يختار الشاعر والفنان العراقي ليث الصندوق أن ينحاز للخضرة وللأشجار ولحدائق الكينونة حيث الإقامة في الكتابة أن يكون "عميلا سريا" لتربة الغابات حيث الحياة البديلة تزهر في لعبة تبادل للأدوار بين ذات والأشياء وهي تنحو في النهاية الى تتحول الى مداد الوقت كي تنكتب على البياض.

أنا عميلٌ سريّ

ليث الصندوق

 

أنا عميلٌ سريّ للحدائق العامة

وللبساتين المتجاوزةِ على مساحة النهار

أتوارى داخل تويجات الورود الغافلة

وأسرقُ شَفراتِ رسائلِها العطرية

وعندما تتعبُ الأشجارُ من الوقوف

أتبادلُ معها الأدوار

لأتحسّسَ رحِمَ السواقي الحوامل

ومن مخبئي السريّ داخل اليقطينة

أراقبُ مؤامراتِ المطر

وأردّ عليها بالطشوتِ والقبعات

**

أنا العميلُ السريّ

للمزارع المزهوّة بأقراطٍ من الخنافس

أكتبُ تقاريرَ عن إصابة الحشائشِ بالصَلَع

وأقترحُ نقلَها للنوم في سريري

وأبالغُ في تقدير خطورة الخصوم

فأوصي بارتداءِ اليعاسيبِ نظّاراتٍ سود

**

أنا العميل السريّ للغابات الولود

تلك التي تُنجبُ في كلّ ولادة

آلافاً من غرف النوم والاستقبال

أبحث عن فسائلَ تُقاسي الوحدةَ واليُتم

وعن براعمَ مَلّتِ العملَ بدوامٍ كامل

فخرجتْ للتنزّهِ حاسرةَ الوجه

وربما أتّهمُ الفراشات والديدان بالخيانة

فأوعز للمقصّ بشنّ حملات تفتيش

وغاراتٍ مفاجئة

**

لا ضرورةَ لإنكار بصمةَ إبهامي

فأنا عميلٌ لسلطات الخضرة من أقصى الأمزون

حتى مذابح النخل البصرية

أتبعُ الدعسوقةَ إلى مستشفى الولادة

متوسلاً إليها أن تُنجبَ توائمَ

ببقعٍ تومض كالمصابيح

وأوقّع مواثيقَ لتقاسم الفصول

ما بيني وبين حديقة الجيران

فلا ساقيتهم تجرفُ حصّتي من الضوءِ إلى تقاويمهم

ولا ساقيتي تُغري ضفادعهم بالانتساب إلى أبنائي

**

أنا والأحراج

تدرّبنا في المعسكرات المُعطّرة بأنفاس الطين

وتقاضينا ثمن عمالتينا عناقيدَ عنب

ربما في غدٍ أتحوّلُ شجرة

فتنمو لأكتافي أغصانٌ وأوراق

وتُحوّلُ عظامي نُخاعَها إلى نسغ..