يثير هذا التقرير الذي يتحدث عن فشل الكاتبة الفلسطينية في استعادة بعد حقوقها المشروعة في المجال الثقافي الألماني، حتى بعد رفعها لقضية على من شوهوا موقفها وروايتها المهمة بعد سحب الجائزة منها، بينما لم يجرؤ على فعل الأمر نفسه مع شاسا جيسين – ألأنها يهودية – التي فازت بجائزة حنا أرندت وتعثر حفل تتويجها بها بسبب ردع الصهاينة لمنظميه.

عدنية شبلي تخسر دعواها

 

خسرت الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي دعوى رفعتها على صحيفة تاتز الألمانية وتحملها النفقات .. وهي الخسارة التي ينبغي أن يقلق لها جميع العاملين في المجال الثقافي في ألمانيا .. إذ قد يكون ذو تبعات واسعة النطاق بالنسبة لهم على حد توصيف صحيفة (زود دويتشه تسايتون.) وكانت الكاتبة قد طالبت بإصدار أمر زجري يجبر الصحيفة على إلغاء أجزاء من مراجعة لروايتها "تفصيل ثانوي".. نشرتها تاتز قبل حفل تسليمها جائزة "ليبراتور برايس" الملغى في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب. تتضمن اتهامات شديدة .. وكذلك على توصيفها بأنها ناشطة ملتزمة بحركة "المقاطعة". واعترضت شبلي على قول كاتب المراجعة بأن "جميع الإسرائيليين" في الرواية هم "قتلة ومغتصبين مجهولين والفلسطينيون بالمقابل ضحايا" .. وأن شبلي لم تذكر العننف ضد المدنيين الإسرائيليين في الرواية "لأن (ها) تعتبر وسيلة شرعية لكفاح تحرري ضد الممحتل".

وهو أمر اعتبره الكاتب "قاعدة الكتاب الإيديولجية واللانسانية. محكمة هامبورغ رفضت الدعوى هنا واعتبرت أن غالبية القراء العاديين غير المتحيزين سيعتبرون ذلك تقييماً فيه بعض المبالغة لمحتوى الكتاب .. أمر تجده صحيفة SZ افتراضاً "جريئاً" إذا قد يعتبر هؤلاء القراء ذلك توصيفاً يعكس حقيقة ما ورد في الرواية .. وهو ليس صحيحاً .. ورفضت المحكمة أيضاً النقطة الثانية من الدعوى المتعلق بربطها بحركة "المقاطعة".. معتبرة قول كاتب المراجعة ذلك تعبيراً مسموحاً به عن الرأي. كدليل على ذلك استندت المحكمة على توقيع شبلي على رسالة للحركة قبل ١٦ عاماً .. أي في العام ٢٠٠٧ .. ضد تنظيم حفلات لرولينغ ستون في إسرائيل .. وكذلك توقيعها على رسالة أخرى في العام ٢٠١٩ ناقدة لسحب مدينة دورتموند جائزة من كاميلا شمسي؛ رغم أن الرسالة لم تكن بمبادرة من "المقاطعة".

لكن الكاتبة المذكورة كانت مشاركة في حملة الحركة بحسب "SZ". التي أشارت إلى أن المحكمة لم تأخذ بالحسبان رفض شبلي في مقالات أخرى المقاطعة الثقافية .. مجادلة بإمكانية اعتبار اعتراض شبلي على تنظيم حفلات رولينغ ستون كممارسة لحقها الأساسي في التعبير عن الرأي في إسرائيل التي تحمل جنسيتها .الصحيفة الألمانية ترى أنه .. إن كان هذا التواصل كافياً لوصف المرء بأنه ناشط في الحركة في المحاكم الألمانية .. قد يكون للقرار هزات ارتدادية في المشهد الثقافي الألماني. لأن الكثير من الأسماء المعروفة وقعت على تلك الرسالة .. كالحائز على جائزة نوبل للآداب جي إم كوتزي.. حيث باتوا مهددين بعد هذا القرار، بوصفهم "ناشطي/ات حركة المقاطعة"، بالاستبعاد من المهرجانات الألمانية والجامعات والجوائز والممولة من الأموال العامة الألمانية. "إنه لمن اللافت للنظر أن يعتبر البوندستاغ وصحيفة تاتز ومحكمة هامبورغ ذلك بعد ١٦ عاماً كمعاداة سامية تستحق العقاب".

***

في العام ٢٠١٩، أقرت الأحزاب في البوندستاغ قراراً يدعم منع تقديم أموال عامة للمشاريع الداعمة لحركة "المقاطعة". مذاك بات ذاك من العوامل المستبعدة للناشط/ة من القطاع الثقافي الألماني. قدمت أحزاب التحالف الحاكم مجموعة من "المطالب" الجديدة لمكافحة معاداة السامية مطلع هذا الشهر .. تتضمن المطالبة بسد الثغرات وإجراء ما يلزم للتأكد من منع وصول الأموال العامة للمؤسسات المتبينة لسياسة "المقاطعة" .. والمتعاملة مع شخصيات ثقافية ناشطة في حركة "المقاطعة" .. أي أن الأمر لا يتعلق هنا بإلغاء فعالية .. إلغاء جائزة .. بل تهديداً وجودياً إن كان المرء يعتمد على تمويل مشاريعه من الأموال العامة أو يتعاون مع مؤسسات ثقافية تحصل على تمويل عمومي .

***

تحدثت رئيسة تحرير مجلة ثقافية ألمانية في نقاش إذاعي اليوم .. عن محاولة مدراء الأعمال ضبط موكليهم/لاتهم العاملين/ات في القطاع الثقافي ودفعهم لعدم التعليق على المجريات .. "اذهب وتمشى .. ولا تكتب". وعمن باتوا بسلوكهم يشبهون عملاء استخبارات .. أشخاص يتابعون حسابات الشخصيات الفاعلة ثقافياً بحثاً عن مشاركتهم منشوراً أو حتى وضعهم اعجاباً يكفي "لإلغائهم".. الصحفية تأسف للاتجاه المقلق الذي تتخذه السياسات الحكومية .. التي يمكن تلخيصها باستبعاد المختلف .. متمنية حدوث نقاش بين إسرائيليين وفلسطينيين حتى في حال كان الاختلاف شديداً في الآراء .. إن لم يحدث هذا في مساحات ثقافية فأين ينبغي أن يحدث؟

تطرقت أيضاً إلى عالمين موازيين أحدهم يضم النقاد والكتاب في صفحات الثقافة في الإعلام الألماني .. فيه يعتبر استخدام "الابارتايد" معاداة للسامية .. وعالم آخر يعيش فيه ناشطون/ات في حقل ثقافي عالمي في برلين مثلاً .. لا يتابعون ولا يتفهمون مدى حساسية هذه المصطلحات في الوسط الثقافي الألماني ..