لك أن تسخر مني، أوتطنب في مدحي والثناء على عبقريتي التي لن يجود الدهر بمثلها مرة أخرى. كل هذا متروك لنباهتك وفطنتك فقط. لم تكن النسخة في حالة جيدة لذلك لم يطلب مني البائع ثمنا مشطا، وإنما طلب بضع دنانير فقط. وقال كلاما كثيرا أسقطته حتى لا أثقل عليكم أولا ولأنني وجدت فيه ثرثرة لا طائل من ورائها. وتلك حكاية أخرى لم تدر بها شهرزاد. كان علي أن أقطع سبعة بحور، وأصعد سبعة جبال وأتوه في سبع صحار لأنال مال العيون الزرق. وتلك حكاية أخرى لم تدر بها شهرزاد كما قلت لكم في المرة السابقة. كانت إجابات بعضهم غريبة وعجيبة، لو كتبت بالإبر على آما ق البصر لكانت عبرة لمن يعتبر. هزني بعضها حد البكاء. وضحكت من البعض الآخر حد البكاء أيضا: كان يا ما كان... في قديم الزمان... وسالف العصر والأوان... كان رجل فقير الحال، رث الهندام، يدعى لقمان. وكانت امرأة جميلة، طويلة القد رائقة الخد، ولكنها لم تكن تملك من حطام الدنيا شيئا. وسيدي، ينقصني ألف دينار لأزوج هذه اليتيمة. وسيدي، لم أقدر على دفع معلوم كراء البيت، وصاحب البيت يهددني بالطرد. وأنا لا أملك عشا لفراخي. فقلت، والحيرة تأكلني أكلا لما: الخير فيما اختاره الله. ونمت، أو على الأصح كنت كالنائم حين سمعت هاتفا يهتف بي: ـ حذار يا ابن الناس من الخناس الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس. ـ حذار يا ابن محبوبة، ولا تكن كالثعلب الجائع الذي أطمعته ضخامة الطبل. وسرد على مسمعي أمثلة كثيرة تدين الطمع والطماعين أوردها من حكم الأولين والآخرين. ولم يتركني إلا بعد أن تأكد من عودتي إلى عالم اليقظة. كان ثقل عظيم يحط بكلكله على جسمي، وكل أوجاع الدنيا تضغط على رأسي وصدري وتقطع أنفاسي. أنا، صانع هذه الأكاذيب الحديثة أقول لك من جانبي صدق كل ما قرأت قبل قليل.
لن تنتهي ألف ليلة وليلة. ومن تراه استطاع أن ينهي أو ينتهي من هذا الكتاب؟ كما تساءل بورخيس ذات مرة. والقاص التونسي المرموق يضيف بهذه القصة حكاية جديدة للكتاب. ويصنع متاهته العصرية التي تدفع القارئ الى المشاركة في تشكيلها، واختيار نهايتها، وتحمل نتيجة الاختيار.
متاهات