتيّ ( الماجدية والدبيسات ) وبنيَ سنة ( 1933) م من قبل البريطانيين، ويعد الجسر الذي يبلغ طولة مسافة ( 150 ) متر تقريباً أقدم جسر حديدي في المحافظة، ومن تراث تلك المدينة الذي اصابه الإهمال لمدة طويلة.

 

عبد الحسين بريسم/ شاعر عراقي، صدر له:

١ـ البريسم فصائد مخططة ٢٠٠١ دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد .

٢ـ بائع المطر ،  ٢٠٠٨ ، دار الشؤون الثقافية،  بغداد.

٣ ديوان البريسم ٢٠٠٩، بغداد.

٤ـ  احبك بسلطة الدستور، بغداد، دار الفراهيدي ٢٠١١.

٥ـ  تاريخ الجنود المجهولين،  بابل دار الصواف، ٢٠١٧.

٦ ـ قرط النعاس، دار الصواف بابل، ٢٠١٨.

٧ـ  جميلات الطابق الثاني،  دار احمد المالكي، بغداد ٢٠١٩.